سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
مستوردو البلاستيك يعلنون الحرب على وزير الصناعة لإصداره قراراً يتعارض مع مصالحهم الخاصة..«عيسى» قرر فرض رسوم إغراق لحماية الصناعة الوطنية.. والمستوردون يهددون بتحريض العمال على التظاهر
فى الوقت الذى تعانى فيه الصناعة المصرية بوصفها أحد الأعمدة الرئيسية فى الاقتصاد المصرى والذى يتعرض لضربات متتالية، شن مستوردو البلاستيك هجوما حادا على الدكتور محمود عيسى، وزير الصناعة والتجارة الخارجية، لإصداره قراراً مهما لحماية الصناعة الوطنية من التدهور أمام هجمة الخامات المستوردة من مادتى البروبلين والبولى بروبلين، إلا أن تعارض هذا القرار مع مصالح البعض كان سببا فى حرب شعواء يشنها المستوردون على الوزير بدعوى أن القرار غير مدروس، رغم حالة الارتياح التى سادت عددا من الكيانات الاقتصادية المحلية العاملة فى هذا المجال تجاه إصدار القرار، خاصة أنه سيوقف نزيف الخسائر التى تتكبدها صناعة البتروكيماويات فى مصر، نتيجة سياسات الإغراق الناجمة عن عدم وجود ضوابط صارمة لتحديد الكميات المستوردة بما لا يؤثر سلبا على الصناعة الوطنية. ويقضى قرار وزير الصناعة الذى يحمل رقم 430 لسنة 2012، بتاريخ 31 مايو 2012، بفرض تدابير وقائية مؤقتة على الواردات، وذلك استجابة لمطالب العديد من رجال الأعمال الذين تقدموا بمذكرة للوزير طالبوا فيها بحماية ورعاية صناعة البروبلين والبولى برولين ضد ممارسات الإغراق والمنافسة غير العادلة، بفرض رسوم حماية فورية على استيراد مادة البولى بروبلين – بند جمركى 90/10/2/39 – والتى تنتجها الشركة الوطنية، وتغطى حاجة السوق بالكامل، وفقاً لأحكام قانون حماية الاقتصاد القومى من الممارسات الضارة فى التجارة الدولية، وأسوة بما تم فى واردات الملابس الجاهزة والأقمشة والغزل، وبما فيه من خدمة للصناعة والاستثمارات المصرية. وقال رجل الأعمال محمد فريد خميس، ل«اليوم السابع»، إن القرار يحمى الصناعة الوطنية والاستثمارات المحلية فى البتروكيماويات التى تتعرض إلى مخاطر بالغة فى ظل المنافسة غير العادلة، وتعمد الضرر، وحرق الأسعار، وعدم المعاملة بالمثل فى فتح الأسواق ودعم الحكومات العربية لشركاتها المحلية من خلال %30 تخفيضا للمادة الخام، بالإضافة إلى إعفاءات ضريبية وجمركية، وانخفاض أسعار الفائدة على القروض، وإعفاءات جمركية وأراض مجانية، ودعم للكهرباء والغاز والماء، موضحاً أنه فى ظل المنافسة الاقتصادية العالمية، ومع إغلاق الدول الأجنبية لأسواقها بإجراءات مباشرة وغير مباشرة على منتجها المحلى، فقد اتبعت حكوماتنا السابقة منذ فترة سياسة انفتاح السوق على مصراعيه للاستيراد دون فرض رسوم جمركية وحمائية للمنتج المحلى. وأضاف «خميس»، أن السياسة التجارية فى دول المنطقة العربية والتى نفتح لها أسواقنا على مصراعيها من خلال إجراءات معقدة، وموافقات صعبة والتصدير إليها صعب، وأن هذه السياسة تم تطبيقها لحماية بلادها من المنافسة ومساعدتها على النمو، ولا تزال مطبقة حتى الآن رغم عدم الإعلان عنها، وهى السبب الرئيسى فى نمو هذه الصناعة لديهم ولدى غيرهم من الدول. وتابع «خميس»: «إن السوق المصرية يمكن أن تستوعب معظم الإنتاج المحلى لهذه الصناعة وغيرها، وهو كاف إذا وجدت الإجراءات اللازمة إلى أن تمر الصناعة من عنق الزجاجة لهذه الأزمة، وحتى تعود الأمور إلى طبيعتها، أما الاستمرار فى فتح الأسواق لكل من يريد أن يتخلص من الإنتاج الفائض لديه أو تعمد الضرر، فسوف تكون سيئة على الصناعة المحلية وبالتالى تهديد الاستثمارات القائمة». وأوضح أن مجموعة المستثمرين لا تطالب بإجراءات استثنائية قدر تطبيق القرارات القائمة، ومن بينها قرار تحديد الكمية التى تستورد من إحدى دول الخليج ب30 ألف طن. وقالت المذكرة المرفوعة لوزير الصناعة، والتى حصلت عليها «اليوم السابع»: «إن بيانات الجمارك ووزارة التجارة أثبتت أن هذه الكمية المستوردة وصلت إلى 154 ألف طن فى عام 2010، وزادت إلى 257 ألف طن عام 2011، وهى فى تزايد مستمر»، موضحة أنها لا تعترض على حصول الإنتاج السعودى على حصة مناسبة وهى 30 ألف طن، أما أن تسيطر السوق المصرية تماما ويصبح نصيبها أكثر من %75 من السوق، وتفقد الشركة المصرية أحقيتها فى هذه السوق بسبب عدم القدرة على مجاراة تخفيض الأسعار، فهو أمر لابد من تداركه». وأضافت المذكرة أن مجموعة «النساجون الشرقيون» قامت بإنشاء شركة للبتروكيماويات وصناعاتها الوسيطة، وهى صناعة البروبلين والبولى بروبلين بالمشاركة مع وزارة البترول وعدد من المستثمرين العرب والمصريين، والذى كان أول مصنع بمنطقة شمال غرب خليج السويس عام 2001، وتوقف الإنتاج تماما فى سبتمبر 2011 بسبب الخسائر المتلاحقة التى تجاوزت 100 مليون جنيه فى عام واحد، وكذلك عشرات الملايين فى السنوات السابقة، وذلك للمنافسة غير المشروعة من الشركات المصدرة إلى مصر، خاصة شركات الخليج وغيرها، حيث وصل ثمن بيعها فى السوق المصرية لأقل من ثمن المواد الخام. وتم فرض رسوم إغراق على الواردات بمعدل %26، عام 2003، ثم أقدم وزير الصناعة الأسبق على إلغائه عام 2005، وذلك بالاتفاق مع الشركات الخليجية على أن تلتزم تلك الشركات بتصدير حصة سنوية لا تتجاوز 30 ألف طن، إلا أنهم لم يلتزموا بالاتفاق، حيث بلغت الواردات منهم أضعاف هذا الرقم، إلى أن قام الوزير الأسبق بإلغاء الحد الأقصى، وفى يناير عام 2009 قامت وزارة الصناعة بإجراء دراسة وتحقيق طبقاً لقواعد منظم التجارة العالمية، ولكن الوزير الأسبق لم يصدر القرار لأسباب غير معروفة. وأشارت المذكرة إلى أن وزارة البترول عرضت على مجموعة «النساجون الشرقيون» المشاركة والترويج لدى شركات الاستثمار العربية لإقامة مصنع آخر باستخدام تكنولوجيا جديدة وطاقة إنتاجية كبيرة، ويبدأ بمراحل أولية عن مصنع «الشرقيون للبتروكيماويات»، أى يحصل على مشتقات الغاز – البروبان – من الشركة المتحدة لمشتقات الغاز المقامة فى بورسعيد، ولذلك أقيم المصنع بجوار هذه الشركة، وبلغت التكلفة الإنشائية 6.5 مليار جنيه، وتساهم فيه بنسبة %26 وزارة البترول و%48 للمستثمرين العرب و%26 للمستثمرن المصريين، وبدأ المصنع فى الإنتاج فى 2011، ولكنه يواجه منافسة شرسة من الشركات العربية تجعله يحقق خسائر محتملة، وأضحت أن الشركة المصرية لا تنتج بكامل طاقتها 400 ألف طن، إنما تنتج 250 ألف طن فقط، يوجه معظمها للتصدير للأسواق الخارجية التى فرضت رسوم إغراق أو حماية على الإنتاج الخليجى الوارد لبلادها، وبالتالى فإن طاقة المصانع المصرية يمكنها أن تغطى كل احتياجات السوق المحلية، ويتوافر فائض مناسب للتصدير. وبمجرد صدور قرار الوزير وبدء تطبيقه منذ 3 يونيو الجارى بدأت آثاره تزعج المستفيدين من سياسات الإغراق السابقة، حيث أغضب عددا من مستوردى البلاستيك الذين وصفوا القرار بأنه «عشوائى» وغير مدروس، ولوحوا للوزير بدعوة عمال المصانع للخروج والتظاهر للتنديد بالقرار والضغط عليه للتراجع عن فرض رسوم الإغلاق، كما هددوا بتصعيد الأمر، ورفع شكوى إلى الدكتور كمال الجنزورى ضد وزير الصناعة الدكتور محمود عيسى بسبب تفعيل ذلك القرار.