لم يرد نص في كتاب الله ولا في سنة رسوله ولا إجماع علي وجوب ستر الوجه والكفين لأنهما ليسا بعورة ويحمل تغطية الوجه والكفين علي الاستحباب فقط وهو مذهب أكثر أهل العلم لهذا غالبا ما نجد تصريح العلماء بأن الوجه والكفين ليسا بعورة.. ولما كان لزاما علي المرأة المسلمة بمقتضي آيتي النور والأحزاب أن تستر جسمها من قمة رأسها إلي ظاهر قدميها وليس لزاما عليها أن تخفي وجهها وكفيها بنقاب أو قفاز باعتبار أنه لم يقم دليل صريح من القرآن ولا من السنة بوجود إخفاء الوجه والكفين وها هي أقوال الأئمة الأربعة: أولا: المذهب الحنفي: الأصل في المذهب الحنفي أنه يجوز للمرأة كشف وجهها وكفيها ففي متون المذهب وبدن المرأة الحرة كله عورة إلا وجهها وكفيها وقدميها كتاب اللبان في شرح الكتاب 1/62 وقد بين الكسائي أن موضع الزينة الظاهرة الوجه والكفين.. ولأنها تحتاج إلي البيع والشراء والأخذ والعطاء ولا يمكنها ذلك عادة إلا بكشف الوجه والكفين.. فيحل لها الكشف وهذا قول أبوحنيفة رحمه الله وقال محمد أنور الكشميري قيل.. الزينة هي الوجه والكفان فيجوز الكشف عند الأمن من الفتنة علي المذهب وأفتي المتأخرون يسترهما لسوء حال الناس "راجع كتاب فيض الباري علي صحيح البخاري 1/254" قال الإمام الطحاوي في حاشية مراقي الفلاح ص161 ومنع الشابة من كشفه أي الوجه لخوف الفتنة لا لأنه عورة. ثانيا: المذهب المالكي: قال الشيخ أحمد الدرديري في كتاب أقرب المسالك إلي مذهب مالك وعورة المرأة مع رجل أجنبي عنها جميع البدن غير الوجه والكفين وأما هما فليسا بعورة وان وجب عليها سترهما لخوف الفتنة قال الشيخ الحطاب في كتاب مواهب الجليل لشرح مختصر خليل 1/499 وأعلم انه إن خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين. قال القاضي عبدالوهاب: لا يجب سترهما ويجب غض البصر عن الرؤية. وقال الشيخ الطرابلسي المالكي: وأعلم أنه ان خشي من المرأة الفتنة يجب عليها ستر الوجه والكفين راجع حاشية الدسوقي علي الشرح الكبير 1/214 والمقصود: أنه عند خوف الفتنة يجب ستر الوجه والكفين وإن لم يكن الوجه والكفان عورة في أصل المذهب. قال ابن العربي: والمرأة كلها بدنها وصوتها عورة فلا يجوز كشف ذلك إلا لضرورة أو لحاجة كالشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعن ويعرض عندها "أحكام القرآن 3/1579". ثالثا: مذهب الشافعي: قال الإمام النووي في المنهاج وعورة حرة غير وجه وكفين ففي كشف وجه المرأة وكفيها والنظر إلي ذلك عند الشافعية ثلاث حالات: الأولي: أن يخاف الفتنة أو ما يدعو إلي الاختلاء بها لجماع أو مقدماته فالنظر والكشف في هذه الحالة حرام بالإجماع. الثانية: أن ينظر إليها بشهوة وهي قصد التلذذ بالنظر المجرد وأمن الفتنة فيحرم مطلقا وعلي المرأة أن تستر وجهها وكفيها. الثالثة: أن تنتفي الفتنة وتؤمن الشهوة ففي هذه الحالة قولان: 1- لا يجوز النظر ولو من غير مشتهاة أو خوف فتنة علي الصحيح.. وهو قول النووي في المنهاج قال العلامة السبكي: إن الأقرب إلي صنع الأصحاب أن وجهها وكفيها عورة في النظر لا في الصلاة. 2- لا يحرم عند أمن الفتنة وعدم الشهوة لقوله تعالي "ولا يبدين زينتهن" وهو مفسر بالوجه والكفين كما قال الجمهور والشيخان "النووي والرافعي". رابعا: المذهب الحنبلي: قال الإمام أحمد كل شيء منها أي من المرأة الحرة عورة حتي الظفر جملة.. "راجع كتاب زاد المسير في علم التفسير". نقل العلامة مفلح عن شيخ الإسلام قوله: وكشف النساء وجوههن بحيث يراهم الأجانب غير جائز "راجع كتاب الآداب الشرعية والمنح المرعية 1/316". وقال ابن مفلح: قال أحمد: ولا تبدي زينتها إلا لمن في الآية ونقل أبوطالب: ظفرها عورة فإذا خرجت لا تبدي شيئا.. وفي المذهب.. أن المراد ب"الزينة" الثياب وقالوا المرأة كلها عورة لحديث الترمذي "المرأة عورة" حسن صحيح وهذا عام إلا ما خصه الدليل. قال الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز العنقري في كتاب "الروض المربع شرح زاد المستنقع للبهوي مع حاشية العنقري 1/140" وكل الحرة عورة حتي ذوائبها. وخلاصة القول في المذهب أنهم متفقون علي وجوب تغطية المرأة لبدنها عن الأجانب سواء منهم من يري أن الوجه والكفين عورة كالحنابلة وبعض الشافعية ومن يري أنهما ليسا بعورة كالحنفية والمالكية. وجمهور الشافعية لكنهم يوجبون ستراهما عند خوف الفتنة "خاصة إذا كانت المرأة علي قدر كبير من الجمال والفتنة" وخاصة في هذا الزمان وذلك لفساد أكثر الناس ورقة دينهم وعدم تورعهم عن النظر المحرم إلي وجه المرأة الذي هو مجمع المحاسن ومعيار الجمال ومصباح البدن لذا قال الإام أبوحامد الغزالي لم يزل الرجال علي مر الزمان مكشوفي الوجوه والنساء يخرجن منتقبات "انظر كتاب إحياء علوم الدين 4/729". وقال ابن حجر: إن العمل استمر علي جواز خروج النساء إلي المساجد والأسواق والأسفار منتقبات لئلا يراهن الرجال.. كتاب "فتح الباري 337.9". وعليه فإن من قال إن النقاب بدعة دخيلة علي الإسلام أو أنه ليس من الدين فهذا الوصف غير علمي وغير موضوعي.. فالقضية خلافية في الحكم عليه بين الفقهاء كما سبق وسبب الخلاف يرجع رلي موقفهم من فهم النصوص الواردة ومدي فهمهم لها حيث لم يرد نص قطعي الثبوت والدلالة ولو وجد لحسم الأمر ولذا فريق يجيز كشف الوجه واليدين عند أمن الفتنة تيسيرا ورفعا للحرج وفريق يمنع ويوجب سترهما لأن جسد المرأة عندهم عورة. ولا نستطيع أن ننكر علي من أخذ بهذا أو أخذ بذاك لأنه لا إنكار في الأمور الخلافية والمسلمة التي تأخذ بالأورع والاتقي خروجا من الخلاف وعملا بالأحوط لا تلام علي ذلك ما دام هذا لا يترتب عليه ضرر لمصلحة عامة ولا يؤذي أحدا. ومما سبق بتين لنا: 1- إن النقاب من الإسلام بدليل أقوال الفقهاء وليس عادة. 2- إن النقاب ليس بدعة منكرة. 3- إن النقاب محل خلاف بين الفقهاء من حيث وجوبه وعدم وجوبه. ذكر الشوكاني في كتابه نيل الأوطار: ونقل ابن رسلان اتفاق المسلمين علي منع النساء أن يخرجن سافرات الوجوه. ونقل النووي في روضة الطالبين 5/366 عن إمام الحرمين الجويني: اتفاق المسلمين علي منع النساء من الخروج سافرات. وقال العلامة المودودي: وما تعامل عليه النسا علي عهد النبي صلي الله عليه وسلم "لم ير في الأمر مجالا للجحود بأن المرأة قد أمرها الشرع الإسلامي بستر وجهها عن الأجانب ومازال العمل جاريا عليه منذ عهد النبي صلي الله عليه وسلم إلي اليوم". وإن النقاب مما قد اقترحه القرآن نفسه من حيث حقيقته ومعناه وأن لم يصطلح عليه لفظا وكان نساء المسلمين قد اتخذته جزءا من لباسهن لخارج البيت بمرأي من الذات النبوية التي نزل عليها القرآن وكان يسمي نقابا في ذكل العهد أيضا "راجع كتاب الحجاب ص3226-.330 وفضيلة الشيخ يوسف الدجوي له فتوي مطولة قال فيها إن الحكم الشرعي في هذا هو تحريم هذا التبذل وذلك السفور وحتي أن من يبيح كشف الوجه والكفين من العلماء يجب أن يقول بالتحريم لما يفعله النساء الآن. وفضيلة الشيخ عطية صقر: رجح وجوب التغطية إذا كان علي الوجه زينة أو يسبب فتنة. وأخيرا فإن رأي جمهور الفقهاء يجيز كشف الوجه والكفين والرأي الآخر يوجب النقاب كما سبق بيانه.