أكد المفكر الاقتصادى ورئيس مجلس إدارة مؤسسة بيرو للحرية والديموقراطية هيرناندو دى سوتو، أن الاقتصاد المصرى يفقد الكثير من قيمته؛ بسبب عدم تسجيل كل النشاطات الاقتصادية والتجارية، مضيفا أن حجم الاقتصاد غير الرسمى فى مصر يصل إلى 395 مليار دولار، فيما لا يزيد قيمة قرض صندوق النقد الدولى على 4.8 مليار دولار فقط. وأضاف إن تنظيم الاقتصاد غير الرسمى يمكن أن يوفر تمويل كبير لتعظيم موارد الدولة، بشكل يغنيها عن القروض الخارجية، موضحاً أنه من واقع دراسته للاقتصاد غير الرسمى فى مصر، اكتشف أن 8% فقط من العقارات فى مصر هى الموثقة بشكل صحيح، وأن أغلب العقود غير مسجلة قانونيا، كما أن 82% من الشركات التجارية والصناعية غير موثقة لدى الحكومة بشكل صحيح. جاءت تصريحات دى سوتو، خلال استضافة المكتب التنفيذى لمشروع النهضة، ضمن سلسلة فعاليات برنامج "إطلاق" التى تبناها المشروع، للتعرف على التجارب الرائدة فى العالم، للاستفادة منها فى تنمية مصر. واستعرض دى سوتو مشكلة البناء على الأراضى الزراعية التى وصفها بأنها مخيفة جداً، وتابع "مصر لديها نهر واحد والناس يقومون بالبناء على الأراضى الزراعية حوله، وأقر بصعوبة تقنين أوضاع 25 مليون مصرى يعيشون فى منازل غير مسجلة قانونيا، وفى العشوائيات حول مجرى نهر النيل، وفى القاهرة والمدن الكبرى، لافتاً إلى أن نشاط نمو العقارات يبلغ فى الحقيقة ضعف البيانات المسجلة لدى الحكومة، مضيفا أن تقدير قيمة الإسكان والأراضى فى مصر 347 مليار دولار تقريبا. وطالب دى سوتو بتغيير ثقافة المصريين تجاه التعامل مع الوثائق، وقال "كثير من المصريين لا يحبون الوثائق، وعقود الملكية غير موثقة بشكل سليم"، ولفت إلى أن عمليات البيع والشراء تتم بطريقة عرفية أكثر منها قانونية، ما يضيع على الدولة موارد كثيرة. وشدد دى سوتو على أن عملية دمج الاقتصاد غير الرسمى فى المنظومة الاقتصادية المصرية يحفظ حق الفقراء، ويعمل على تمكينهم فى المجتمع بتوفير الحماية القانونية لهم لممارسة نشاطاتهم التجارية، ولا يعنى تنظيم الاقتصاد العشوائى استهدافه بالمزيد من الضرائب، وإنما تسهيل الإجراءات الإدارية والمالية بالغة التعقيد، وأشار إلى أن إجراءات ترخيص مخبز فى مصر قد تصل إلى شهرين وتتطلب أموالا كثيرة، ما يدفع الكثير من ممارسى النشاط إلى عدم ترخيصه، وتفضيل العمل بشكل غير رسمى. وفيما يتعلق بمشكلة الباعة الجائلين، قال دى سوتو: لابد من استراتيجية للاعتراف بهم، وتوفير بدائل آمنة لهم بها كافة المرافق. وتابع: إن على الحكومة المصرية أن تصل إلى صيغ تعاقدية تحفظ حقوق الفقراء، وتشجعهم على تسجيل نشاطاتهم التجارية وممتلكاتهم، وجعلها أقل كلفة. واستشهد دى سوتو بقيام محمد بوعزيزى بحرق نفسه فى نهاية عام 2010 ليطبق شرارة الربيع العربى، وقال إنه درس حالة محمد بوعزيزى فى العديد من الدول العربية، واعتبره يجسد نموذجاً واضحاً للاقتصاد غير الرسمى "وجدنا أن 49 بائعاً جائلاً من بين كل 100 من يعانون من هذه الظاهرة، ما يعنى ضرورة حل مشكلات الاقتصادية". وأضاف "نحن نعتقد أنه لتستقر مصر فلابد من حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية للعاملين فى الاقتصاد غير الرسمى". من جهته أوضح أشرف سرى، عضو المجلس التنفيذى لمشروع النهضة، أن المشروع يسعى لمناقشة كافة التجارب الاقتصادية حول العالم، وأن مشروع هرناندو بدأ فى مصر عام 2000، واستمر 4 سنوات، لكنه توقف بسبب عدم وجود إرادة سياسية لدى النظام السابق، ونسعى لتوفير إرادة سياسية تنهض بالاقتصاد المصرى مع دخول مصر عهد الديمقراطية. وأضاف أن مصر من الممكن أن تحقق طفرة اقتصادية دون استحداث قوانين جديدة، وإنما بتطبيق قواعد قانونية موجودة فى بنيتنا التشريعية، وأن سعينا لإدماج الاقتصاد غير الرسمى فى الكيان الاقتصادى للدولة قد يصل يزيد معدل النمو عند تسجيل هذه الأصول إلى 2% من إجمالى قيمة النمو الاقتصادى للدولة، ومن شأنه أن يحدث حالة انتعاش فى الاحتياطات النقدية المصرية. وقال: إن مشروع النهضة سيقوم بتوقيع مذكرة تفاهم مع مؤسسة بيرو للحرية والديمقراطية لاستكمال دراسة أوضاع الاقتصاد غير الرسمى فى مصر، تمهيداً لحل هذه المشكلة لصالح المواطنين والدولة المصرية على حد سواء.