هكذا وجدت عم صبرى يردد هذه العبارة، وقد بدت على ملامحه علامات الغضب التى أضافت إلى عمره سنوات فوق الستين التى يحملها فوق ظهره، وعندما سألته عن المقصود بعبارته، أشاح بوجهه عنى ومضى إلى حال سبيله وبعد يومين قابلته ثانية، ووجدته يردد نفس العبارة فسألته: من هم يا عم صبرى!! فحدجنى بنظرة ثاقبة قائلا: يعنى مانتش عارف يا أخويا؟ فقلت له : وأنا حا عرف منين بس يا عم صبرى ..؟ فقال ووجهه يعتصر ألما : كل من أوصل حالنا إلى ما نحن فيه الآن، وكل من جعل الفساد ينتشر فى جسد البلد كالنار فى الهشيم، وكل من تسول له نفسه السطو على نصيب الأجيال القادمة، وكل من يستحل لنفسه ما لا يحق له، وكل من يلعب بمقدرات الأمة، وكل من يحتكر السلع والحاجات الضرورية للمواطن، وكل من جعل الهموم والمشاكل والكآبة تحاصر المواطنين، وكل من جعل غول الغلاء يلتهم دخل المواطن الذى ليس له دخل أصلا!! وكل من أراد للرذيلة أن تنتشر بين أبنائنا، وكل من أراد أن يضلل الناس ويعميهم عن الحقيقة الواضحة، وكل من يكوش على كل شيء ولا يترك شيئا للفقراء ومحدودى الدخل وهم معظم أبناء الوطن، وكل من احترف الضحك على ذقون الغلابة بالشعارات التى لا تسمن ولا تغنى من جوع، وكل من لا يرحم من فى الأرض، وكل من نشف ريقنا وسد طريقنا، وكل من يصور لنا أن الوطن حاله "بديع" بس إحنا اللى عُمي، وكل من يظن إنه "شاطر" وهو إيدك منه والقبر، وكل من يحاول إرهابنا باسم الدين، وكل من يحاول احتكار الدين ويظن نفسه أنه المسلم وغيره هو الكافر الفاجر لمجرد اختلافك معه فى الرأي، وكل من يسعى لخنق الإبداع والفن، وكل من يكفر بالحرية والديمقراطية، وكل من يسيء إلى دينه بجهله وضيق أفقه، وكل من يتخذ من منبره الإعلامى مطية لبث سمومه وأفكاره المنقوعة فى مياه الصرف الصحي، وكل من يوسوس له شيطانه الضحك والكذب على المواطنين بهدف البقاء فى منصبه، صرخت فيه : بس كفاية صدعت لى دماغى يا عم صبرى والحكاية مش ناقصاك!! فقال لى : ملعون أبوهم على أبوك!!!!!
