لم يكن أمس السبت يوما معتاد فى حياة مواطنى مدينة ميلانو الإيطالية ولكنه كان يوما فريدا لا يتكرر سوى كل بضع سنوات التى ينزل فيه جميع سكانى المدينة إلى الشوارع بأطفالهم ونسائهم والمرضى والمتقاعدين حاملين الأعلام والرايات البيضاء احتفالا بزيارة البابا بندكتس السادس عشر بابا الفاتيكان للمدينة الجميلة للاحتفال بعيد الأسرة السابع. ففى أثناء زيارتى للمدينة الإيطالية الساحرة التى تحمل عبق التاريخ من معالم الحضارة الرومانية القديمة، تزامن زيارة تاريخية لبابا الفاتيكان للاحتفال بعيد الأسرة، وهو ما لقى اهتماما كبيرا على المستوى الرسمى والشعبى بدأ بمنح المواطنين إجازة رسمية للاحتفال بالعيد والزيارة وبدأت الترتيبات الأمنية من ليلة الجمعة، وتم إصدار تعليمات بتوقف حركة النقل وسط المدينة التى تسمى "بالدوما" التى توجد بها كاتدرائية بولس الرسول، ومنذ السابعة توافد الملايين إلى الشوارع انتظار لمرور البابا فى جولته داخل شوارع ميلانو ووقفت الكشافة الكنسية على جانبى الطريق تنظم الحشود ووضع حواجز لإفساح الطريق لمرور البابا ووفد الكرادله، وطوال الوقت تجد جنسيات مخلفة تشارك فى الاحتفالية من دول مختلفة، كما شارك مئات المصريين المتواجدين بكثافة بميلانو لرؤية الحدث التاريخى. وفى الساعة الواحدة والنصف تزايدت دوريات الشرطة وتحركت طائرات هيلكوبتر أعلى ميلانو لتامين مرور الموكب الكنسى حتى بدأ الموكب بعدد كبير من الدرجات البخارية وخلفها بعض السيارات ويظهر بابا روما داخل بسيارة بيضاء صممت بشكل عبارة عن غطاء كبير من الزجاج وبها كرسى كبير يجلس عليه البابا بنديكت ليمر وهو يلوح بيده إلى حشود المواطنين على جانبى الطريق ويباركهم وهم يحملون الأعلام ويصرخون فارحين ويمر الموكب وخلف سيارة البابا تمر حافلة كبيرة يوجد بها مجمع الكرادلة، ليستقر البابا فى الكاتدرائية الكبرى ويلقى كلمته بمناسبة العيد السابع للعائلات. قد وجه البابا بنديكت رسالة أكد فيها أن اللقاء العالمى للعائلات يشكل فرصة مميزة لإعادة التفكير بالعمل والعيد من منظار عائلة متحدة ومنفتحة على الحياة ومندمجة فى المجتمع والكنيسة، وأشار إلى أن هذا الحدث كى يكون مثمرا، ينبغى أن يرتبط بمسيرة ملائمة من الاستعداد الكنسى والثقافى. وأكد فى مستهل كلمته قربه بالصلاة وتضامنه مع المتضررين من هزة أرضية جديدة ضربت منطقة إيميليا رومانيا وايطاليا. وأشار بندكتس السادس عشر إلى أن اللقاء العالمى السابع للعائلات يقدّم له فرصة سعيدة لزيارة هذه المدينة وتجديد العلاقات الوثيقة والدائمة التى تربط أبرشية ميلانو بكنيسة روما وخليفة بطرس وتابع بندكتس إن موضوع اللقاء يذكّرنا بأن البيئة العائلية هى مدرسة فى الإنسانية والحياة المسيحية لكل أعضائها وأشار إلى أنها مدعوة لعيش وتنمية المحبة المتبادلة والحقيقة، الاحترام والعدالة، الإخلاص والتعاون وخدمة الآخرين لاسيما الأكثر ضعفا. وتحدث الكردينال إنيو أنطونيلى عن أهمية المؤتمر اللاهوتى الرعوى وشدد على تعزيز دور العائلة فى زمن الأزمات. أما رئيس أساقفة ميلانو الكردينال أنجلو سكولا فعبر بدوره عن تضامنه مع ضحايا الهزة الأرضية وسلط الضوء على موضوع اللقاء "العائلة: العمل والعيد" وقال إنه يعبر عن الوحدة وأشار إلى أن مشاركة عدد كبير من الصحافيين لتغطية هذا الحدث تعكس أهميته فى إيطاليا والعالم كله. يذكر أن أول لقاء عالمى للعائلات عقد فى يونيو عام 1994 فى روما حول موضوع "العائلة: قلب حضارة المحبة" ذلك فى إطار الاحتفال بالسنة الدولية للعائلة (1993 1994) أما اللقاء الثانى للعائلات فقد استضافته مدينة ريو دى جانييرو بالبرازيل فى العام 1997 تحت عنوان "العائلة: عطية والتزام، رجاء للبشرية"، وبعد ثلاث سنوات عادت روما لتستضيف ثالث لقاء عالمى للعائلات فى إطار الاحتفال بيوبيل العام 2000 وقد تمحور حول موضوع "الأبناء، ربيع العائلة والمجتمع". وفى العام 2003 كان اللقاء العالمى الرابع للعائلات فى مانيلا عاصمة الفيليبين تحت عنوان "العائلة المسيحية: بشرى سارة للألفية الثالثة"، فى ما استضافت مدينة فالينسيا الإسبانية اللقاء العالمى الخامس عام 2006 حول موضوع "نقل الإيمان فى العائلة". أما اللقاء العالمى السادس للعائلات فعقد فى مكسيكو سيتى فى كانون الثانى يناير عام 2009 تحت عنوان "العائلة: منشئة على القيم الإنسانية والمسيحية" وفى رسالة وجهها لهذه المناسبة، قال بندكتس السادس عشر إن موضوع اللقاء يذكّرنا بأن البيئة العائلية هى مدرسة فى الإنسانية والحياة المسيحية لكل أعضائها وأشار إلى أنها مدعوة لعيش وتنمية المحبة المتبادلة والحقيقة، الاحترام والعدالة، الإخلاص والتعاون وخدمة الآخرين لاسيما الأكثر ضعفا. وأكد الأب الأقدس فى رسالته أن العائلة تتحول بالقوة النابعة من الصلاة إلى جماعة تلاميذ ورسل للمسيح، وذكّر بأن العائلة هى خلية حيوية للمجتمع، والمورد الأول والأساسى لنموه، وأشار إلى أن العمل لصالح العائلة يعنى العمل من أجل مستقبل لائق ومشرق للبشرية ولبناء ملكوت الله. يذكر أن أول لقاء عالمى للعائلات عقد فى يونيو عام 1994 فى روما حول موضوع "العائلة: قلب حضارة المحبة" ذلك فى إطار الاحتفال بالسنة الدولية للعائلة (1993 1994) أما اللقاء الثانى للعائلات فقد استضافته مدينة ريو دى جانييرو بالبرازيل فى العام 1997 تحت عنوان "العائلة: عطية والتزام، رجاء للبشرية"، وبعد ثلاث سنوات عادت روما لتستضيف ثالث لقاء عالمى للعائلات فى إطار الاحتفال بيوبيل العام 2000 وقد تمحور حول موضوع "الأبناء، ربيع العائلة والمجتمع". وفى العام 2003 كان اللقاء العالمى الرابع للعائلات فى مانيلا عاصمة الفيليبين تحت عنوان "العائلة المسيحية: بشرى سارة للألفية الثالثة"، فى ما استضافت مدينة فالينسيا الإسبانية اللقاء العالمى الخامس عام 2006 حول موضوع "نقل الإيمان فى العائلة". أما اللقاء العالمى السادس للعائلات فعقد فى مكسيكو سيتى فى كانون الثانى يناير عام 2009 تحت عنوان "العائلة: منشئة على القيم الإنسانية والمسيحية" وفى رسالة وجهها لهذه المناسبة. ودعا بابا الفاتيكان فى كلمته التى ألقائها بمدينة ميلانو بمناسبة اللقاء السابع للعائلات، إلى الترابط والتقارب بين الأسر من اجل العمل وتنمية الحوار واحترام وجه نظر الآخر والاستعداد للخدمة، والصبر على نقائص الآخرين، وتعلّم المغفرة وطلب السماح، وتخطى الخلافات المحتملة بحكمة وتواضع، والاتفاق على الإرشادات التربوية، والانفتاح على باقى العائلات والاهتمام بالفقراء، والتحلى بحس المسؤولية فى المجتمع المدنى. وجاءت نص الكلمة لبابا روما قائلا: إننا مدعوون لقبول ونقل حقيقة الإيمان وعيش المحبة المتبادلة نحو الجميع من خلال تقاسم الأفراح والآلام، وتعلّم طلب المغفرة ومنحها وتثمين المواهب المتعددة بإرشاد الرعاة. بكلمة لقد عُهدت إلينا مهمة بناء جماعات كنسية تكون عائلة أكثر فأكثر، قادرة على التأمل بجمال الثالوث الأقدس والبشارة ليس بالكلمة فقط إنما بقوة المحبة المعاشة. وذكّر بندكتس السادس عشر بما جاء فى سفر التكوين "فخلق الله الإنسان على صورته على صورة الله خلقه ذكرًا وأنثى خلقهم. وباركهم الله وقال لهم انموا وأكثروا"، وأضاف يقول إن الحب يجعل من الشخص البشرى صورة الله الحقيقية، وأشار إلى أن الحياة العائلية هى المدرسة الأولى والمتعذّر استبدالها للفضائل الاجتماعية كاحترام الأشخاص، المجانية، الثقة، المسؤولية والتضامن والتعاون. حث البابا الأزواج على الاعتناء بأبنائهم، وفى عالم تهيمن عليه التقنية، دعاهم لينقلوا إليهم، بهدوء وثقة، دوافع العيش وقوة الإيمان، مع التطلع لأهداف سامية، ومؤازرتهم فى الضعف، وتوجّه للأبناء داعيا إياهم للحفاظ دوما على علاقة محبة عميقة واهتمام بوالديهم، وشدد على أهمية أن تكون العلاقات بين الأخوة والأخوات فرصة أيضا للنمو فى المحبة. وتوجه الأب الأقدس للأزواج قائلا: بعطية خاصة من الروح القدس، يجعلكم المسيح علامة حبه للكنسية. وإذا عرفتهم قبول هذه العطية مجددين كل يوم وبإيمان، "النعم" بالقوة الآتية من نعمة السر، ستعيش عائلتكم أيضا من محبة الله، على مثال عائلة الناصرة المقدسة. كما دعا البابا العائلات لطلب معونة العذراء مريم والقديس يوسف فى الصلاة لتعلّم قبول محبة الله، كما قبلاها، وقال: ليس من السهل عيش دعوتكم، لاسيما فى يومنا الحاضر، غير أن المحبة حقيقة رائعة، والقوة الوحيدة القادرة بحق على تبديل العالم. وبهذا الصدد ذكّر بندكتس السادس عشر بشهادة عائلات كثيرة ترشد لدروب النمو فى المحبة: الحفاظ على علاقة دائمة مع الله والمشاركة فى الحياة الكنسية وتنمية الحوار واحترام وجه نظر الآخر والاستعداد للخدمة، والصبر على نقائص الآخرين، وتعلّم المغفرة وطلب السماح، وتخطى الخلافات المحتملة بحكمة وتواضع، والاتفاق على الإرشادات التربوية، والانفتاح على باقى العائلات والاهتمام بالفقراء، والتحلى بحس المسؤولية فى المجتمع المدنى، وأضاف الأب الأقدس أنها عناصر تبنى العائلة، ودعا الجميع لعيشها بشجاعة واثقين بأنه، ومن خلال معونة النعمة الإلهية، وبمقدار ما يعيشون المحبة المتبادلة نحو الجميع، يصبحون إنجيلا حيّا وكنيسة بيتية حقيقية. أشار البابا فى كلمته إلى أن منطق المنفعة الخاصة لا يستطيع أن يساهم فى نمو متناغم وخير العائلة وبناء مجتمع أكثر عدلا، وقال إن الذهنية المنفعية تميل للانتشار أيضا فى العلاقات بين الأشخاص، وفى العلاقات العائلية، مهددة متانة النسيج الاجتماعى. وتحدث بندكتس السادس عشر عن الراحة والعيد وقال: إن العيد بالنسبة لنا نحن المسيحيين هو يوم الأحد، يوم الرب الفصح الأسبوعى. هو يوم الإنسان وقيمه: الصداقة التضامن، الثقافة، الاحتكاك بالطبيعة، الرياضة. هو يوم العائلة التى نعيش فيها معا معنى العيد واللقاء والمقاسمة من خلال المشاركة أيضا فى القداس الإلهى. وحث البابا العائلات فى ختام عظته على عدم فقدان معنى يوم الرب! فهو كواحة نتوقف فيها لتذوق فرح اللقاء وإرواء عطشنا لله. العائلة، العمل والعيد، ثلاث عطايا من لدن الله، ثلاثة أبعاد لحياتنا ينبغى أن تجد توازنا متناغما، من أجل بناء مجتمع ذى وجه إنسانى.