سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
خبراء: فكرة تصدير الثورة للخليج "خيالية" لأنها لم تحقق أهدافها فى مصر.. و"الإخوان" ستؤثر على العمالة المصرية بالإمارات.. ووصول الإسلاميين للحكم شكل ذعرا لحكام النفط
أكد عدد من الخبراء الإستراتيجيين فى الشأن العربى، أن هناك عددا من العناصر التى تضغط على العلاقات المصرية مع دول الخليج بعضها خليجى وبعضها مصرى، وأن هناك أطرافا إقليمية ودولية تمارس ضغوطها لعدم عودة العلاقات إلى مسارها الطبيعى والإيجابى. وشدد الخبراء على ضرورة، أن يلتزم المصريون فى دول الخليج بعدم التدخل فى الشأن الداخلى لتلك الدول حتى لا تتأثر أعمالهم هناك، وأن طبيعة الجاليات المصرية فى دول الخليج وخاصة فى دولة الإمارات هى طبيعة هادئة لا تسعى للتدخل فى شئون تلك الدول، بعكس الجاليات الأجنبية الأخرى كالهند وباكستان وبنجلاديش التى تشكل أغلبية كبيرة فى معظم دول الخليج. وأوضح الخبراء أن قضية التنظيم الدولى لجماعة "الإخوان المسلمين" فى الإمارات قد تؤثر بالسلب على العمالة المصرية فى دول الخليج الستة، خاصة أن تلك العمالة تساهم بشكل كبير ومباشر فى دعم الاقتصاد المصرى والعملة الأجنبية من خلال حجم التحويلات الضخمة من هذه العمالة الموجودة بدول الخليج. وقال الدكتور محمد مجاهد الزيات، رئيس المركز القومى لدراسات الشرق الأوسط خلال كلمته فى ورشة العمل التى عقدت بمقر المركز أمس الأربعاء، تحت عنوان "مصر ودول الخليج العربى.. خريطة طريق للتعاملات"، إن تطوير هذه العلاقات تتطلب فى البداية تجاوز مصر لأزمتها السياسية الداخلية التى تمر بها حاليا، وبناء نظام سياسى جديد يتسع لمشاركة كافة الأطراف والقوى السياسية والاجتماعية، يقوم ليس فقط بالإجراءات الديمقراطية ولكن بالفكر والثقافة والأسس الضامنة للحرية والتعددية واحترام الآخر لتستعيد مصر الدولة الحديثة القوية دورها الإقليمى لكى تستطيع أن تحتضن الجميع. وأكد الزيات أن أمن الخليج مكون أساسى للأمن القومى المصرى، وبالتالى فإن هذا الترابط يتطلب وقفة جادة صادقة لتلمس الطريق لتجاوز الارتباك المرحلى الذى تشهده هذه العلاقات بعيدا عن الضغوط الأيديولوجية ووصولا إلى علاقات صحيحة تحقق طموح الطرفين. وأوضح الخبير الإستراتيجى، أن مصر تواجه ظروفا صعبة وغير مسبوقة بعد تصاعد الأزمة السياسة وزيادة حدة الاستقطاب بصورة لم تشهدها مصر من قبل، وأنه مع تصاعد تلك الأزمة تتصاعد أيضا الأزمة الاقتصادية وتنعكس على القطاعات الشعبية، وتضيف المزيد من الاحتقان للمشهد السياسى الداخلى، ويرى الزيات أنه بناء على ذلك تتزايد حالة الارتباك فى علاقة مصر بأطراف عربية على رأسها دول الخليج والتى تمتلك القدرة على تقديم المساندة لمصر لتجاوز أزمتها الاقتصادية وفاء لمواقف مصرية مساندة لتلك الأطراف عندما احتاجت من مصر تلك المساندة. من جانبه أكد الدكتور كمال المنوفى أستاذ العلوم السياسية بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن فكرة تصدير الثورة المصرية لدول الخليج العربى هى فكرة "خيالية" وغير منطقية لأن الثورة فى مصر حتى هذه اللحظة لم تحقق أهدافها التى قامت من أجلها، موضحا أن الخوف الخليجى من تصدير الثورة إليه لا داع له. وأضاف المنوفى أنه بالرغم من افتتاح كليات وجامعات أمريكية وأوربية فى تلك الدول، إلا أنه لا يزال أعداد الطلاب من دول الخليج فى تزايد لتلقى العلوم فى مصر خاصة العلوم الإنسانية والاجتماعية التى تفتقر لها تلك الجامعات الأجنبية. وأشار المنوفى إلى أن العلاقات والروابط بين مصر ودول الخليج تفتقر إلى النظام المؤسسى، مشددا على ضرورة بناء العلاقات على مبدأ المؤسسات والمصالح المشتركة التى تضمن التكامل بين الطرفين. وقال الدكتور طه عبد العليم، مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية، إن الخوف من أن يصل الإسلاميون إلى الحكم فى مصر عبر القوى الإسلامية كان مصدر ذعر لدى حكام الخليج، لتخوفهم من انتشار مفهوم الثورة إلى دولهم، وبالتالى تزايدت المخاوف من عدوى انتشار الربيع العربى لدول الخليج. وحذر عبد العليم من تزايد أعداد العمالة المصرية العادية والحرفية على حساب الأكاديمية والمهنية، لأن هذا الأمر يؤثر على صورة مصر فى دول الخليج، مشيرا إلى أنه قديما كانت نسبة الأكاديميين المصريين والمدرسين والأطباء وغيرهم فى المرتبة الأولى من نسبة العمالة المصرية بالخليج، وأن هذه النسبة بدأت تتراجع على حساب العمالة المصرية العادية غير المدربة. وفى السياق نفسه، قال اللواء عبد الحليم محجوب الخبير فى الشئون العربية، إن الولاياتالمتحدةالأمريكية تدعم بكل قوة الأنظمة الخليجية الحاكمة وترفض فكرة التغيير وتغض الطرف عن الممارسات غير الديمقراطية التى تمارسها تلك الأنظمة، لأنها تنظر لتلك الدول إلى ثروتها فى المقام الأول وليست السلطة القائمة فيها، بعكس دعمها للثورات العربية فى مصر وتونس وغيرها من دول الربيع العربى التى كان ترتبط مصالحها فى المقام الأول بتلك الدول على الأنظمة الحاكمة أكثر من الثروات الموجودة بها. وأضاف محجوب أن أمريكا تحافظ على تدفقات النفط من دول الخليج ليس لأراضيها فقط بل أيضا للدول الصناعية الكبرى فى العالم بصورة عامة وللدول الأوربية بصفة خاصة. وعن التحديات التى تواجه صانع القرار المصرى فى التعامل مع قضية الأمن فى الخليج، قال محجوب، إن أول هذه التحديات هى الوضع الداخلى الذى لا يسمح بأى مبادرات جادة فى السياسة الخارجية، وثانيا التقارب المصرى الإيرانى على حساب السعودية ودول الخليج بالرغم من الضغوط الخليجية فى هذا الشأن. وأضاف محجوب أن غياب المؤسسية فى صناعة قرار الأمن القومى يشكل تحديا جوهريا باعتبار أن الإطار المؤسسى يوفر أكبر ضمان لوضع إستراتيجية للأمن القومى، بجانب فقدان التوازن فى حركة مصر تجاه قضايا المنطقة المختلفة فى التعامل مع الخليج. وفى سياق متصل، حذر رجل الأعمال المصرى محمد متولى أحد المستثمرين الكبار بدول الخليج خلال ورشة العمل بالمركز القومى لدراسات الشرق الأوسط من تراجع الاستثمار الخليجى بصورة عامة والإماراتى بصفة خاصة فى مصر فى ظل تزايد عدد رجال الأعمال الهنود والباكستانيين والجنسيات الأخرى فى الإمارات، وزيادة نسبة الهنود فى الصف الثانى داخل الإمارات، مشيرا إلى أنه يوجد فى الإمارات حاليا حوالى 8 ملايين نسمة منهم مليون فقط إماراتيون والباقى من الجنسيات الأخرى التى تأتى على رأسها الهند وباكستان وبنجلاديش. وأشار متولى إلى أن أهمية دول الخليج لمصر فى حجم تحويلات المصريين بتلك الدول، مشيرا إلى أن هناك 3 دول خليجية، وهى الكويت والإمارات والسعودية تمثل ثلثى نسبة تحويلات المصريين فى الخارج والتى وصلت ل86% حوالى 13 مليار دولار من حجم التحويلات فى عام 2012 الماضى. وخلال ورشة العمل، قال السفير محمد عباس المستشار بوزارة التخطيط والتعاون الدولى، إنه يجب أن تقوم العلاقات المصرية الخليجية على مفهوم مؤسسى وفق المصالح الإستراتيجية المصرية، مشيرا إلى أن تحسن الأوضاع السياسية أو تدهورها داخل مصر يلقى اهتماما كبيرا للمسئولين بدول الخليج، مشددا على ضرورة تطوير طريقة عمل اللجان المشتركة بين مصر ودول الخليج والخروج من الطريقة النمطية فى التعامل إلى الطريقة الحديثة فى العلاقات القائمة على تبادل المنافع والمصالح. وقال محمد عباس الناجى، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية، إنه يجب عدم "شخصنة" العلاقات المصرية الخليجية، كما كان الحال فى عهد الرئيس السابق حسنى مبارك، موضحا أن العلاقات بين مصر وإيران يجب أن تكون علاقات وساطة بين طهران ودول الخليج، وأن يكون هناك توافق مصرى خليجى فيما يتعلق بالملف النووى الإيرانى.