قاد الاقتصادي "هيرناندو دي سوتو" مدير ومؤسس معهد "الحرية والديمقراطية" في بيرو، فريقا من الباحثين الذين درسوا الاقتصاد المصري وقدموا تقريرا يحتوي علي 20 نقطة لإنعاش الاقتصاد المصري عام 2004. كان من أبرز تلك النقاط التي أشار لها التقرير، وجود ما اسماه ب "رأس المال الميت" المتمثل في 92% من أصحاب المشاريع التجارية الصغيرة من المصريين، غير القادرين علي توسيع حجم أعمالهم بسبب "حيتان القروض " التي تطالبهم بأسعار فائدة باهظة، مما أدي إلي منع العديد من أصحاب المشاريع الصغيرة من تحقيق نجاح اقتصادي أو تأمين فرص عمل ثابتة بعقود قانونية لمن يعملون معهم ومثل إعاقة في النهاية إلي عمليات التنمية الاقتصادية وإلي ايجاد ما عرفه باقتصاد "تحت الأرض" يعمل في الظل وفي المقابل ظهرت طبقة من رجال الأعمال شديدي الثراء الذين لم تكن لديهم مزايا خاصة، سوي قدرتهم علي الوصول إلي كبار مسئولي الحكومة وحصولهم علي قروض هائلة من البنوك المملوكة للدولة ، وهو ما يطلق عليه دي سوتو رأسمالية المحسوبيات وقد ظلت تلك الطبقة تستغل الوضع الراهن وبنت احتكارات فاسدة بينما وأدت الأفكار الجديدة للشباب وسط خضم من بيروقراطية مترهلة وتأخيرات في سداد فوائد القروض وفساد استشري وأعاق سبل إنشاء مشاريع تفيد البلد علي المدي البعيد. كان التقرير قد حدد قيمة التبادلات الخاصة بأصحاب المشاريع الصغيرة ، ب248 مليار دولار أي اكبر 30 مرة من قيمة سوق الشركات المسجلة في البورصة المصرية، واكبر 55 مرة من قيمة الاستثمارات الأجنبية المباشرة في مصر في ذلك الحين منذ حملة نابليون. وفي تعليق له علي الوضع الاقتصادي لمصر بعد الثورة"، "قال إن قيمة هذه الأصول المالية التي أطلق عليها "رأس المال الميت" والتي تخرج عن إطار الاقتصاد الرسمي للبلاد تصل إلي 400 مليار دولار تقريبا ، إنها طاقة اقتصادية كامنة لم تستغل علي النحو الصحيح حتي الآن. وفي النهاية يقول "دي سوتو" إن مصر في حاجة إلي التحرر من "التمييز الاقتصادي " وإرساء اطر قانونية حرة جديدة وفاعلة، ومن ثم رفع القيود عن قوي النمو والمبادرات الفردية علاوة علي تعزيز الطبقة المتوسطة التي تمثل العمود الفقري لأي ديمقراطية ومجتمع صحي، والأمر من وجهة نظره لا يرتبط بمن سيأتي للحكم بقدر ما يعتمد علي رغبة الشعب المصري ومواصلة كفاحه من أجل الحصول علي ما يستحقه.