شعارات كثيرة رفعها ورددها شباب ثورة 25 يناير المباركة.. غير أن الأشهر منها والذى طالب به مجموع الشعب الثائر هو شعار "الشعب يريد إسقاط النظام". أما وقد تحقق فعلا وزال نظام الجور والطغيان وانقشع ظلام الفساد الذى اكتنف بلدنا ثلاثين سنة وأشرقت شمس الحرية على هذا البلد الكريم أصله النفيس معدنه.. فإننى أعتقد أن الشعار الذى لابد أن يرفع فى هذه المرحلة الحرجة وتردده كل مليونية فى ربوع مصرنا الحبيبة هو شعار:"الشعب يريد تغيير الأخلاق" نعم.. هذا هو شعار المرحلة الحقيقى، إن كنا نريد لبدنا نهوضا وتقدما ورقيا ومسايرة للأمم.. بل ومكانة وريادة . نعم.. هو شعار المرحلة الحقيقى إن كنا نريد تطهيرا ً للبلاد واجتثاثا لجذور الفساد.. واقتلاعا لبؤره التى عشعشت فى أرضه. نعم.. هو شعار المرحلة الحقيقى إن كنا نريد أن نعبر عن ديننا ومميزاته وحضارتنا ومظاهرها وفهمنا الحقيقى لثقافة التغيير التبديل. نعم.. هو شعار المرحلة الحقيقى إن كنا نريد إحياء الضمير والتخلص من فساد الأخلاق وذميمها واستبدال السلوك المشين بآخر حميد فى جميع نواحى الحياة. إن أسوأ ما فعله النظام السابق ليس السلب والنهب.. وليس إفساد الحياة السياسية.. وليس خيانة أمانة الشعب والأمة.. وليس الظلم والجور ولا البلطجة والنازية فحسب. ولكن فى ظنى أن أسوأ ما فعله هو نشر ثقافة الفساد الخلقى والسلوكى فى جيل من هذه الأمة.. من خلال وزرائه وحزبه والمحيطين والمسئولين فى الإدارات والوزارات والمحليات والبنوك والجامعات والشرطة.. وبذلك يضمن استمرار الفساد والفوضى من بعده فترة من الزمن. لقد صارت الرشوة والمحسوبية والغش وعدم احترام القانون والتعدى على المال العام والأملاك العامة والخاصة..عرفا سائدا لا ينكره أحد. وقد ساعد على ذلك إضعاف واهانة دعاة الدين والمؤسسات الدينية مثل الأزهر والأوقاف.. والتى صارت تابعة للرئيس تدافع عنه وتأتمر بأوامره وتؤيد قراراته، وكذلك إضعاف مناهج الدين والأخلاق فى التربية والتعليم. لقد حققت ثورة 25 يناير قدرا كبيرا من الحرية وأعادت للمواطن المصرى كرامته وذاته.. ولكنها لم تصلح شيئا ً حتى الآن من فساد الأخلاق واعوجاج السلوكيات التى أصلها النظام البائد فى نفوس الشعب الذى غرر به حقبة من الزمن.. لذلك لزم أن نرفع شعار "الشعب يريد تغيير الأخلاق"، لأن كثيرا ً من الغوغائيين والبلطجية استغلوا هذه المرحلة الحرجة فى السلب والنهب والسطو والخطف والاغتصاب. ولأننا نرى فى الشوارع سلوكيات عجيبة.. ونسمع ألفاظا تخدش حياء المرء العفيف.. ونشاهد تصرفات غريبة.. لذلك لزم أن يرفع شعار "الشعب يريد تغيير الأخلاق". إن تغييب أبناء الحركة الإسلامية عن المجتمع وغياب دور المؤسسات والمناهج الدينية فى صنع الإنسان الصالح.. الذى يبنى ولا يهدم ويتجنب الشرور والآثام.. ويسير فى طريق الخير والعمل المثمر الذى يحقق مصلحته ومصلحة الجماعة كان له أسوأ الأثر فى عهد النظام السابق. إننا فى المرحلة القادمة فى أشد الحاجة لإفساح الطريق للحركة الإسلامية للدعوة إلى الله ونشر الفضيلة والتحلى بمكارم الأخلاق والتخلى عن قبائحها ورذائلها. فى أشد الحاجة لقيام الأزهر بدوره المأمول وإعادة النظر فى المناهج الدينية فى التربية والتعليم واستغلال الفضائيات لنشر الأخلاق والسلوكيات الحسنة مثل الصدق، والأمانة، وإتقان العمل، وحب الخير للناس، ومساعدة الضعيف، وتوقير الكبير، وتحريم وتجريم الغش، والرشوة، والاعتداء على الأموال العامة وترويع الناس أو الإيذاء البدنى أو النفسى. يا شباب مصر إن كنا نريد بناءً حقيقيا ً لبلدنا.. فلابد أن نبدأ ببناء الأخلاق وغرسها فى النفوس لأن بقاء الأمم ورقيها مرهون بأخلاقها. وصدق الشاعر إذ يقول: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا يا شباب مصر فلنرفع شعار "الشعب يريد تغيير الأخلاق" حتى تؤتى ثورتكم المباركة ثمارها وتطهروا بلدكم من كل فساد يشوه صورة انتفاضتكم المباركة وثورتكم الميمونة. ووفقنا الله وإياكم إلى مكارم الأخلاق ومحاسنها.. وحفظ الله بلدنا من كل ماكر خبيث.