صديقى القارئ.. لحظة من فضلك.. نعم مجرد لحظة.. لحظة واحدة لا غير تفكر وتمعن فى التفكير لتسأل نفسك وتحاورها فى مونولج داخلى قصير جدا لتقول لها.. أصمت أم لا أصمت؟! صديقي.. ثق أن لحظات قليلة تكفيك وتنجيك من مهالك الصمت أولا الصمت.. فكر جيدا وأنت سيد قرارك.. اختر ما بين أمرين لا ثالث لهما.. احسب حسابتك بدفة وقارن بين المنافع والمفاسد.. بين محصلة نتائج هذا وذاك.. وانتظر معى حتى نهاية المقال.. لأن الحديث القادم به أمر جلل! فى حالة أن كان قرارك بألا تصمت.. فى هذه الحالة أضع بين ناظريك كلام عز من قال: "ما يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"، "وَالفِتْنَةُ أشَدّ مِنَ القَتْل".. {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضاً أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ{.. وأخيرًا وليس آخر: "وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا". وأضع بين يدك حديث المصطفى عليه أفضل الصلوات والسلام: "مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ فَلْيَقُلْ خَيْرًا أَوْ لِيَصْمُتْ".. "وَهَلْ يَكُبُّ النَّاسَ فى النَّارِ على وُجُوهِهِمْ إِلاَّ حَصَائِدُ ألْسِنَتِهِمْ؟".. "َمَنْ قَالَ فِى مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيْهِ حُبِسَ فِى رَدْغَةِ الْخَبَالِ، حَتَّىَ يَأْتِى بِالْمَخْرَجِ مِمَّا قَالَ".. وأخيرا وليس آخر: "لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالطَّعَّانِ وَلَا اللَّعَّانِ وَلَا الْفَاحِشِ وَلَا الْبَذِىءِ". وفى حالة إن كان قرارك بالصمت فلا تظن أنك فى منأى عن التذكرة لأذكرك بقول المولى عز وجل: "وَلا تَكْتُمُوا الشَّهَادَةَ وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آَثِمٌ قَلْبُهُ".. "لاّ يُحِبّ اللّهُ الْجَهْرَ بِالسّوَءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلاّ مَن ظُلِمَ وَكَانَ اللّهُ سَمِيعاً عَلِيماً".. "وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاماً". احذر أن تؤثر الصمت السلبى لتستمع راضيا ومقرا بمن يعمل على النيل من سمعة أحدهما أو نجاحه أو مكانته.. وتذكر أحاديث المصطفى عليه أفضل الصلوات والسلام: "مَنِ اغْتِيبَ عِنْدَهُ أَخُوهُ الْمُسْلِمُ فَلَمْ يَنْصُرْهُ، وَهُوَ يَسْتَطِيعُ نَصْرَهُ، أَدْرَكَهُ إِثْمُهُ فِى الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ .. "مَنْ رَدَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ رَدَّ اللَّهُ عَنْ وَجْهِهِ النَّارَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ". الصمت.. سلاح ذو حدين.. أحدهما الصمت الإيجابى والآخر هو الصمت السلبى.. الصمت الإيجابى أن تصمت لتتفكر وتتدبر آيات الله فى خلق الله.. وأن تصمت لحاسب نفسك وتسألها وتلومها وتؤلمها لتصل بها إلى مرتبة "النفس اللوامة".. أن تصمت لأنك لا ليس لديك بينة أو دليل أو برهان.. أن تصمت لأنك ربما لا تعلم الحق من الباطل فى زمن التبست فيه الحقائق والأباطيل عند البعض ولم يعودوا قادرين على تبنى رأى أو نقيضة.. أن تصمت ضعفا وانكسارا وذلا وهوانا، ولكن أمام من؟! أمام خالقك العظيم خشية غضبه وسخطه وخوفا من عقابه. ربما حاول البعض استفزازك قائلا لك: "الساكت عن الحق شيطان أخرس".. أكمل لهم حينها باقى العبارة الشهيرة التى اكتفى الغالبية العظمى بترديد نصفها الأول ليصير هو القول ذائع الصمت عن النص الآخر الذى وقل لهم: "والناطق بالباطل شيطان ناطق".. مع العلم أن هذه المقولة هى قول لبعض السلف وليست بحديث عن رسول الله صلوات الله وتسليماته عليه. أما الصمت السلبى فى صورة التجاهل.. فحدث ولا حرج.. عمن يدوسون بالأقدام على عقول البعض.. على مشاعرهم وأحاسيسهم فى تجاهل صارخ لهم.. لا رد ولا جواب على استفسارهم وسؤالهم ومحاولة تفهمهم ما لم يفهموه.. ليطلقوا هم لعقولهم العنان لكى تحاول الفهم هى بنفسها عما دار بخلدها لتجيب هى ذاتها إجابات مقلقة محيرة ربما ظالمة وعتية فى ظلمها.. لكن لا ملامة هنا طالما لم تخرج عن حيز النفس.. فالسكوت فى هذه الحالة علامة الرضا على تخميناتك وتحليلاتك إزاء من تجاهلوك وأغضوا الطرف عن محاوله إفهامك حقيقة موقفهم وبيان مقصدهم.