سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
أردوغان من الشارقة ينصح القادة العرب بالتواصل مع شعوبهم بالقلب واللسان والابتعاد عن الكذب.. ويستشهد بالآية الكريمة "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"
من إمارة الشارقة وعلى منصة الدورة الثانية لمنتدى الاتصال الحكومى 2013، وجه رئيس الوزراء التركى رجب طيب أردوغان عدة نصائح للحكومات العربية خاصة الناهضة من ثورات الربيع العربى، تتعلق بالتواصل بينها وبين شعوبها لتحقيق الرضاء الشعبى لها، مستخدما عددا من النماذج الشخصية له فى تحقيق التواصل مع الناخبين الأتراك للحصول على ثقتهم ومنح حزبه " العدالة والتنمية " الذى يترأسه الأغلبية البرلمانية. الصدق فى القول والفعل، كان هو العنوان الرئيسى لكلمة أردوغان أمام الجلسة الافتتاحية للمنتدى التى حضرها الشيخ سلطان بن محمد القاسمى، حاكم الشارقة، وكوفى عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، وعمرو موسى، الأمين العام السابق لجامعة الدول العربية وعدد كبير من الإعلاميين العرب والأجانب. وأكد أردوغان فى كلمته على أن اللسان هو الوسيلة الأولى فى التواصل السياسى والربط بين الحكومة والشعب، مشيرا إلى أنه فى تركيا التى تتكون من 81 مدينة حاول أثناء رئاسته للوزراء وللحزب الحاكم أن يزور هذه المدن لمرات متعددة، وقال أنه خلال الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية التى امتدت ل45 يوم، زار 70 مدينة من مدن تركيا ال81، وقال أردوغان "رغم استخدامنا لوسائل التكنولوجيا لكن كان القول واللسان هو الوسيلة الأولى للاتصال، مضيفا "أريد التأكيد بصفتى رئيسا لوزراء تركيا ورئيسا للحزب الحاكم أننى لم أؤمن أطلاقا بان التواصل يتم عبر وسائل الاتصال وحسب، كما أن اللسان لا يكفى بمفرده ليكون وسيلة الاتصال، وكذلك التليفون والانترنت والتليفزيون، كلها وسائل لا تكفى لتحقيق الاتصال المتكامل، لان الاتصال هو نشاط يجب أن يكون فيه نصيب كبير من القلب والفؤاد لان الاتصال مهم جدا من هذه الناحية. وأضاف أردوغان "كل اتصال يظل منقوصا إذا غاب عنه التواصل بالقول واللسان، والقول لا يحب أن يكون من أذن لأخرى، بل من قلب لقلب، لأنه فى هذه الحالة يكون مؤثرا"، مؤكدا على أن الإنسان الذى لا يتأثر قلبه بما أقول فهو بعيد عنى. وأكد أردوغان أن سر نجاح الحكومة التركية تحت رئاسته يعود إلى التركيز على عنصر القلب والفؤاد فى التخاطب مع الشعب، وقال " دائما فى حديثنا مع أصدقائنا والدول المجاورة لنا حاولنا استعمال لغة القلب واستخدام الصدق وتبنينا موقف الإفصاح بالحق كمبدأ أساسى لنا"، وتلا أردوغان قول الله تعالى "يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون"، وكرر هذه الآية مرتين، مضيفا "لا يكفى القول فحسب، وإنما يجب الفعل، ولا يجب أن ننسى أيضا مبدأ أساسيا آخر وهو أن الساكت عن الحق شيطان أخرس"، مؤكدا على أن بلاده تحاول أن تقول الحق وترفع الصوت ضد الظلم وتحاول تغيير الظلم باليد، وأن لم تتمكن بذلك فباللسان أو بالقلب، مؤكدا على أن هذا الأمر يعد مسئولية على الجميع. وقال أردوغان "الآن نعيش عصر أثر الاتصال فيه على كثير من الخصوصيات، خاصة أن الاتصال له تأثير بالغ على حياة البشر والسياسات والحكومات التى تجد أن أسباب النجاح بالنسبة لها فى استغلال الاتصال بشكل صحيح حتى يستطيعون من خلاله نيل رضا الناخبين"، لافتا إلى أنه من خلال الاتصال تتمكن الحكومات والدول من حل المشاكل وإقامة ورابط صحيحة مع الشعوب". وتحدث أردوغان عن الأوضاع فى فلسطين، وربطها بمقولة أن الساكت عن الحق شيطانا اخرس، وقال " يجب أن يعلم الجميع أن فى فلسطين وغزة نساء ورجال وأطفال يسقطون أمام عيوننا.. يجب ألا نكون من الساكتين ولن نكون"، وانتقل بعدها مباشرة إلى الوضع فى سوريا، وقال " فى سوريا كل يوم يسقط العديد من الأطفال والنساء والرجال الأبرياء، ولن نكون من الساكتين، ولن نكون كذلك ساكتين عن الذين يرتكبون الجرائم ضد شعوبهم، ولن نكون ساكتين ضد الديكتاتور الظالم فى سوريا أمام ما يقوم به من مظالم لعشرات السنوات". وقال أردوغان "كل اتصال كذلك يعتمد على التفريق المذهبى أو الدينى أو العرقى أو المذهبى فهو خاطئا وناقصا لأنه لا يستند على العدل، ولا يكن بناء المستقبل على الكذب، فإذا لم يكن هناك صدق داخل أسلاك التواصل فان الهواتف سوف تظل لعبة"، مضيفا "إذا كنا نرى آلام الأطفال والنساء والرجال فى سوريا أمام شاشات التليفزيون لكن لا نشعر بهذه الآلام فهذا يعنى أننا لا نرى شيئا فى واقع الأمر". وأشار أردوغان إلى أن التواصل يجب أن يكون وسيلة للتقريب بين الحكومات والشعوب والناس، لكن رغم وسائل لاتصال فأن ابتعاد الأديان والمذاهب عن بعضها البعض ليس تطورا إيجابيا، يجب علينا تغير هذا الواقع، لذلك نحن مجبرون على جعل العدالة والقيم الإنسانية من القيم الكونية". وهنأ أردوغان إمارة الشارقة على اختيارها عاصمة للثقافة فى الدول الإسلامية لعام 2014، متمنيا لها كل النجاح والتوفيق، مشيرا فى ذات الوقت إلى اختيار اسطنبول كعاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2010، وقال إنها قامت خلال هذا العام باحتضان عدد كبير من التظاهرات الدولية، مؤكدا على استعداد اسطنبول لتبادل التجارب، خاصة أنها كانت مهد الحضارات منذ الماضى واليوم، على حد قوله. وأنهى أردوغان كلمته بقوله "أسأل الله بأن يتم الاتصال الحقيقى فيما بين الشعوب والحكومات". وقد افتتح المنتدى الشيخ سلطان بن أحمد القاسمى، رئيس مركز الشارقة الإعلامى بكلمة أكد فيها أن الشارقة أخذت على عاتقها تشكيل منصة حقيقية لتعزيز الحوار بين الحكومات والشعوب والاستفادة من تجارب العالم فى مجال لاتصال، لافتا فى الوقت ذاته إلى أن الشارقة مصممة على بناء البشر قبل الحجر. من جهته، قال كوفى عنان، الأمين العام السابق للأمم المتحدة، أن التواصل الفعال من أساسيات مواجهة التحديات التى تعترض المجتمع الدولى، مشيرا فى الوقت ذاته إلى تدنى مستوى الثقة بين الحكومات والمواطنين. وقال عنان إن هذا العامل المتطور والمترابط يمر بمرحلة تغيير جذرى، وأن الوقت أصبح مناسبا الآن لاغتنام الفرص ومواجهة التحديات الكبرى، لافتا إلى أن التواصل الفعال هو شرط مسبق لاستعادة ثقة المواطنين، محددا شروط هذه الثقة بأن يشعر المواطنون بأن الذين يمثلونهم يتبادلون معهم الرؤى المستقبلية، وأن القوانين والتشريعات سيتم تطبيقها بشكل منصف ومستمر، وأن يعتقدوا بأن قاداتهم ملتزمون ببناء مجتمع صحى وقادر على الاستمرار ويرتكز على السلم ولاستقرار والتنمية وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. وأكد عنان على أن سيادة القانون الفعالة تعد من أساسيات النشاط الحيوى والقابلة على الاستمرار، مشيرا إلى أنه لتحقيق ذلك يجب على الحكومة إشراك المواطنين فى النقاش من أجل تطوير الرؤى بشأن الموضوعات المطروحة. وأشار عنان إلى أن وسائل الإعلام تلعب دورا حيويا فى المجتمع، مؤكدا على أن حرية الإعلام تعد مسألة أساسية لتعزيز التنوع والمساءلة وتوفير الاهتمام المجتمعى بشان القضايا الساخنة، وقال إن وسائل الإعلام لديها القدرة على بناء المجتمع ونقل المعلومة ونشرها من أجل التخفيف من الاختلاف وتعزيز الروابط.