بشكل عام اتسم عهد الرئيس مبارك بدرجة كبيرة من التسامح السياسي وإمكانية تعبير التيارات السياسية المختلفة عن نفسها في المجلس. كما اتسم بممارسة أشكال جديدة من أنماط السلوك البرلماني وبدرجة عالية من الاستقرار المؤسس والدستوري فقد استكملت المجالس التشريعية لأعوام1990 و1995 و2000 و2005 مدتها كاملة بينما تم حل مجلس1984 و1987 بناء علي حكم من المحكمة الدستورية العليا. وقد شهدت الفترة من1981 وحتي2005 ستة انتخابات برلمانية. ففي سنة1984 جرت أول انتخابات تشريعية في عهد الرئيس مبارك, وذلك بعد اكتمال المجلس لمدته الدستورية التي بدأت في1979. وقد جرت هذه الانتخابات بنظام القوائم الحزبية بمقتضي القانون رقم14 لسنة1983 وبلغ عدد أعضاء المجلس448 عضوا, وأسفرت نتائج الإنتخابات عن فوز الحزب الوطني بعدد390 مقعدا وحزب الوفد الذي ضمت قائمته ممثلين من التيار الإسلامي58 مقعدا وقاد الوفد المعارضة في هذا المجلس. ونظرا لحرمان المستقلين من الانتخابات توجه بعض المواطنين بدعوي للمحكمة الدستورية العليا لإعلان عدم دستورية هذا النظام.. وهذا ما أقرته المحكمة في1986, ووفقا لذلك دعا رئيس الجمهورية إلي إستفتاء لحل المجلس وأصدر القانون188 لسنة1986 الذي عدل فيه نظام الانتخاب بحيث تم الجمع بين نظامي الانتخاب بالقائمة والانتخاب الفردي. وفي1987 جرت الانتخابات وفق النظام الجديد, حيث تم الجمع بين القوائم الانتخابية ومقاعد للمستقلين48 مقعدا وتنافس علي مقاعد المجلس البالغ عددها448 مقعدا عدد3592 مرشحا, من بينهم1937 مرشحا علي المقاعد المخصصة للمستقلين بنسبة54% من إجمالي عدد المرشحين, وعدد1655 مرشحا علي القوائم الانتخابية الخمسة لأحزاب الوطني, والوفد, والتجمع, والأمة, والتحالف الذي ضم مرشحي حزب العمل والأحرار والجماعة المحظورة. وأسفر هذا التنافس عن حصول الوطني علي346 مقعدا, بينما فاز تحالف حزب العمل بعدد60 مقعدا, والوفد ب35 مقعدا.. أما بالنسبة للمستقلين فقد أعلن معظمهم بعد الفوز إنضمامهم للحزب الوطني مما جعل عدد المستقلين ينقص إلي5 نواب. وقد شهدت هذه الدورة أعلي نسبة لتمثيل المعارضة منذ عودة العمل بنظام تعدد الأحزاب وحتي إنتخابات2005. ونتيجة لإعلان عدم دستورية قانون الانتخابات الذي أجريت وفقا له انتخابات1987, صدر قانون جديد تم بمقتضاه العودة إلي نظام الإنتخاب الفردي مما أدي إلي إجراء انتخابات في عام1990. وقد شارك في هذه الانتخابات بالحزب الوطني والتجمع وعدد كبير من المستقلين بلغ عددهم2135 مرشحا بنسبة80% من اجمالي عدد المرشحين الذين بلغ عددهم2676 وقاطع الانتخابات حزبا الوفد والعمل. وفاز الوطني بعدد262 مقعدا والمستقلون ب177 مقعدا بنسبة40% من إجمالي مقاعد البرلمان, وهو ما جعل منهم القوة الثانية داخل المجلس قبل الانضمام عدد كبير إلي الحزب الوطني ونتيجة لهذا زاد عدد الوطني إلي360 نائبا بنسبة81% من إجمالي المقاعد, وفاز التجمع ب(5) مقاعد. وفي انتخابات1995 شارك مختلف القوي السياسية والحزبية والتي ضمت مختلف الاتجاهات, وارتفع عدد المرشحين من2676 مرشحا في1990 الي3980 في انتخابات1995 بزيادة تصل إلي67%. كان من بينهم3150 مرشحا مستقلا بنسبة79% من إجمالي عدد المرشحين, مقارنة بعد مرشحي الاحزاب الذين بلغ عددهم830 مرشحا بنسبة21% أي ما يقرب من أربعة أمثال عدد مرشحي الأحزاب. ويرجع ازدياد عدد المرشحين الي مشاركة14 حزبا واستمرارية ظاهرة المستقلين, والتي يمكن تفسيرها علي ضوء عدم الإلتزام الحزبي, وخاصة من أعضاء الحزب الوطني الذين لم يلتزموا بتأييد من تم اختيارهم كمرشحين باسم الحزب. بالإضافة إلي ما أتسمت به هذه الإنتخابات من زيادة واضحة في الترشيح من جانب المرأة والأقباط فقد قامت83 امرأة بخوض الانتخابات ونجحت منهن5 فقط والأقباط57 مرشحا لم ينجح منهم أحد, وعلي مستوي الناخبين فمن أصل21 مليونا أدلي10 ملايين بأصواتهم بنسبة تقترب من50% مقارنة بانتخابات1990 والتي بلغ إجمالي عدد الناخبين فيها16 ملايين ناخب شارك في التصويت منهم6 مليون ونصف بنسبة40%. ومع الأسف إزدادت ظاهرة العنف بشكل ملحوظ في هذه الانتخابات حيث قتل60 شخصا وجرح700 آخرين. وقد حصل الوفد في هذه الانتخابات علي6 مقاعد والتجمع علي خمسة مقاعد, وكل من أحزاب العمل والأحرار والناصري علي مقعد واحد بمجموع14 مقعدا لأحزاب المعارضة, بينما حصل الحزب الوطني علي317 مقعدا بنسبة(71,5%) والمستقلون علي114 مقعدا. وبانضمام100 إلي الحزب الوطني ارتفع عدد مقاعد الوطني الي417 مقعدا بنسبة94% من إجمالي مقاعد المجلس كذلك إنضم أحد المستقلين إلي حزب الناصري ليصبح للحزب مقعدان ويرتفع مجموع مقاعد المعارضة الي15 مقعدا. أما انتخابات2000 فقد اتسم المناخ الانتخابي لهذه الدورة بأنها تمت في العام الثاني علي بداية فترة ولاية رئاسية جديدة وطرح الرئيس مبارك برنامجه بشأن تحديث مصر وتشكيل حكومة جديدة في اكتوبر1999 بالاضافة الي انها ترافقت مع بداية ألفية جديدة مما جعل البعض يطلق اسم برلمان الأمل, وتم إشراف قضائي كامل وفقا للقرار الجمهوري رقم176 لسنة2000 والذي صدر استجابة لحكم المحكمة الدستورية العليا في18 يوليو2000.. وترتب علي هذا القرار اجراء الانتخابات علي3 مراحل يشمل كل منها عددا من المحافظات وحتي يتسني توفير العدد الكافي من القضاة. وقد بلغ عدد المرشحين3957 بزيادة نحو4% عن1995 من بينهم854 مرشحا حزبيا بنسبة22,6% وقد قام الحزب الوطني بالترشيح علي جميع مقاعد المجلس وبتغيرات شملت نحو45% من مرشحيه في عام1965.. فضمت قائمة الحزب100 مرشح شاب, و35 أستاذا جامعيا و45 محاميا و30 مهندسا و125 من قيادات للنقابات بالاضافة الي5 وزراء. وبلغ عدد مرشحي احزاب المعارضة الرئيسية الأربعة الوفد والتجمع والناصري والأحرار352 مرشحا بنسبة8,89% من اجمالي المرشحين من بينهم224 وفد بنسبة63,6 من مرشحي المعارضة وقدمت الأحزاب الأخري58 مرشحا بينما بلغ عدد المرشحين3104 مرشحين بنسبة78,4 من إجمالي عدد المرشحين. وبلغ عدد المقيدين في الجداول24 مليونا و600 ألف ناخبا شارك منهم25% في التصويت. وكان القائد الأول في الانتخابات هم المستقلين الذين نجح منهم236( قبل إنضمام غالبيتهم الي الحزب الوطني) يليهم الحزب الوطني ب172 نائبا بنسبة38,9 ثم انضم إليهم216 نائبا الذين تقدموا تحت صفة المستقل. وجاء في المركز الثالث التيار الديني الجماعة المحظورة بعدد17 نائبا خاضوا الانتخابات بصفة مستقل وتساوت معهم أحزاب المعارضة بنسبة3,84 وضم هؤلاء7 من حزب الوفد, و6 من حزب التجمع, و3 من الحزب الناصري, ومقعدا واحدا لحزب الأحرار وقد استمر20 مستقلا لم ينضموا إلي أي حزب سياسي. واتسمت هذه الإنتخابات بعدد مرشحي للتيار الديني واستمرار تغيير النواب حيث انضم310 اعضاء جدد بنسبة70%. أما انتخابات2005 فقد شارك جميع الاحزاب السياسية في الانتخابات والتنسيق فيما بينها الأمر الذي تمثل في إنشاء الجبهة الوطنية من أجل التغيير وبهدف تنسيق أنشطة احزاب المعارضة بشكل عام. كما شارك150 مرشحا من الجماعة المحظورة بصفة مستقلين, والجديد أنهم دخلوا باسم الإخوان المسلمين واستخدموا شعاراتهم الدينية. وقد شهدت هذه الانتخابات لاول مرة تقنية الحبر الفسفوري. وبلغ عدد المرشحين5177 مرشحا منهم444 مرشحا عن الحزب الوطني و160 مرشحا عن أحزاب المعارضة و473 مرشحا مستقلا بنسبة88% من اجمالي عدد المرشحين, وكان أغلبهم من أعضاء الحزب الوطني الخارجين عن الإلتزام الحزبي وممثلي التيار الإسلامي. واتسمت هذه الانتخابات بشدة المنافسة وكثرتها مما أدي إلي تفتيت الأصوات والاعادة في عدة دوائر. ومن تحليل نتيجة الانتخابات يتضح ان الحزب الوطني قد حافظ علي اغلبيته بعدد311 مقعدا من اجمالي432 وعدد166 مرشحا مستقلا من أعضاء الحزب الذين تمت إعادة تسميتهم قبل جولات الإعادة. ويلي الحزب الوطني المنتسبون للمحظورة والذين بلغ عددهم88 نائبا بنسبة20% من عدد المقاعد يليهم21 نائبا مستقلا ويأتي في النهاية أحزاب المعارضة وعددهم12 نائبا( الوفد6 والتجمع2, والغد2, الكرامة تحت التأسيس2). والسؤال الذي يطرح نفسه في انتخابات اليوم هل ستقوي المعارضة الشرعية وتتراجع المحظورة ؟!