كثيرا ما أنظر إلى ما يحدث على الساحة السياسية بعين بسيطة، لا ترتقى إلى أن تكون مثل القادة السياسيين فى مصر، عين لا ترى إلا الحقيقة بعيدا عن التعقيدات والمصطلحات السياسة التى قد يتعسر فهمها أحيانا على المواطن العادى، لذلك فتوصيفى للواقع السياسى الراهن أشبه ما يكون بهذا المثال : "طالبان فى الدراسة" !! طالب ظل طوال العام يذاكر لكى ينجح فى الامتحان آخر العام، وطالب فاشل ظل طوال العام بعيدا عن الدراسة والمذاكرة بل ربما كان مسافرا وأتى قبل الامتحان بأيام، وتوهم بأنه سيجتاز الامتحان بسهولة ويسر فمن الطبيعى إن كانت النتيجة نجاح المجتهد وصعوده للصف التالى، ورسوب الفاشل وبقاءه فى نفس الصف الدراسى، ومن الطبيعى أن يذهب الطالب الفاشل ليفعل ما فعله الطالب الناجح ليذاكر وينجح مثله، لكن كانت المفاجأة أن يكون كل ما يشغل بال الطالب الفاشل هو التفكير فقط فى كيف أجعل الطالب الناجح يرسب، فبدأ هذا الفاشل بالصياح هذا طالب فاشل " يقصد المجتهد" وأنه قد نجح بالغش وأن النتيجة غير صحيحة، ظنا منه بأن الناس سيصدقون صياحه وينسون الواقع، والجميع فى حالة من الاستغراب مما يفعله الطالب الفاشل، العجيب فى الأمر أن تجد أن بعض الناس بدأ يصدقه من كثرة كلامه وصياحه، عجيب فعلا أن يصدقوا على الطالب الناجح أنه قام بذلك بالفعل، فى حين أنهم يشهدون له جميعا بأنه تعب وعرق من أجل أن يصل إلى هذا النجاح. كل هذا والطالب الناجح لم يلتفت إليه ولا إلى من اقتنعوا بكلامه وبل وسار فى طريقه ينجح السنة تولى الأخرى ويصعد إلى أن يحقق كل أهدافه وطموحاته والفاشل أيضا فى مكانه لا يشغله إلا تعويقه. هذا ما نحن فيه الآن وما نعيشه من واقع سياسى غريب فهناك فصيل ظل يبنى نفسه لأكثر من 80 سنة وهو يطمح فى النجاح واستعد بكل قوته فى الشارع لهذا الأمر وأعد نفسه جيدا، وهناك فصيل آخر آتى المعترك السياسى منذ أربع سنوات فقط ويرى أنه هو المستحق للنجاح وليس غيره، والنتيجة الحتمية هى نجاح المجتهد فى كل اختبار حقيقى وصعوده إلى الذى يليه، فى حين لم يفهم الفصيل الآخر بعد أنه مفتقر للقاعدة الشعبية التى لم تعرفه ولم تسمع عنه من قبل فهو آت حدثيا ولهذا يفشل فى كل تجربة على يد الشعب وليس غيره. وبدلا من أن يفكر فيما فعله الفصيل الذى ظل 80 عاما ذهب إلى طريق آخر تماما وهو محاولة إسقاط هذا الفصيل وهو يرى بذلك أنه على صواب، فظل يردد أنه ينجح بالتزوير وبالسكر والزيت والدعم الخارجى....إلخ فى حين أنه لو نظر إلى التجارب التى خاضها الفصيل المجتهد سيجد أنه مجتهد بحق لذلك فهو يستحق التأييد لأن سنن الله لا تحابى أحدا، هذا تصور لما يحدث الآن على الساحة ولهذا أنصح الفصيل الفاشل فى كل التجارب السياسية الشعبية حتى الآن أن يتجه إلى الطريق الصحيح ويبتعد عن الطريق الخاطئ الذى يسير فيه، فيبدأ بالنزول إلى الشارع ومحاولة جذب الناس إليه وتعريفه بفكره وأهدافه ووسائله ليشعر الناس بقربه منهم، وإلا لو ظل كما هو عليه سيصعد الفصيل الناجح إلى أعلى وأعلى وسيظل الفصيل الفاشل فى نفس الطريق .