هل يحتاجون فعلا لقانون جديد؟ وهل سيضمن تغيير القانون الحالى تغييرا وإصلاحا حقيقيا فى أوضاع المرضى النفسيين؟ وهل القانون هو أزمة المريض النفسى فى مصر؟ مجموعة من التساؤلات التى طرحها الدكتور عمرو أبو خليل، أخصائى الطب النفسى بمستشفى المعمورة بالإسكندرية من خلال دراسته حول قانون الصحة النفسية الجديد. الاختلاف فى تشخيص المشكلة وكيفية التعامل معها هو سبب الجدل الدائر حول قانون الصحة النفسية، والذى وصل إلى أروقة مجلس الشعب أثناء مناقشة القانون فى لجنة الصحة مطلع الأسبوع الماضى، وأدى إلى انسحاب الدكتور أحمد عكاشة، رئيس الجمعية المصرية للطب النفسى من الجلسة. أزمة المريض ليست الطبيب ولا المستشفى كما يشير أبو خليل فى دراسته، ولكن الأزمة فى التعامل مع المجتمع، فالمرضى الموجودون بالمستشفيات العقلية لمدد طويلة لا يتم التحفظ عليهم، بسبب تطبيق نظام الدخول الإلزامى عليهم، خاصة أن نطاق تطبيق المادة الرابعة من القانون القديم والخاصة بالدخول الإلزامى للمريض يكون فى أضيق الحدود، وباقى المرضى يخضعون للمادة 21 التى تعتبر وجودهم فى المستشفى إراديا ومن حقهم الخروج فى أى وقت بناء على طلبهم أو طلب ذويهم ويستجاب لهذا الطلب على الفور إذا كان بناء على طلب أهل المريض، ويراجع المريض فى حالة طلبه فى إمكانية وصوله لمنزله ووجود من يستقبله ويقوم بشئونه فإذا اطمأن الأطباء لذلك خرج المريض على مسئوليته. المشكلة الحقيقة كما يؤكد عمرو أبو خليل فى الأهالى الذين يرفضون استلام مرضاهم بعد تحسنهم والذين يعطون عناوين خاطئة عند إدخال مرضاهم للمستشفى، حتى لا يتم التوصل لهم حتى لو تحسنت الحالة الصحية لمريضهم، ويصبح خيار الأطباء الوحيد هو إما أن يطبقوا القانون حرفيا ويخرجونهم لأنهم متحسنون فعليا أو يتركونهم داخل المستشفى باعتبارهم الأولى برعايتهم، رغم ما يمثله ذلك من عبء، ويقول د. عمرو: لكننا نعرف أنه لا توجود جهة أخرى تستوعبهم أو تحميهم، وهذه حقيقة نتعامل معها يوميا. أساله: لماذا يرفض أهل المريض النفسى تسلمه؟ فيجيب: الأمر تتداخل فيه عوامل عدة تستحق الوقوف عندها لأنها حجر الزاوية فى أى إصلاح حقيقى لأحوال المريض النفسى بعيدا عن القانون, وفى مقدمتها عدم وجود ثقافة نفسية لدى أهل المريض لفهم طبيعة المرض النفسى، بالإضافة إلى اعتبار أن المرض النفسى لا شفاء منه، هذا إلى جانب أهم سبب ذكرته فى دارستى وهو الوصمة والخوف من المريض العقلى. الحل الصحيح كما يراه أبو خليل، وهو تغيير ثقافة المجتمع ليس فقط بصورة دعائية وإعلامية، ولكن بمساعدة الأهل بصورة فعالة واقعية، مقترحا عمل مراكز رعاية اليوم الواحد، وهى مراكز مفتوحة تشبه الأندية الصغيرة بها حدائق وملاعب ومراكز للتدريب على الحرف البسيطة، وبها أخصائى اجتماعى وأخصائى نفسى وطبيب نفسى، ليخرج المريض من المستشفى ويلتحق بأحد هذه المراكز فيبيت فى بيته وسط عائلته التى يتم تدريبها من خلال هذه المراكز، وأيضا من خلال محاضرات وندوات دورية على كيفية التعامل مع مريضهم واحترامه وقبوله ليخرج هذا المريض فى الصباح متوجها إلى المركز المسجل اسمه به ليقضى يومه بين الرياضة والهواية وتعلم إحدى الحرف التى تناسبه، وليجلس إلى الأخصائى الاجتماعى أو النفسى يسمع مشاكله ويحلها له مباشرة أو بالتواصل مع الأهل. بالإضافة إلى حصوله على علاجه بانتظام فى وجود الطبيب الذى يتابع الحالات بصورة طبيعية لينتهى اليوم ويعود المريض إلى أسرته وقد اندمج مع المجتمع. هذا الاقتراح سيؤدى إلى خفض عدد الأسرة فى المستشفيات من 300.000 ألف إلى 30 ألف سرير لعدم حاجة المستشفيات لاستقبال حالات جديدة.