أكد د. محمد العادل رئيس المعهد التركى العربى، للدراسات الإستراتيجية بأنقرة، التابع للجمعية التركية العربية للعلوم والثقافة والفنون، أن قطار الثورات العربية لاسيما فى تونس ومصر، الذى أطاح بالدكتاتوريات هو قادر وبجدارة أن يصنع التجربة ويحقق النموذج الذى يتلاءم مع واقعه. وقال العادل، خلال كلمته بمؤتمر "الإسلاميون وتحدى السلطة" الذى ينظمه منتدى الوسطية للفكر الوسطى إلى أن التجربة التركية السياسية والديمقراطية والتنموية، هى الأقرب للواقع العربى بحكم مشتركات الدين والتاريخ والجغرافيا، وبالتالى تستوجب قراءة عربية واعية عقلانية عميقة، وليست سطحية، وبعيدا عن الانبهار المبالغ فيه بهذه التجربة. وأضاف العادل، تركيا الجديدة تبدو مفتخرة بتجربتها وما حققته من نجاحات، لكنها لا تطرح نفسها نموذجا للآخرين، و للأسف إن عملية التسويق الإعلامى لما يطلق عليه "النموذج التركى"، يقوم به بعض النخب العربية من خلال تعاملهم مع سطح التجربة التركية، دون الغوص فى عمقها وأحيانا تساهم فى عملية تسويق بعض الأطراف الغربية، وتحديدا أمريكية الأجندات معينة خاصة بها، لامجال للخوض فيها الآن. وأضاف اعتقد أن ربيع تركيا قد سبق الربيع العربى قبل حوالى 10 سنوات، فالمتابع للشأن السياسى فى تركيا قبل 2002، يدرك تماما أنه مع وصول حزب العدالة والتنمية للسلطة فى نوفمبر 2002، قد عاشت تركيا فعلا ثوريا هادئا عاقلا وديمقراطيا. وأشار إلى أن خصائص التيار الإسلامى التركى، أحد أسباب نجاح التجربة التركية، موضحا أن مرحلة ما قبل العدالة والتنمية شهدت محاولات واضحة، لإقصاء بعض التيارات السياسية الإسلامية وكردية خاصة. وأكد أن التيار الإسلامى فى تركيا استطاع فى مراحله المختلفة أن يحقق حدا أدنى من التعايش مع علمانية الدولة، واستثمر إلى حد كبير الهامش المتاح من الديمقراطية والحريات العامة، رغم نواقصها، مضيفا، إذا مسألة التعايش أو ثقافة التعايش مع بقية الأفكار داخل الوطن الواحد تحولت لدى الإسلاميين الأتراك خاصة إلى جزء لا يتجزأ من تركيبتهم الفكرية. وقال لعل من أبرز ما يميز التيار الإسلامى التركى عن غيره أنه فى معظمه يعتقد بأولوية الوطن على الأيديولوجيا، بمعنى أن الوطن لديهم يأتى قبل خياراتهم الحزبية والأيديولوجية الضيقة، فإذا تعارضت الخيارات الحزبية مع خيارات الوطن، فخيارات الوطن هى المرجحة دون شك.