النقل الذكي تدرس اليوم التسعيرة الجديدة في مصر، ومصدر: الزيادة هتكون كبيرة    الأمم المتحدة: الأخبار من شمال غزة مروعة ويجب وقف هذه الفظائع    حزب الله يعلن قصف مستوطنة روش بينا جنوب شرق صفد بالصواريخ    اللواء سمير فرج: حماس ضعفت وتحتاج إلى 10 سنوات لاستعادة قوتها مرة أخرى (فيديو)    وفا: استشهاد شاب جراء دهسه من قبل جيب للاحتلال في عنبتا شرق طولكرم    يد - عضو إدارة الأهلي: مواجهة الزمالك كانت نهائي مبكر ولكن    ملخص أهداف مباراة يوفنتوس ولاتسيو في الدوري الإيطالي    بلدية المحلة في مواجهة صعبة أمام المصرية للاتصالات بدوري المحترفين    عبد الله بكري: أتمنى اللعب للأهلي ولكن.. وأتوقع تأهل سيراميكا لنهائي السوبر    حريق هائل في برج فولكارت السكني الفاخر بإزمير التركية (فيديو)    فتح: غزة تتعرض إلى مجزرة حقيقية بسبب عدم معاقبة المجتمع الدولي للاحتلال    الشرطة الألمانية تستخدم الكلاب لتفريق متظاهرين منددين بجرائم الاحتلال    الحمصاني: لن نتخلى عن المواطن.. ونطبق الحماية الاجتماعية من خلال ضبط الأسعار    فرض ضريبة جديدة على الذهب في مصر.. ما حقيقة الأمر؟    شعبة المخابز تحدد موعد ارتفاع أسعار الخبز السياحي (فيديو)    موعد بداية فصل الشتاء 2024.. وتوقيت فتح وغلق المحلات قبل تطبيق التوقيت الشتوي    عاجل - زيادة منحة المرأة الماكثة في البيت بالجزائر 2024 وخطوات التقديم عبر موقع الوكالة الوطنية للتشغيل    نوة رياح الصليب وأمطار غزيرة.. الأرصاد تحذر من طقس اليوم الأحد    أهالي شارع عمر بن الخطاب بمصر الجديدة يستغيثون ويُناشدون وزارة التنمية المحلية    معرض فرانكفورت للكتاب: توزيع جوائز تيك توك بوك للمنطقة الناطقة بالألمانية    ملتقى القاهرة الدولي للمسرح يكرم الفنان الراحل فؤاد المهندس بحضور نجله    «احتفالا بحملها».. سلمى أبوضيف تظهر بفستان أبيض من جديد (صور)    «زي النهارده».. اندلاع ثورة القاهرة الأولى 20 أكتوبر 1798    غدًا.. عبد الرحيم علي ضيف برنامج «كلام في السياسة» على «إكستر نيوز»    هل تذكيري لأصدقائي بتلاوة القرآن وذكر الله عليه أجر؟.. دار الإفتاء تجيب    اللهم آمين | أثر الدعاء للشهداء وأهلهم    منها الجوع الشديد..تعرف على أعراض مرض السكري عند الأطفال    نقص الفيتامينات والضغط العصبي.. تعرف على أهم أسباب الشيب المبكر    تظل سليمة بعد الموت.. كيف يؤثر نمط الحياة على صحة العظام؟    وداعًا للوزن الزائد .. 10 خطوات بسيطة لإنقاص الوزن بدون حرمان    اليونسكو تساعد الأجيال المستقبلية على صون التراث الثقافي غير المادي    للمسافرين كثيرًا.. كيفية الصلاة في المواصلات ومعرفة اتجاه القبلة |الإفتاء تجيب    عاجل - من المركز الوطني للأرصاد: ضباب كثيف وأمطار تضرب المنطقة الشرقية والرياض.. احتمالية تعليق الدراسة واردة!    مستشار رئيس فلسطين عن قتل إسرائيل ليحيى السنوار: نتنياهو ليس له عدو شخصي    أبو جريشة رئيسا لقطاع الكرة بالإسماعيلى.. وعماد سليمان مشرفا على الفريق الأول    مصرع شخص وإصابة 20 آخرين في حادث تصادم سيارة برصيف بالفيوم    بسبب مكالمة هاتفية.. مقتل سائق على يد شقيقان وزوج شقيقتهم بشبرا الخيمة    عبد الرحمن فيصل: بطولة إفريقيا هديتنا للجماهير    5548 فرصة عمل في 11 محافظة برواتب مجزية - التخصصات وطريقة التقديم    سعر التفاح والموز البلدي والمستورد بالأسواق اليوم الأحد 20 أكتوبر 2024    الغرف التجارية: لا زيادة في أسعار السلع الغذائية بعد تحريك المحروقات    موعد مباراة الزمالك وبيراميدز والقنوات الناقلة في كأس السوبر المصري 2024    وزراء دفاع مجموعة السبع يعقدون اجتماعا فى نابولى لبحث تعزيز التعاون الأمنى ودعم أوكرانيا    السيارة اصطدمت بالكارتة.. إصابة 3 أشخاص بالمنيا الجديدة    هشام يكن: الزمالك سيدخل لقاء بيراميدز بمعنويات عالية    تامر عاشور يطرب جمهور مهرجان الموسيقى العربية بأغنية هيجيلى موجوع    حدث بالفن| وفاة والدة فنانة وخالد الصاوي يحذر من حقن التخسيس لهذا السبب    مين فين ؟    «مش هفتح بطني عشان بُقي».. خالد الصاوي يرفض عمليات التخسيس|وهذه أهم المخاطر    بالصور.. احتفالية لتكريم حفظة القرآن الكريم بالمنيا    نائباً عن السيسي.. وزير الأوقاف يصل إندونيسيا للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس الإندونيسي الجديد    في تصنيف QS Arab Region.."طنطا"تحتل المركز 78 من بين 246 جامعة مصنفة    رسالة أسبوع القاهرة للمياه: الماء حق لكل إنسان.. و"سد النهضة" انتهاك للقانون الدولي    جامعة قناة السويس تنظم برنامجاً تدريبياً لطلاب STEM حول تصميم وتنفيذ كوبري مائي متحرك    رغم امتلاء بحيرة سد النهضة، إثيوبيا تواصل تعنتها وتخفض تدفق المياه من المفيض    فرص عمل جديدة بمحافظة القليوبية.. اعرف التفاصيل    أفضل 7 أدعية قبل النوم.. تغفر ذنوبك وتحميك من كل شر    ليلة لا تُنسى.. ياسين التهامي يقدم وصلة إنشادية مبهرة في مولد السيد البدوي -فيديو وصور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نص مقدمة الشاعر محمد عفيفى مطر لديوان "سارق الحدائق"
نشر في اليوم السابع يوم 02 - 05 - 2009


كيف يهدى مجنون لمجنون آخر صدى من هذيان قديم؟!
مقدمة بقلم: محمد عفيفى مطر
أيمكن أن يقرأ المرء نصوصا عراقية فى زمن الانقلاب الكونى الذى عصف ويعصف بكل شئ بين الرافدين دون أن يصاحب القراءة دوى القيامة وهدم السماوات وانفجار الأرض بالزلازل والبراكين، ودون دهشة الذهاب بالعقل إلى أقصى طاقات الجنون والهذيان ؟!
جنون هو عقل الكارثة، وهذيان هوحكمة التحديق فى العاصفة التى كشفت وعرت خبايا التاريخ النذل، منذ حاول السومريون أسر الكون فى الحروف واصطياد الخلود فى خطى جلجامش، وانبثاق المدن والحضارات فى فيض الدم والأشلاء الآدمية الطافية فوق ماء الزمن وأمواج الأحداث، ولغة قول متفلت من الإيمان والتجديف والهرطقة هى لغة الانفعال الدامى على لسان شاعر سارد مجنون يهذى فى شوارع الحكمة والتأمل، يحرث النسيان بوعى متوقد وجرأة حرة.
فى الجرأة الحرة، وليس على المجنون من حرج، تتفجر تواريخ الغرائز ومكبوتات الضمائر ومقموعات الرغبة، بهية زاهية، صريحة منكشفة فى فيض مرعب من مشاهد الحرب العالمية التى أشعلتها أمم الأرض جميعاً ضد شعب صغير محاصر من الرعاة والفلاحين ومتسولى الأزقة والهامشين من البؤساء والنساء والأطفال والعجزة، وهم وحدهم من يغسل العالم يديه بدمائهم فى مذبحة "صار لونها عراقياً" ولا لون آخر لها.
فى سرد من النثر الخالص من إيهامات شكل قصيدة النثر التى لم تتخلص بعد من آليات ومتعارفات شكل القصيدة التفعيلة فى تقطيع وتنظيم العبارات والسطور على سطح الكتابة، تتحدد الشعرية بانفجار الصور، وخضوع سبك اللغة لعالم التجربة، وربط حرية التداعيات السائبة بالقيود والضرورات المحكومة بالمعنى الكلى للعمل، إنه الكابوس المحكوم بمنطقه، والمتشكل من مضمونه الحى العميق، فى بحرين هائج فوار من مفردات الموت وبشاعة القسوة الممهورة بأحط ما فى حياة البشر من انتهاك واغتصاب وسحق لكرامة الوجود بكل مظاهره، ينفجر هذا السرد بشعره الملتهب ونثره المسنن المرهف، وكأننى أرى وجهاً من وجوه "الحسن بن الهيثم" وهو يدور فى شوارع القاهرة ملتاثاً بالرعب من الحاكم بأمر الله، فيبادل جنوناً بجنون، لكى يفلت بعقل من جنون السيف الباطش، وأسأل نفسى: هل يلبس صديقى خضير ميرى وجهاً من وجوه الحسن بن الهيثم، فهو يبادلنا جنونا بجنون؟!
يحكى خضير فى كتاباته كلها سيرة حياته بين المصحات والمشافى والعيادات النفسية والعصبية، وبين أشتات من البشر "الفاقدين" الضائعين فى وطن مفقود بزمن القتل والرعب، يتقلب من عدم إلى عدم، ويناضل عدماً بعدم، وتحت بساط هذه العدمية المجروحة يطل اشتهاء متوقد بحب الحياة وذاكرة الخلق وأنفاس التوالد والخصوبة، ولعل هذا هو الوجه الآخر لحسن بن الهيثم، تتشظى مباهجه تحت القناع السميك، مباهج الموسيقى المنتظرة، ولذائذ التهتك الفضائحى، وقطرات السعادة الوهمية المسروقة من أخيلة الحرمان والفوضى وتجديفات الهوس الجنسى، وليس على المجنون من حرج، والتماعات من روح المكان فى أسواق بغداد ومشاغلها وفتون الحياة اليومية ومشاهدها الحسية الدافئة.
قبل أن ينتظم معى خيط البحث عن الإشراقات المندلعة من تحت القناع، كان خضير ميرى يلفحنى بيومياته المكتوبة على دفاتر المستشفى وبنصوص حولياته، ليعيدنى مرة أخرى إلى قلب الدوامة وعين العاصفة، ولعلنى أغبطه وأحسده أن كانت تجربة عمره تجربة هائلة بمعطياتها الخارجية الداهمة ومعطيات مكابداته الدامية المتشظية، فالكثير مما نقرأه فى الشعر والنثر مفتقد لهذا اللهب الخلاق، إنها تجارب ورقية محنطة، فشاعر يبصق فى ورق شاعر، ونثر يمارس خواءه وفراغه فى كتابة ناثر، فالتجارب الحياتية والروحية نضال شخصى لا يخوضه أحد نيابة عن أحد.
إذا كانت حافة التجربة بيتاً من يقطين، فهل هى بشارة تحمل دلالة بيت اليقطين الذى استظل به يونس الطالع من تجربة الموت إلى محنة الحياة من جديد.
هذه كتابة عراقية الأنساب لا يكتبها إلا عراقى، ومن العراق دائماً تأتى عطايا الجنون الجميل.
محمد عفيفى مطر
أبريل 2009


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.