لاشك أن برلمان2010 مهما كانت تركيبته السياسية ينتظره الكثير والكثير سواء فيما يتعلق بالتشريع أو الخدمات..ربما تبدو حاجة الناس ملحة لمن يقدم لهم الخدمات بسبب تزايد البطالة وصعوبة توفير فرص العمل. وكذلك إنهاء عشرات المشكلات التي تعاني المحافظات المصرية منها, وربما علي نفس المستوي تبدو احتياجات مصر إلي تشريعات مهمة في المرحلة المقبلة, لعل أبرزها قانون التأمين الصحي المنتظر طرحه علي الدورة المقبلة وتشريع آخر يتعلق بكيفية التصرف في أراضي الدولة.. وغيرهما. تحقيقات الأهرام طرحت العديد من التساؤلات حول شكل وتركيبة وتوقعات الأداء لبرلمان2010 فكانت هذه هي الحصيلة: لم تشهد الحياة النيابية والبرلمانية استقرارا مثلما حدث في السنوات الأخيرة بدوراتها التي اكتملت والتي قد افتقدت لهذا الاكتمال لسنوات طويلة, ويمثل البرلمان جميع الفئات.وبدأ يشهد استقرارا كان مفقودا علي مدار150 سنة, شهدت خلالها الحياة البرلمانية تغيير7 نظم مختلفة,, لكن الشئ المبشر أن الدورات البرلمانية الأخيرة شهدت نوعا من الاستقرار والايجابية, وزاد معدل التعبير عن الرأي والحريات ومشاركة الأحزاب, ولم يتم الاكتفاء بالمقاعد السابقة444 بل تم إضافة الكوتة64 مقعدا للسيدات, بالإضافة إلي10 معينين من قبل رئيس الجمهورية. وهو تقدم غاية في الأهمية, وهو ما يؤدي لمزيد من الاستقرار, ومع تواجدنا في عصر الاتصالات السريعة من دخول الانترنت في حياتنا بقوة ورسائل التليفون المحمول والتي ساهمت هي الأخري في تغيير شكل ونوعية الدعاية مع دخول العديد من العوامل الثقافية والاجتماعية علي المجتمع, وهذا الوضع حتما سيكون له تأثير أكبر وأعمق في الدورات القادمة.. وأعتبر هذه الدورة فاصلا قويا وبداية لايستهان بها فهي لها وجه مختلف. يقترب عمر الحياه النيابية نحو قرنين من الزمان, منذ عهد محمد علي, وكان أقدم مجلس نيابي أول مجلس عربي.. وهذه البداية النيابية لم تأتي من فراغ فمصر هي صاحبة التشريعات الأولي في العالم منذ الملك مينا موحد القطرين قبل5200 سنة مع بداية الدولة القديمة عندما جعل من قانون تحوت, إله الحكمة, القانون الموحد السائد في مصر بكاملها, وفي عصر الدولة الفرعونية الحديثة برز دور الملك حور محب الذي يعد من أهم المشرعين في تاريخ الإنسانية, حيث تميزت تشريعاته بالطابع المدني بعيدا عن الاعتبارات الدينية, كما اهتم بإصدار العديد من القوانين التي تنظم العلاقة بين الفرد والسلطة الحاكمة, وإن كانت هذه صورة مصر القديمة وما قدمته من تشريعات تمثل اللبنة الأولي للحياة النيابية الحديثة التي بدأت بشكل متواضع عام1824 في عهد محمد علي, فسوف نستعرض المجالس المتتالية وما يحكمها من تشريعات حتي يومنا هذا لكن.. وتم الاستعانة ببيانات من موقع مجلس الشعب علي الانترنت وبعض الدراسات الأخري.. ونسرد تاريخ الحياه النيابية ونركز علي بعض الجوانب التحليلية لتتضح الصورة كالتالي: المجلس العالي(1824-1837).. كانت البداية الأولي لتطور الحياة النيابية في مصر مع إنشاء المجلس العالي الذي أسسه محمد علي في نوفمبر1824, وكان يتكون من نظار الدواوين ورؤساء المصالح واثنين من الأعيان من كل مديرية يقوم أهالي المديرية بانتخابهما. ورغم ذلك نجد أن مجالس النواب التي جاءت في ظل دستور1923 قد تعرضت للحل أكثر من مرة, حتي تم حل البرلمان في يناير عام1952 عقب حريق القاهرة وظلت مصر بدون برلمان حتي قيام الثورة في23 يوليو1952, وأعلن مجلس قيادة الثورة في العاشر من ديسمبر1952 سقوط دستور.1923 ? المجالس النيابية منذ قيام ثورة23 يوليو1952, من يناير عام1956 أعلن دستور1956 الجديد, وعلي أساس هذا الدستور شكل أول مجلس نيابي في ظل ثورة23 يوليو وبدأ جلساته في22 يوليو1957, وقد أطلق عليه اسم مجلس الأمة, واستمر حتي فبراير.1958 الاستقرار وتولي الرئيس محمد حسني مبارك رئاسة الجمهورية في14 من أكتوبر1981, حيث كانت بداية جديدة, وأدخلت عدة تعديلات بقوانين علي نظام انتخاب مجلس الشعب, بحثا عن الأسلوب الأمثل للتمثيل الشعبي, ففي عام1983 تم إقرار نظام الانتخاب بالقائمة الحزبية, والتمثيل النسبي, وشاركت فيها مختلف الأحزاب السياسية, وفي عام1986 صدر قانون بتعديل نظام الانتخاب علي أساس الجمع بين نظام القوائم الحزبية والنظام الفردي, غير أن التجربة أسفرت عن العودة إلي نظام الانتخاب الفردي, ففي عام1990 صدر قرار بقانون بالعودة إلي ذلك النظام, الذي يسبقه, وقسمت الجمهورية إلي222 دائرة انتخابية, انتخب عن كل منها عضوان, يكون أحدهما علي الأقل من العمال والفلاحين, وأصبح عدد أعضاء مجلس الشعب454 عضوا منهم عشرة أعضاء يعينهم رئيس الجمهورية, وأكمل هذا المجلس مدته الدستورية في12 من ديسمبر1995, حيث أجريت الانتخابات التشريعية, وتم انتخاب المجلس الجديد الذي بدأ دور انعقاده الأول في13 من ديسمبر1995, وفي عام2000 جرت أول انتخابات تشريعية لمجلس الشعب المصري تحت الإشراف الكامل للقضاء مما جعل هذه الانتخابات تعد الأولي من نوعها في التاريخ النيابي المصري حيث أسفرت عن فوز عدد غير قليل من القوي السياسية الفاعلة في المجتمع المصري سواء كانت هذه القوي حزبية أو من المستقلين. نشأة مجلس الشوري في الاستفتاء الذي جري يوم20 أبريل1979 كان الدستور يأخذ بمبدأ تحديد عدد أعضاء المجلسين بنسبة معينة من عدد السكان, فكان أعضاء مجلس النواب في ظل دستور سنة1923 هو214 عضوا, واستمر كذلك من عام1924 إلي عام1930, ثم زاد إلي235 عضوا, ثم نقص العدد في ظل دستور سنة1930 الذي استمر العمل به من عام1931 1934 إلي150 عضوا, ثم زاد العدد مرة أخري في ظل عودة دستور1923 الذي استمر العمل به من عام1936 1952 ليصبح232 عضوا من عام1936 إلي1938, ثم أصبح العدد264 عضوا من عام1938 إلي1949, ثم زاد بعد ذلك في عام1950 إلي319 عضوا, وظل كذلك حتي قيام ثورة يوليو في عام.1952 هذه هي رحلة الحياة النيابية في مصر فهي تعيش تجربة جيدة تميل إلي الاستقرار الذي ظل مفقودا لنحو150 عاما حتي تولي الرئيس مبارك الحكم وهذه حقيقة تشهد عليها الوقائع والأرقام والأحداث.. لكن هل ستستمر عملية استقرار المجالس النيابية في مصر وتزايد مناخ الديمقراطية خاصة التي شاهدناه وعايشناها في الدورتين الأخيرتين, بحيث تمثل جميع فئات الشعب وبنسب معقولة في المجالس, لكن هناك شواهد علي أن هذه الدورة تراجع فيها تمثيل المعارضة بشكل حاد وهذا يخالف الخط الذي سارت عليه الانتخابات في الدورات الأخيرة.. فماذا حدث في الدورة الأخيرة الحالية من تغيرات وسننتظر حتي تكتمل الانتخابات وتتضح الصورة بالكامل؟