- عمر عزام: العدو فشل في هزيمتنا عسكريًا.. فلجأ إلى سياسة التفتيت والفتن - عملاء الصهاينة يقفون خلف الأزمة الأخيرة.. ولكنها أفرزت عدة إيجابيات كتب: محمد أبو المجد نظم حزب العمل ندوته السياسية الأسبوعية والتي تأتي لإلقاء الضوء على القضايا السياسية الداخلية والخارجية للأمة, وذلك بمقر المركز العربي للدراسات، وكانت ندوة هذا الأسبوع حول (تطورات الأوضاع في فلسطين.. نظرة عامة) وتحدث فيها المهندس عمر عزام عضو المكتب السياسي وأمين القاهرة, وحضرها عدد من قيادات وأعضاء الحزب وفي مقدمتهم عبد الحميد بركات الأمين العام المفوض، ومحمد السخاوي أمين التنظيم. القضية الأم وفي تقديمه للندوة أكد عبد الحميد بركات أن قضية فلسطين هي القضية الأم وهي أصل الصراع بين الحق والباطل منذ القدم, مضيفًا أنها مرت بمراحل عديدة ومنعطفات كبيرة كان أهمها قيام حركات المقاومة المسلحة ضد الكيان الصهيوني والتي تزعمتها فتح وقادها ياسر عرفات, ثم تحولت فتح بعد ذلك إلى نهج المفاوضات مع الصهاينة في مؤتمرات مدريد وأوسلو مرورًا بظهور نوع جديد من المقاومة ( الإسلامية الجهادية) مثل حماس والجهاد لا تعترف بالكيان الصهيوني ولا بأي اتفاقيات موقعة معه وقادوا المقاومة وطالبوا بوضوح بحقوق الشعب الفلسطيني بشكل واضح حتى أحبهم الشعب ودفع بهم إلى سدة الحكم, فبادر الصهاينة بمحاولة إفشال تلك "الحكومة الإسلامية" ذات النهج المقاوم, وعندما فشل في تحقيق ذلك, لجأ إلى سلاح الفتن وإثارة النزاعات الداخلية, مشددًا على وجوب الوعي التام لكل ما يحدث الآن في فلسطين. واجب شرعي وسياسي أما ضيف الندوة وهو المهندس عمر عزام فقد بدأ كلمته بالتأكيد على أهمية التوقف مع الوضع الفلسطيني والاهتمام به معتبرًا ذلك واجبًا شرعيًا وسياسيًا، فعلى الجانب الشرعي أوضح عزام بأننا كمسلمين يجب أن نهتم بتلك القضية نظرًا لخطورتها على وضع المسلمين بشكل عام, ففلسطين قلب الأمة الإسلامية وبها يقع ثالث الحرمين الشريفين ومسرى النبي محمد صلى الله عليه وسلم – الأقصى الشريف – ولذلك يجب أن تكون تلك القضية في مقدمة أولوياتنا. وأشار عزام إلى أننا أمة واحدة بشهادة القرآن حيث يقول الله عز وجل " وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاعبدون" وفي آية أخرى " وأن هذه أمتكم أمة واحدة وأنا ربكم فاتقون" والآيتان تشيران بوضوح إلى أهمية تحقيق الوحدة معتبرة ذلك من أهم مقتضيات الإيمان والعبادة والتقوى. أما على الجانب السياسي, فأوضح عزام أن فلسطين أقرب لمصر مما نتصور وما يجري فيها ليس ببعيد عنا, بل يؤثر بشكل مباشر في أمن مصر القومي, وطالما أنه هناك استمرار للتوتر في فلسطين فإنه لا مجال للحديث عن الأمن القومي المصري. الوضع العام في المنطقة وقال عزام: إن الناظر الآن للوضع العام في المنطقة يجد أن الحلف الأمريكي الصهيوني حاول تحقيق أهدافه في العراق وفلسطين ولبنان عن طريق قوته العسكرية الكبيرة وترسانته التدميرية الضخمة, ولكنه عجز تمامًا عن السيطرة على أي شئ, ففي العراق وأفغانستان جاءت ضربات المقاومة العراقية والأفغانية لتكبده خسائر قادحة لم يستطع تحملها فبدأ بالتفكير جديًا بالانسحاب بكرامة, وفي لبنان لم يستطع الكيان الصهيوني هزيمة المقاومة الإسلامية اللبنانية عسكريًا, بل على العكس لقي هو الآخر هزيمة منكرة بشهادة قادته, وفي فلسطين ما زالت المقاومة الإسلامية ممثلة في حماس والجهاد وبعض (الوطنيين المخلصين) من فتح يوجهون ضربات متتالية إلى الصهاينة كبدتهم خسائر فادحة معنوية ومادية. استخدام السلاح القذر وأمام هذا الفشل العسكري الواضح, قام الحلف الأمريكي الصهيوني بتعديل سياساته وإعادة ترتيب أولوياته وطرق تحقيق أهدافه, فعمد إلى فكرة التجزئة والتفتيت, وعملوا على زرع الفتن بين أطياف الأمة وفصائلها لتحويل الصراع بيننا وبين عدو واضح المعالم إلى اقتتال داخلي بين أبناء الأمة والوطن الواحد ليصبح العدو في مأمن ويتفرغ لتحقيق أهدافه الخبيثة بعد ما تنهار حركات المقاومة وذلك عن طريق استنزافها في صراعات داخلية وما يحدث الآن في فلسطين والعراق ومحاولة إحياء الفتنة في لبنان خير دليل على هذه السياسة. إنجازات رغم الأزمة ولكن عزام أكد أنه رغم الأزمة الداخلية الأخيرة في فلسطين فلا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك انجازات وإيجابيات تحققت على الأرض, فقد حصل نوع من (الفرز) داخل فلسطين أدى إلى بروز الأطياف الجهادية الإسلامية بمنهجها المقاوم والواضح دون تقديم تنازلات ضد مصلحة الشعب الفلسطيني كما فعلته فتح عندما انجرت إلى فخ المهادنة مع الصهاينة بعد أن كانت أول قوة مقاومة شريفة ضدهم, ولكن الشعب الفلسطيني وعي تمامًا ذلك الأمر, فالتف حول قوى المقاومة الحقيقية وهي المقاومة الإسلامية التي أصبحت خيار الشعب الفلسطيني الوحيد الآن. وأضاف عزام أن العقدين الماضيين شهدا تراجعًا كبيرًا في خط التقدم الصهيوني وبشكل يهدد مستقبله بعد الأداء الرائع للمقاومة الفلسطينية الإسلامية, حيث أجبروا الكيان على الانكماش والتخلى عن فكرة التوسع والتوحش التي سيطرت عليه بعد نجاحه في هزيمة العرب عام 67 – وذلك بالرغم من نجاحه في التوسع اقتصاديًا وسياسيًا وثقافيًا – لكن المقاومة الفلسطينية واللبنانية استطاعت بأدائها المتميز ويدها الطولى التي طالت قلب الكيان الصهيوني وضربه أكثر من مرة وبأكثر من شكل جعلت الهم الأكبر للكيان الصهيوني هو (تأمين الداخل) بعد أن كان يتطلع ويسعى إلى التوسع في الأراضي العربية, وزادت معدلات الفرار من داخل الكيان الصهيوني إلى خارجه لعدم توافر الأمن وهذا هو ما يخشاه الصهاينة على مستقبلهم في المنطقة. وتطرق عزام إلى حركة فتح, فأوضح أنها كانت حركة مقاومة لها تاريخ كبير وخاضت معارك كثيرة ضدهم مثل "معركة الكرامة", ولكنها بدأت تتحول للأسوأ وتتخلى تدريجيًا عن منهج المقاومة خاصة بعد انفتاحها وتعاملها مع الأنظمة العربية العميلة التي كانت تريد تصفية المقاومة الفلسطينية مثل النظام الأردني. فتح.. من المقاومة إلى العمالة وأضاف عزام أن فتح كانت في بدايتها إفرازًا طبيعيًا وخالصًا من الشعب الفلسطيني, ولكنها الآن أصبحت تحوي بين صفوفها العديد من العملاء "المتصهينين" أمثال محمد دحلان وجبريل الرجوب اللذين وصلا لمرحلة من العمالة للصهاينة بشكل غير مسبوق وواضح, فنحن لسنا ضد فتح كمنظمة, وإنما ضد ممارسات بعض أفرادها الذين لا ينتمون بأي حال من الأحوال إلى الشعب الفلسطيني بهمومه وآلامه وجهاده. واعتبر عزام السبب الرئيسي الذي دفع الصهاينة إلى التعامل مع فتح باستمرار واعتبارها الممثل الشرعي للشعب الفلسطيني هو الانتفاضة الفلسطينية الأولى وصعود نجم المقاومة الإسلامية وخوف الصهاينة بأن تهدد تلك المقاومة مستقبلهم فاتجهوا إلى فتح بدلاً من السماح بنمو المقاومة الجهادية الإسلامية الجادة. وأضاف عزام أن الوضع العربي العام المتردي رسميًا قد أثر بشكل كبير على الوضع الفلسطيني وذلك بسبب دخول بعض التنظيمات الماركسية والعلمانية إلى صفوف المقاومة الفلسطينية والتي أثرت بالسلب على النضال الفلسطيني بأفكارها غير الصحيحة, مشددًا على وجوب أن تكون المقاومة متجردة من أي انتماءات غير إسلامية أو جهادية، لكنه أشار في نفس الوقت إلى أن المقاومة الفلسطينية بشكل عام قد تردى مستواها بشكل كبير بعد أن ارتبطت - رغمًا عنها – بالأمراض والآلام. دورنا وشدد عزام على أننا يجب ألا نقف موقف المتفرج على الوضع الدائر الآن بين فتح وحماس, ولكننا يجب أن ننحاز إلى الحق الممثل في حماس بكل الصور, فالمعركة الآن هي معركة بين الشعب الفلسطيني المجاهد الصابر ممثلاً في حماس, وبين الكيان الصهيوني ممثلاً في عملائه الذين رباهم ودفع بهم إلى السلطة في فتح بعد نجاحه في تصفية ياسر عرفات, وهم أفراد معروفون بفسادهم الذي زكم الأنوف وعدم مبالاتهم بمعاناة وآلام شعبهم, فهي حرب (بالوكالة) بين حماس والكيان الصهيوني. الفتحاويون الجدد.. أذناب الصهاينة واعتبر عزام أن من يثيرون الفتنة الأخيرة في فلسطين بعملياتهم التي كان آخرها محاولتي اغتيال رئيس الحكومة اسماعيل هنية ووزير الخارجية محمود الزهار هم عناصر عميلة يحميهم الكيان الصهيوني ويعتبرهم بديلاً في السلطة في حال نجاحهم في القضاء على حماس, ومن يرى تحيز أمريكا والصهاينة الواضح لأبو مازن ورفاقه "الفتحاويين الجدد" في الأزمة مع حماس ومباركتهم الفورية لموضوع الانتخابات المبكرة يبين بوضوح من هو العميل التابع, ومن هو المجاهد المخلص المتجرد. وقال عزام: إن أمريكا التي تدَّعى تمسكها بالديمقراطية والشرعية وتتحجج بذلك لدعم حكومة السنيورة العميلة في لبنان, تتناسى ذلك مع حكومة حماس (الشرعية أيضًا) والمنتخبة من داخل الشعب الفلسطيني, فالشرغية والديمقراطية عندهم هي ما تتبع أهوائهم وتتماشى مع أهدافهم. دعوة للتزوير وشدد عزام على أن الدعوة الأخيرة التي أطلقها أبو مازن بإجراء انتخابات مبكرة إنما هي دعوة (لتزوير) الانتخابات والالتفاف على خيار الشعب الفلسطيني الديمقراطي الذي جاء بحماس إلى الحكم, ومعارضة بعض رموز فتح لهذه الخطوة وعلى رأسهم (فاروق القدومي) يدل على ما تحويه هذه الخطوة من شبهات تصب في صالح الكيان الصهيوني في المقام الأول. حماس وسيناريوهات السلطة وحول موضوع استمرار حماس في السلطة من عدمه في ظل تلك التطورات الدرامية, أكد عزام أن حماس الوحيدة التي تملك الخيار الصحيح الذي تراه في صالح الشعب الفلسطيني وبما لا يهدد شكل المقاومة الجهادي الإسلامي الذي انتخبها الشعب الفلسطيني على أساسه ووثق بها لحكمه. وطالب عزام حماس بأن تغلب الخيار الذي يصب في مصلحة استمرار المقاومة أيًا كان هذا الخيار, فإما أن تستمر في السلطة أو تتركها, ونحن في الحالتين معها لتحقيق الصالح الفلسطيني, ونثق أيضًا بأن الشعب الفلسطيني الذي صبر على الحصار والتجويع ووقف مع حماس سيستمر في دعمه لها وتمسكه بها كمقاومة وحكومة. تحركات مصرية ضعيفة وأشار عزام إلى أن هناك تحركات مصرية تهدف لاحتواء الأزمة في غزة نظرًا لخطورتها الكبيرة على الأمن القومي المصري, ولكن للأسف فإن نطاق هذا الدور يتلخص في أنه (ليس بالإمكان أفضل مما كان) وهذا لا يتناسب أبدًا مع حجم مصر في عيون الشعب الفلسطيني وقواه المجاهدة التي أثبتت أن هذا المبدأ فاشل. وطالب عزام النظام المصري بألا ينحاز لخيار الحلف الأمريكي الصهيوني وأن يكون دوره متغيرًا ومتطورًا طبقًا للأحداث على الأرض وما تشهده من تغيرات لصالح المقاومة الإسلامية، وحذر عزام بشدة من الانخداع بالصورة غير الحقيقية والتي يرسمها الإعلام للمقاومة الإسلامية في فلسطين ولبنان بأن هدفها الرئيسي هو الانقضاض على السلطة والوصول إلى الحكم, موضحًا أن قوى المقاومة لا تريد إلا صالح شعوبها ولعل أوضح مثال على ذلك إعلان هنية مؤخرًا استعداده للتخلي عن رئاسة الوزراء إذا كان ذلك سيخدم الشعب الفلسطيني. مع من نقف؟ واعتبر عزام أن المعركة الدائرة الآن في فلسطين هي معركة بين أهل الحق وأذناب الباطل من الحلف الصهيوني الأمريكي, مؤكدًا أن مشروع المقاومة واحد في كل مكان ونجاحه في مكان معين يعني بالضرورة نجاحه في كل الأماكن, فالمقاومة الشريفة في العراق تلهم المقاومة في لبنان, وانتصارات المقاومة في لبنان تشد من عزيمة المقاومة الفلسطينية وكلهم يعملون لصالح الإسلام بشكل مترابط. وشدد عزام أننا الآن كشعب مسلم بشكل عام وكحزب العمل الإسلامي بشكل خاص نقف بكل قوانا مع حماس لأنها لاهي الفصيل المجاهد الذي ينتمي بحق إلى هذه الأمة ويقفون ضد العملاء الذين يتبنون وجهة نظر العدو, معتبرًا أن التفوق الذي أحرزته حماس في العمل السياسي إنما هو بسبب المبادئ السامية التي تربوا عليها مثل التواضع الشديد والإيمان الكبير وعدم الانفراد بالقرار واحترام كل المخالفين. وطالب عزام في ختام كلمته حماس بأن تواصل سياسة ضبط النفس ضد الممارسات الأخيرة, وأن تفكر قبل أن ترد على تلك الاستفزازات وتغلب مصلحة الأمة على المصالح الشخصية كعادتها دائما, مؤكدًا أنها تملك قدرًا كبيرًا من المرونة والمسئولية تجعلنا نثق بقرب انجلاء الأزمة وعم انتهائها كما يريد العدو الأمريكي الصهيوني بإذن الله.