هكذا خلقها الله تجمع بين كل المتناقضات فى آن واحد، فهى أرض حوريب أى الخراب قديما، وأرض الجدب، وفى الوقت نفسه أرض النماء والفيروز وسين الآلهة عند الفراعنة قديما.. إنها سيناء على مر عصورها، قهرت الغزاة وقهرت كل من يحاول قراءة واقعها.. ثرواتها أبت على المستثمرين وكنوزها تبحث عن المخلص.. عن البطل فى ظل تراجع الحكومة عن دور البطولة فيها. الطريق إلى وسط سيناء يشبه السير فى صحراء من العصور الوسطى، فالسيارات محاطة بالجبال والصحراء الممتدة على مدى الرؤية، ناهيك عن سوء حالة الطريق المؤدى إلى الجفجافة، وغيرها من المناطق، حيث أقلتنى السيارة حتى الحدود مع إسرائيل فى وادى العمرو قرب العوجة وعبر الجبال إلى مناطق أخرى. كل الطرق فى الوسط سيئة لا يقهرها إلا العارفون ببطونها والذين يفضلون الليل فيها على النهار، إذ إن الجرذان وبقايا الحيوانات البرية تكون "ونيسهم" خاصة فى الجبال الوعرة، التى تخفى أكثر مما تبدى وتضم أصنافا من أطيب البشر، فى "البسيطة" أناس عاشوا فى جبالها ارتضوا بحياة أقل ما توصف بكونها حياة تشبه حياة العصور الوسطى. لا يمكن أن نترك هذه الأرض، قالتها سيدة بدوية التقيتها فى الجفجافة، قالت "تربينا فيها ألفناها وألفتنا، اعتدنا على السير بضعة كيلو مترات لملأ الجراكن وإشعال النار لطهى الطعام وصناعة الخبز، أولادنا يموتون لو تركوا الصحراء بيننا وبينها موثق وعهد لا نخونه". "أخى كان من المجاهدين قبل أن يلقى ربه، كان يتمنى أن يحصل على 5 أفدنة وكان يتمنى أن تكرمه الدولة بعد أن وعدهم رئيس جمعية المحاربين القدماء بسيناء أن يحصلوا على معاش 500 جنيه فى الشهر، كان آخر معاش تقاضاه 14 جنيها فى الشهر، وهو معه نوط الامتياز وغيره الكثيرون". وفى سيناء عشرات الجبال الوعرة لعل أشهرها جبل الحلال التى دارت فيه معارك طاحنة بين الشرطة ومهربين وعناصر إرهابية مسلحة قتلت، والتى استخدمت فيها الطائرات لأول مرة. هناك عدة جبال قرب الحدود يمكن للمتابع رصدها إما بدليل أو بخبير جيولوجى، ومنها جبال "ضلعة والعمود والوجين وجبل لبنى وأم عساجيل والمغارة وقديرة ويلق وأبوصيرة والحسنة وشريف والمطلة ومويلح وأم منوف وشعيرة والسويفة والحمرة والتمد وشعيود وأم على والبروك والأسعد وأم مرجم والبروك والغرة وأم خشيم والجدى وسحابة والطويل وحيطان والزرافة بالوسط". بخلاف جبال شاهقة فى سيناء الجنوبية علاوة على الأودية والطرق التى لا يعرفها إلا قلة، ومنها "وادى قرية والمهتم والتلن وبرقة و الروان والقبة والريد وأبو لديب والنتيلة والبروك وفهدى والشريف والجدى والجرو والحسنة والاثلى والأزارق والفتح والجرافى والمعين والجافى أو الجافية وهو ممتد من الحدود الإسرائيلية للمصرية، وخوشة على الحدود".. وأودية أخرى ومناطق وعرة تمتد بسيناء وتستخدم فى ظل فراغها فيما يشغل فراغ البعض ويملأ جيوبهم بالمال، وتستخدم الأودية فى إيواء الأجانب والأفارقة لتهريبهم إلى إسرائيل. الفراغ هو السبب، قالها محمد بحيرى عضو مجلس محلى المحافظة عن وسط سيناء، وأضاف أن الفراغ هو الدافع الأساسى للشباب لارتكاب الجرائم والانحراف، والحل هو أن تتوقف الحكومة عن كثرة الكلام وتبدأ فى برامج تنموية جادة لوسط سيناء، وأن توفر المشروعات الزراعية والصناعية. الشيخ محمد عواد قال إن هناك 15 طفلا من الوسط عليهم أحكام كبيرة وهم لم يصلوا لسن الرشد، أحكام تتراوح من 18 إلى 30 سنة وطالب النائب العام بإعادة النظر فى الأحكام الصادرة على عشرات الأطفال من وسط سيناء. مصطفى سنجر القيادى فى حزب التجمع قال: أعتقد أن الحكومة ورموزها السياسيين استمعوا إلى مطالب مواطنى سيناء، والمشكلة ليست فى وصول أصوات الأهالى إلى القادة السياسيين، بل فى اختلاف الرؤى بين الطرفين، فالمواطن من جهة يطالب بحقوق، والقادة السياسيون ارتأوا أن الخدمات من الممكن أن تلبى للمواطن بمقابل لأن الدولة تحولت إلى تاجر يبيع الخدمات لا طرف يؤدى الخدمات، ومن هنا نؤكد خطورة منحى الحكومة فى واجباتها نحو الشعب، وخاصة السيناوى، الذى يجب أن يستثنى بصفه خاصة فى تلبية مطالبه بسرعة. وأضاف: مثلا نجد أن الحكومة تعرض أراضى ترعه السلام للمستثمرين وتعرض تطوير ميناء العريش للقطاع الخاص وتوقف قطاع الإسكان الشعبى عن العمل، ونجد المحافظ يروج لجامعة سيناء الخاصة والمملوكة لرجل أعمال ويتباهى فى كل لقاء بجهوده فى إعمار سيناء. التقيت النائب عطية أبو قردود عضو مجلس الشوى، فقال: " الواحد زهق من الكلام، وأنت عارف إن إحنا تكلمنا كتير من غير فايدة، والحل قلناه لكل الدنيا والمسئولين، بداية من اللجان البرلمانية إلى جمال مبارك ورئيس الوزراء، لنا مطالب محددة معروفة، ورغم أنها معروفة كأن الحكومة لا تعرفها، منها إحداث تنمية فى الوسط وتوصيل ترعة السلام للسر والقوارير وخط مياه للوسط ومحافظة ودائرة انتخابية مستقلة للوسط، وتشغيل الشباب وتأمين الحدود".