لم أكن أريد الدخول فى أتون الحرب المشتعلة الآن بسبب الفيلم المسموم الذى أنتجه بعض نافخى الكير من أقباط المهجر عن سيد سادات خلق الله «محمد» النبى الأبى المترفع المطهر من فوق سبع سماوات، معتقدين أنهم بفيلمهم الكريه قد ينالون من طهر نبع الطهارة ومن سيرة أعف البشر وأكرمهم، وسبب عزوفى الأول عن دخول هذه المعركة هو أنى كنت أريد ألا أساهم فى تحقيق ما أراده صناع الفيلم المسمومون من ترويج يبتغونه وشهرة يلهثون وراءها، وسبب تراجعى عن هذا الاتجاه هو أننى شاهدت بعض مقاطع من هذا الفيلم القمىء فوجدته شيئا يدفعك إلى القىء والغثيان، تجزع النفس من رائحة العفن المنسربة منه، وفى الحقيقة لم أكن لأتخيل أن يصل الحقد والإسفاف والغل والكره والبشاعة إلى هذا الحد الذى ما عاد يجدى السكوت عنه، ولهذا أطالب الرئيس محمد مرسى باستدعاء السفيرة الأمريكية وإبلاغها اعتراض مصر على هذه التفاهات المضللة، كما أطالبه بضرورة إحضار منتجى هذا الفيلم ليحاكموا فى مصر، وأن يصعد الأمر إلى أعلى مستوياته. افتراءات محضة، وسفه وتجن يعرفه كل دارس للتاريخ أو السيرة، حفنة من الأحقاد ألقاها أولوا الضغينة فى شكل فيلم قذر هابط لا يبتغى صناعه الأصاغر سوى الفتنة والوقيعة وإشاعة الكراهية، وإنى أرى أن مرتكبى هذا الجرم لم يريدوا أن يستعرضوا افتراءاتهم التاريخية من أجل الإساءة إلى أشرف شرفاء بنى البشر وسيد الأنبياء وخاتمهم فحسب، وإنما أرادوا أن يدعموا بافتراءاتهم التاريخية وجهة رأيهم المطالب بحصار مصر وتقسيمها وتقزيمها وحرمانها من المساعدات الاقتصادية والعسكرية الغربية، محفزين حلفاءهم من الصهاينة على الجهر بعداوة مصر، ولست أعرف بأى منطق ينحاز من يدعون أنهم مسيحيون لليهود الذين تلوثت أيديهم بدم المسيح بحسب اعتقادهم، ويعادون من يصلون ويسلمون عليه وعلى أمه وآله؟ فى قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا، وعميت قلوبهم وأبصارهم فلم ينتقصوا من قيمة مَن صلى الله عليه وإنما تنازلوا عن آدميتهم وإنسانيتهم حينما توهموا بأنهم سينالون من نبى الرحمة بأنفاسهم المستقبحة، وهو العلى القوى المستأمن العالى الرحيم، هو من مدحه رب العزة من فوق سبع سماوات فرفعه على عباده أجمعين، وهو من سبه اليهود والمشركون منذ قديم الأزل فما نالوا من شرفه، ولا قدروا على أن يحطوا من قدره، هو ابن النور ونبعه سراج الكون وهاديه، أول المسلمين وسيدهم، إمام المؤمنين ومرشدهم، هو من شهدت له الأرض والسماوات بالعلا والرفعة فما ضره أن تنفث حية فى جحرها بعض سم يرده الله إليها فيزيدها عمًى على عماها. هو منقذ الشرق كما وصفه الشاعر: أوليس الرسول منقذَ هذا الشرق من ظلمة الهوى والهوانِ؟ أفكُنا لولا الرسول سوى العبدان بئست معيشة العبدان؟ وهو المعلم الأول كما قال آخر: أنت الذى علمتهم دفع المهانة بالسنان ونذرت للشهداء جنات وخيرات حسان/ يا صاحبىّ بأى آلاء النبى تكذبان؟ ووصف رسالته آخر قائلا: أقبلتَ كالحق وضّاحَ الأسارير يفيض وجهُك بالنعماء والنور/ على جبينك فجرُ الحق منبلجٌ وفى يديك جرت مقاليدُ الأمورِ» وصوره آخر باعتباره الهلال المنير قائلا: «سلام على هذا الهلال من امرئ صريح الهوى، والحر لا يتكتم/ سلام وتكريم.. بحق كلاهما.. وأشرف من أحببتَه من تكرم» كما جسد دور بعثته منصف فقال: «حملت إلى الأقطار من صحرائها قبسَ الهدى ومطارفَ العمرانِ هادٍ يُصوَّر لى كأن قوامه متجسدٌ من عنصر الإيمان» وقال آخر: أمحمدٌ.. والمجدُ نسج يمينه مجدَّت فى تعليمك الأديانا وهو الذى داس الجهالة وانتضى سيف الجهاد، وحطَّم الأوثانا».. وبالمناسبة كاتبو هذه الأبيات هم على الترتيب» وصفى قرنفلى، وجورج صيدح، وجورج سلستى، وخليل مطران، ومارون عبود، وعبد الله يوركى، وجميعهم مسيحيو الديانة.