مر قبل أيام عشرون عاما على انتفاضة الأقصى التي اندلعت عقب فشل محادثات كامب دافيد التي رعاها الرئيس الأمريكى الأسبق بيل كلينتون بين الرئيس الفلسطينى الراحل ياسر عرفات ورئيس الوزراء الإسرائيلى إيهود باراك . لم تكن تلك المحادثات التى أراد كلينتون التأهل عبرها لنيل جائزة نوبل للسلام على غرار سلفه الديمقراطي جيمي كارتر. ولكن مواقف الفلسطينيين والإسرائيليين لم تمكنه من نيل مراده وتحقيق انفراجة فى المفاوضات التى اصطدمت وقتذاك بتعنت إسرائيلي بالغ، خاصة فى ظل تولى شلومو بن عامي وزارة الخارجية، وهو المنظر الذى اقترح على باراك توطين الفلسطينيين فى جزء من سيناء، الأمر الذى رفضه الرئيس الراحل حسنى مبارك وقتها. كما أن الإسرائيليين تشددوا فى فرض رؤيتهم فيما يتعلق بقضيتي القدس واللاجئين، فى الوقت الذى تلقت فيه قيادات حركة فتح توجيهات بالاستعداد لشن احتفالات ضخمة فى الشوارع الفلسطينية ابتهاجا بوصول عرفات الى حلول نهائية لجميع قضايا النزاع و إعلان الدولة الفلسطينية العتيدة وعاصمتها القدس. ولكن تعقيدات اللحظات الأخيرة ورضوخ كلينتون لوجهة نظر إيهود باراك وبن عامي، بدلت التوجيهات التى تلقتها فتح بتنظيم الاحتفالات الى رفع حالة الاحتقان الفلسطينى، ليستغل أرييل شارون المتشدد الليكودي فشل مفاوضات كامب ديفيد ليقتحم المسجد الأقصى لتندلع إثر هذه الخطوة الحمقاء انتفاضة الأقصى التى بدأت بمقتل الطفل محمد الدرة على مفرق نتساريم فى قطاع غزة لتبدأ دائرة الدم بين الطرفين. استمرت الانتفاضة وقتا طويلا حوصر خلالها ياسر عرفات لتنتهي حياته مسموما، وتتلاشى مع موته ملامح اتفاقيات أوسلو التى لم تصنع سلاما مبدئيا أو نهائيا مع إسرائيل التى قضت بدورها على كل ما تحقق للفلسطينيين خلال فترة سريان هذه الاتفاقيات، ليعود الوضع الفلسطينى الى ما قبل توقيعها فى سبتمبر 1993. خلال فترة انتفاضة الأقصى، كانت القيادات العربية قبل الشعوب فى حالة انتفاضة هى الأخرى، فلم تخف دولة عربية وإسلامية دعمها للفلسطينيين شعبا وقيادة، ولم تستثن أي عاصمة عربية تقريبا من مظاهرات الشباب والطلبة تأييدا لمطالب الفلسطينيين المشروعة، والتى ستظل مشروعة لحين رضوخ إسرائيل لحلها ولو بعد حين. وسيظل السلام ضائعا مهما تغيرت الأحوال بالمنطقة، فالفيصل هو رضاء الفلسطينيين عن نتائجه وليس ما يراه دونالد ترامب. * نقلًا عن صحيفة الأهرام