ما الذى تعتقده الغالبية العظمى لعامة المسلمين حقيقة؟ فبدلا من الاستماع للمتطرفين أو الاعتماد على آراء رجال الدين فحسب، لماذا لا نعطى الفرصة للأغلبية الصامتة للتعبير عن رأيها، وإلى أى حد سيكون هذا الصوت مختلفا أو متشابها مع الأصوات الأخرى من أمريكا؟. للإجابة على هذه الأسئلة، أجرى مركز جالوب للدراسات الخاصة بالمسلمين بالولاياتالمتحدة دراسة، بإشراف داليا مجاهد المدير التنفيذى لمركز جالوب ومستشار أوباما لشئون الأديان، والتى نشرت فى كتاب بعنوان "من يتحدث باسم الإسلام.. ما الذى يعتقده بليون مسلم حقيقة؟". واستغرقت هذه الدراسة ست سنوات من البحث، وأجريت من أجلها أكثر من 50 ألف مقابلة تمثل 1.3 بليون مسلم، يعيشون فى أكثر من 35 دولة يكون معظم سكانها من المسلمين، أو يوجد عدد كبير من المسلمين بين سكانها، وهذه الدراسة تمثل أكثر من 90% من المجتمع المسلم على مستوى العالم، لذا فإنها أكبر و أشمل دراسة من نوعها. وكشفت الدراسة عن بعض المعلومات اللافتة للنظر أو المثيرة للدهشة، فقد أوضحت الدراسة أن المسلمين حول العالم لا ينظرون إلى الغرب ككتلة متراصة متناغمة، بل إنهم ينتقدون دولة ما أو يشيدون بدولة أخرى بناء على سياسة هذه الدولة و ليس بناء على ثقافتها أو ديانتها. وأثبتت الدراسة أن مواطنى الدول ذات الأغلبية المسلمة يتفقون مع الأميركيين بنسبة متساوية فى رفضهم للهجمات على المدنيين، ويعتقدون أنه لا يمكن تبريرها من الناحية الأخلاقية، وأن الذين اختاروا العنف والتطرف دفعهم إلى ذلك هو السياسة وليس الفقر أو التدين، وعندما طلب ممن تم استطلاع آرائهم أن يصفوا أحلامهم بالنسبة للمستقبل، فإنهم لم يذكروا أى شىء عن المشاركة فى "الجهاد" – وهو الاسم الذى تستخدمه الجماعات المتطرفة لتبرير هجماتها- وإنما تلخصت إجاباتهم فى الحصول على وظيفة أفضل. وتبعا لدراسة جالوب، فإن 93% من المسلمين الذين أدانوا الهجمات الإرهابية فى 9/11 استشهدوا بآيات من القرآن الكريم للتدليل على الإدانة، وهذا يدعم استنتاجا مهما وهو أن التطرف المسلح قد لا يكون قائما على مبادئ إسلامية ولكن على التوجه السياسي، ففى معظم الهجمات الانتحارية منذ عام 1980 وحتى عام 2004 كان الدافع الأساسى المعلن هو إسقاط الاحتلال الأجنبى وليس لبواعث دينية. وعندما سئلوا عن أكثر ما يعجبهم فى الغرب، أوضحت الدراسة أن مواطنى الدول الإسلامية وضعوا التكنولوجيا فى المرتبة الأولى والحرية والديمقراطية فى المرتبة الثانية، و قد عبروا عن إعجابهم العميق والواسع النطاق بحرية التعبير والحق فى التجمع وسيادة القانون ومحاسبة الحكومة مثلما يرون فى دول الغرب، بينما يضع الأمريكيون فى الولاياتالمتحدة الحرية والديمقراطية فى المرتبة الأولى والتكنولوجيا فى المرتبة الثانية. أما الجانب الأكثر أهمية واللافت للنظر فى هذه الدراسة، هو أوجه التشابه فى كثير من الأمور بين مواطنى الدول الإسلامية ومواطنى الدول الغربية، مثال على ذلك، ذكر الفصل الأول من الدراسة وكان بعنوان "الديمقراطية والسلطة الدينية"، أن 42% من الأمريكيين الذين أجريت مقابلات معهم فى استطلاع للرأى أجراه مركز جالوب رأوا أن "القيادات الدينية يجب أن يكون لها دور مباشر فى صياغة الدستور، بينما أعرب 55% عن اعتقادهم فى أن القيادات الدينية يجب ألا تضطلع بأى دور على الإطلاق"، وعبر الإيرانيون عن آراء مشابهة لذلك. وقد توصل استطلاع الرأى الذى أجراه مركز جالوب، إلى أن آراء الأمريكيين فى بعض القضايا متقاربة مع آراء مواطنى الدول الإسلامية، أكثر من تقاربها مع آراء نظرائهم من الأوروبيين الغربيين، وهو ما ظهر فى سؤال حول الهدف من الحياة، وكشفت النتيجة عن مفاجأة فى نمط الإجابة، فقد ثبت أن 94% من الأمريكيين يعتقدون أن حياتهم لها هدف مهم، مقارنة باعتقاد 68% من المواطنين الفرنسيين و69% من الهولنديين فى وجود هدف مهم لحياتهم، فى حين أن 96% من الإندونيسيين عبروا عن وجهة نظر مشابهة لوجهة نظر الأمريكيين، وكذلك فعل 91% من مواطنى المملكة العربية السعودية. يذكر أن مركز جالوب للدراسات الخاصة بالمسلمين، هو مركز بحثى لا ينتمى لأى من الحزبين الرئيسيين فى الولاياتالمتحدة، ومتخصص فى الأبحاث الخاصة بوجهات نظر المسلمين فى جميع أنحاء العالم.