الأصل فى الأوضاع العادية أنه لا تعليق على أى حكم قضائى، احترامًا للسلطة القضائية، لكننا فى هذه الحالة لا بد أن نستبعد فكرة أننا لا نعلّق على الحكم، لأننا أمام قضية غير عادية، أمام قضية شعب بكامله. فمنذ بداية القضية تواطأ المسؤولون عن تقديم الأدلة، أو إفسادها، كما حدث من كبار ضباط أمن الدولة الذين أفسدوا تسجيلات الفيديو والصوت، ويجب أن نعلم أننا لسنا أمام حكم قضائى، بل أمام شكل قضائى أصدر حكمًا يخالف كل بديهيات القانون، ويقوّض أمل المصريين فى تعقّب المجرمين الذين قتلوا الشهداء. إن منطوق الحكم الذى أقره المستشار أحمد رفعت بحق المتهمين فى قضية قتل المتظاهرين يعتبر صدمة كبيرة للرأى العام، لأنه من غير المنطقى أن يكون مبارك والعادلى قاما بالتحدث بنفسيهما إلى عساكر الأمن المركزى، وقالا لهم اضربوا المتظاهرين، فتهمة التحريض لا بد أن يكون فيها وسيط، هم مساعدو العادلى، فلا يمكن تبرئة الوسيط الذى قام بالقتل والتحريض. فصدور حكم بحق مبارك والعادلى، وبراءة باقى المتهمين، يعنى أن محاميا تحت التمرين يمكنه فى الاستئناف الحصول لمبارك والعادلى على البراءة بمنتهى السهولة. ومعنى انقضاء الدعوى الجنائية بحق كل من علاء وجمال مبارك أن أموال البلاد المهرّبة لن تتم استعادتها. الكرة الآن فى ملعب البرلمان لمحاكمة المخلوع ونجليه، والعادلى ومعاونيه، محاكمة استثنائية، وعلى الشارع المصرى أن يواصل الضغط على النيابة لاستئناف الحكم، ومحاولة إعادة محاكمة مبارك من جديد؟! ولكم أن تتخيلوا أنه بعد النطق بالحكم صرح مصدر أمنى بأن الرئيس المخلوع فى حالة نفسية طيبة، وهو سعيد بالحكم الصادر بشأنه، خصوصًا أنه لم يكن الحكم النهائى، بل سيطعن عليه أمام محكمة النقض، ومما أسعده أيضًا انقضاء الدعوى الجنائية عن نجليه علاء وجمال مبارك، واعتبر مبارك أنه انتصر بهذا الحكم على من يحاولون- على حد ادعائه- تلويث تاريخه. وفى أعقاب الحكم بالسجن المؤبد على المخلوع صرح الوزير الإسرائيلى السابق بنيامين بن أليعازر، مهندس صفقة تصدير الغاز المصرى لإسرائيل، والذى أشارت مذكرات الرئيس المخلوع التى نشرتها «روزاليوسف» منذ حوالى شهرين إلى أنه كان مستشارًا شخصيًا لمبارك بقوله: «أنا حزين لأنى انتظرت استعمال الرحمة مع الرئيس حسنى مبارك، وليس الحكم عليه بالسجن المؤبد». البراءة للقتلة والمجرمين، والعذاب لأهالى الشهداء والثائرين.. لك الله يا مصر.
