اطلقت شركة طيران الخليج البحرينية التى راكمت خسائر طوال سنوات وتواجه منافسة قوية من الناقلات الإقليمية، عملية إعادة هيكلة جذرية أدخلتها فى مواجهة مع النقابات، خصوصا بسبب إلغاء الوظائف. وأعلنت الشركة هذا الأسبوع أنها أنهت عمل 15% من موظفيها، وأغلقت أربع وجهات فى يناير، فى إطار استكمالها لخطة إعادة الهيكلة التى أطلقتها نهاية العام الماضى. والناقلة التى تعتبر من أقدم شركات الطيران فى الخليج تسعى منذ سنوات للحد من خسائرها فى ظل جو من المنافسة القوية من قبل شركات الطيران الإقليمية الكبرى، مثل طيران الامارات (دبى) والاتحاد (أبوظبى) والخطوط القطرية، إضافة إلى الشركات الاقتصادية المزدهرة مثل "فلاى دبى" وطيران العربية (الشارقة). كما تعانى الشركة من الاضطرابات السياسية والأمنية التى تعانى منها المملكة والتى كان لها الاثر البالغ على الاقتصاد، وتستمر الاحتجاجات التى يقودها الشيعة فى البحرين، بالرغم من وضع حد بالقوة للتحرك الواسع فى مارس 2011. وفى مطلع التسعينات، أصبحت طيران الخليج شركة الطيران الأكبر فى الشرق الأوسط، وكانت مملوكة حينها من أربعة شركاء خليجيين أسسوها فى 1974، وهم البحرين وأبوظبى وقطر وسلطنة عمان. وبدأت الشركة تسجل خسائر فى النصف الثانى من التسعينات بسبب التراجع الاقتصادى فى المنطقة النفطية وصعود شركات أخرى فى المنطقة، وانسحب الشركاء الواحد تلو الآخر وبقيت البحرين وحدها فى مواجهة المشاكل المالية لطيران الخليج. وتم توظيف عدد من الرؤساء التنفيذيين تباعا لإعادة هيكلة الشركة، بما فى ذلك المسئول السابق عن الخطوط الجوية الأردنية سمير المجالى الذى استقال الخريف الماضى قبل أن يتمكن من تكرار نجاحه فى إعادة هيكلة الشركة الأردنية. وتهدف خطة إعادة الهيكلة إلى إعادة رسم شبكة رحلات الشركة، والتركيز على الرحلات المباشرة بين مدينة وأخرى، أى من دون رحلات الترانزيت، وخفض عدد الموظفين. وقالت الشركة فى بيان الاثنين إن "نسبة تخفيض القوة العاملة فى يناير بلغت 6%، وقد ارتفعت هذه النسبة حتى الآن إلى 15%". لكن الشركة قالت إن نسبة البحرينيين العاملين فى مقر الشركة فى البحرين، بلغت بعد هذا التخفيض 85%، وهو "مستوى قياسى". وذكرت الشركة أن الإجراءات التى تستخدمها تشمل عدم تجديد عقود العمل وإعادة هيكلة المحطات الخارجية إضافة إلى التقاعد الطوعى. وقال متحدث باسم نقابة عمال طيران الخليج إن الرقم المعلن يعنى أن 600 شخص فقدوا عملهم، مشيرا إلى أن عددا قليلا من الموظفين البحرينيين قبلوا عرض التقاعد الطوعى. وذكر محمد مهدى لوكالة فرانس برس أن "البحرينيين لديهم عقود عمل مفتوحة، بينما الأجانب لديهم عقود محددة بزمن" يسهل عدم تجديدها. وأفاد مهدى أن الشركة تنوى تسريح 1266 موظفا فى المرحلة الأولى من إعادة الهيكلة، بينهم 600 بحرينى و666 اجنبيا. وقال إن هذا "يمثل أكثر من 30% من إجمالى القوة العاملة المؤلفة من أربعة آلاف موظف". وكانت الشركة قد أعلنت فى وقت سابق أنها رفعت قيمة عرضها للتعويض عن التقاعد الطوعى المبكر للبحرينيين. كما أكدت أنها أغلقت عدة محطات خاسرة فى الخارج، وعدلت الشبكة لتركز على الوجهات الإقليمية بدلا من الوجهات البعيدة التى تشتهر فيها الناقلات الخليجية. وقالت الشركة إن "طيران الخليج مستمرة فى تمييز نفسها عن منافسيها الإقليميين، وبصناعة موقع طويل المدى لها فى ظل جو شديد التنافسية". كما قالت الشركة إنها بدأت ب"تبسيط ومواءمة" أسطولها مع متطلبات شبكة الوجهات، متوقعة أن تنتهى من هذه العملية فى حدود أبريل، مشيرة إلى أن أسطول الشركة يضم حاليا 26 طائرة من طرازات أيرباص حصرا. وكانت طيران الخليج قد أعلنت فى نوفمبر الماضى أنها خفضت حجم طلبيات تقدمت بها لشراء طائرات من طرازى أيرباص أيه 330 وبوينج 787 البعيدى المدى، وذلك لتتماشى مع متطلبات تموضعها الجديد كناقلة تركز على الرحلات الإقليمية. لكن مهدى رأى أنه "يجب عدم إغلاق المحطات الخارجية من دون إجراء دراسات جدوى"، مؤكدا أن بعض الوجهات التى أغلقت كانت مزدحمة بالركاب. واشتكى من "نقص فى الشفافية". مضيفا أن النقابة التى تمثل الموظفين البحرينيين لم تطلع على دراسات جدوى عن "هذا المشروع الخطير". والبحرين هى من الدول الخليجية القليلة التى فيها نقابات عمالية قادرة على تنفيذ خطوات احتجاجية. وهذه ليست المرة الأولى التى تلجأ فيها شركة طيران الخليج لخفض الموظفين بهدف الحد من الخسائر. ففى 2009، سرحت الشركة 500 موظف، فيما أكد مسئولون أن الشركة راكمت خسائر تجاوزت المليار دولار. وفى وقت سابق فى فبراير، أعلنت شركة "طيران البحرين" الخاصة إفلاسها، وبدأت عملية تصفيتها. وعانت الشركتان من إغلاق خطوط رابحة إلى العراق وإيران، على خلفية الاضطرابات السياسية، وأعيد فتح الخطوط إلى البلدين فى سبتمبر 2012.