بعد مرور 100 يوم على تولى أوباما رئاسة الولاياتالمتحدةالأمريكية، وفى ظل تبنيه لسياسة مختلفة عن سابقيه من استراتيجية تتجه نحو استعادة مصداقية الولاياتالمتحدة عالمياً، تنشيط دور المنظمات الدولية، ومواجهة المخاطر الدولية عن طريق تلك المنظمات وليس بشكل منفرد، وتدويل الأزمات التى تواجهها الولاياتالمتحدة، اهتم الباحثون الأمريكيون بما نجح فيه أوباما، وخصوصاً معهد بروكينجز للدراسات الذى يعد أحد أهم المراكز البحثية الأمريكية وأكثرها تأثيراً على السياسة الأمريكية. الباحث مايكل أوهانلون أحد أبرز الباحثين بالسياسة الخارجية فى معهد بروكينجز، كتب تحليلاً لتلك الفترة تحت عنوان "المائة يوم الأولى". تصنيف سياسة أوباما الخارجية" موضحاً أن سياسة أوباما الخارجية أفرزت اتجاهين متناقضين، الأول يرى أن الولاياتالمتحدة عادت بفضل تلك السياسة، ليس فقط دولة قوية، ولكن كدولة تقود العالم وتحترمها الدول، بينما يرى معارضوه أنه جعل العالم أكثر خطورة باعتذاره عما يزعمه البعض بأخطاء الماضى، والتحدث ب"سذاجة" مع الطغاة – فى إشارة إلى أعداء الولاياتالمتحدة مثل إيران- وخفض الميزانية المخصصة للدفاع. ولكن الحقيقة – وفقاً لأوهانلون - ليست فى تلك النظرتين المتشددتين، ولكنها تسعى إلى أهداف محددة نجحت فى بعضها، والبعض الآخر تواجه فيه صعوبات عديدة. أوباما جاء للسلطة فى وضع أصعب من أى رئيس سبقه منذ ولاية نيكسون، ومع ذلك فعلى الرغم من أنه فى بداية حكمه، إلا أنه بدا واضحاً أنه يقف على أرضية صلبة فى رؤيته لكيفية التعامل مع الأزمات الموجودة أكثر من غيره ممن سبقوه. ملف العراق الذى وعد أوباما فيه بخروج سريع وغير مشروط، أدى فيه عمل قوى جعل أنصاره فى وضع جيد، حيث اتخذ قرارات موفقة وفق جداول زمنية محددة للانسحاب والتعامل مع الوضع هناك، وأنه استمع لنصائح قواد الجيش والخبراء بشأن العراق وأفغانستان، وحتى بعد الانسحاب الذى أعلن عنه، سيبقى هناك 50,000 جندى، وهو ما يعد رقماً يؤمن المصالح الأمريكية، وفى المقابل سيضاعف أوباما فى عامه الأول فى الحكم من حجم القوات الأمريكية فى أفغانستان لإعطاء فرصة للقواد هناك، لتطبيق استراتيجية كاملة لمكافحة التمرد هناك، بهدفيها حماية المدنيين هناك، وبناء المؤسسات الأفغانية مما يساعدهم فى الاعتماد على أنفسهم فى الأمور الحياتية. وشهد الأداء الأمريكى فى باكستان تحسناً كبيراً عن بوش، وذلك عن طريق سياسة زيادة الدعم الاقتصادى والعسكرى، وتعيين مبعوث خاص لشئون تلك المنطقة "ريتشارد هولبروك"، وتركيز الجهود فى تلك المنطقة، وهى الخطوات التى أوضحت المكاسب التى قد تحظى بها الولاياتالمتحدة فى تلك المنطقة المهمة فى العالم، وعلى الرغم من أن باكستان لم تصبح فى وضع مثالى بعد، إلا أن موقفها المستقر الآن يوضح إنجاز أوباما، خصوصاًُ بعد أن كانت تلك الدولة المهمة على وشك الانهيار قبل مجيئه. ولكن البقاع الصعبة التى يواجه أوباما فيها تحديات كبيرة، فيقول أوهانلون إنها المناطق ذات الطابع النووى (إيران وكوريا الشمالية وباكستان)، وإن أوباما لم ينجح أن يحدث تأثيراً فى تلك الملفات إلى الآن، ولكن هذا لا يعود لقرارات خاطئة من جانبه، ولكن بسبب أن تلك القضايا صعب التعامل معها ومعقدة إلى حد بعيد، وأنه لو سنقدم انتقادات لأوباما فى ذلك الشأن، فسيكون من ناحية أن خطاباته أعطت الإحساس للأمريكيين أن تلك القضايا سيصبح سهلاً التعامل معها عند رحيل بوش وهذا ما لم يحدث، ولأنه من كان وراء رفع معنويات الأمريكيين فى تلك القضايا، فلذلك هو يستحق الانتقاد بشأن عدم نجاحه فى تحقيق ما وعد به للآن، ولكنه على الرغم من ذلك يبدو ما زال ممسكاً بزمام الأمور ولم يخسر تلك القضايا بعد.