لم تكن واقعة إدراج أسماء أفراد متوفين وضباط من الجيش والشرطة داخل الكشوف الانتخابية قبل انطلاق الانتخابات الرئاسية بساعات، هى الأولى من نوعها فقد سبقتها فى ذلك واقعة أخرى شبيهة عندما قام عدد من المواطنين بإدخال بطاقات الرقم القومى الخاصة بذويهم المتوفين على الموقع الإلكترونى للجنة العليا للانتخابات البرلمانية الأخيرة وفوجئوا بوجود أسمائهم ضمن تعداد المواطنين الذين لهم الحق فى الإدلاء بأصواتهم بالانتخابات، ووقتها ثارت حالة من الجدل واتهم البعض اللجنة المشرفة على الانتخابات بعدم تحرى الدقة فى إعداد كشوف الناخبين وتنقيتها. «إعداد الكشوف الانتخابية حق للجنة العليا المشرفة على الانتخابات تعاونها فى ذلك وزارة الداخلية.. وبعدما يتم الانتهاء من إعدادها تقوم اللجنة بمراجعتها مرة أخرى ولكن فى جميع الأحوال ووفقا للمادة 10 من قانون مباشرة الحقوق السياسية يتم الانتهاء من كشوف الناخبين فى شهر يناير من كل عام وبعد صدور قرار دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم لا يجوز إدخال أى تعديل على قاعدة البيانات الخاصة بالناخبين».. بهذه الكلمات فسر الفقيه الدستورى وأستاذ القانون الدكتور شوقى السيد الإشكالية التى حدثت مؤخرا والخاصة بإدراج أسماء الموتى وأفراد الجيش والشرطة فى جداول الناخبين، مضيفا أنه من الوارد أن يتوفى مواطن بعد إدراج اسمه فى الكشف وإعلان الدعوة للتصويت دون علم من اللجنة العليا المشرفة على الانتخابات نظرا لعدم إخطارها من قبل وزارة الصحة أو حصولها على شهادة الوفاة الخاصة به من قبل مكتب السجل المدنى. ويضيف السيد أن الحالة الوحيدة التى يتم بموجبها اتخاذ أى إجراء قانونى هو استغلال بعض المواطنين لتلك الواقعة والقيام بالتصويت عن أقاربهم المتوفين مما يعد «تزويرا» يستحق المعاقبة، «لا توجد مشكلة فى إدراج اسم المتوفى فى الكشوف الانتخابية ولكن المشكلة الحقيقية هى أننا نجد هذا الاسم يدلى بصوته عن طريق معارفه مثلما كان يحدث فى عهد الرئيس البائد وهذا تزوير واضح وصريح»، وعن وجود أسماء لضباط جيش وشرطة فى الكشوف الانتخابية يقول السيد إن جميعها أخطاء يمكن تداركها والتماس العذر فيها للجنة المكلفة بإعداد بيانات أكثر من 50 مليون مواطن. أما المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، فيقول أنه سيبقى أسماء الحالات المتوفية فى الكشوف الانتخابية ولا مشكلة فى ذلك طالما أن التصويت يتم من خلال بطاقة الرقم القومى التى يكشف عنها حاملها وبالتالى لا يوجد ضرر يستدعى الحكم على الانتخابات التى تتم بناء على تلك الكشوف بأنها مزورة أو غير نزيهة. ويضيف مكى أنه من الصعب تنقية الكشوف لحظة بلحظة فهذا الأمر يتم فى بداية كل عام وبعد صدور قرار دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم لا يجوز تعديل قاعدة البيانات، وعن وجود أسماء ضباط من الجيش والشرطة فى الكشوف الانتخابية يقول مكى إنه لا يوجد نص فى قانون مباشرة الحقوق السياسية يمنع ضباط الجيش والشرطة من الإدلاء بأصواتهم فى أى انتخابات «النص القانونى قال هؤلاء يُعفوا من المشاركة وليس يحرموا أو يتم منعهم». وعن الإجراءات التى سيتم اتخاذها فيما بعد للتعامل مع تلك الأخطاء الواردة ولضمان عدم تكرارها فيما بعد يقول مكى: لا توجد أداة قانونية يمكن بموجبها معاقبة كل من يخطأ ويرد اسم مواطن متوفى أو فرد جيش وشرطة فى الكشوف الانتخابية فكل هذه أخطاء يمكن تفاديها فيما بعد دون الإخلال بمجهود القائمين على تلك الكشوف. ويشير المحامى مختار نوح والقيادى السابق بجماعة الإخوان المسلمين، إلى أن هناك شكاوى كثيرة تم تقديمها للجنة العليا للانتخابات الرئاسية ولم يتم النظر أو التحقيق فيها حتى وقتنا هذا، مضيفا أن أشكال التزوير المعتادة والمتعارف عليها والتى تم استخدامها مرارا وتكررار فى انتخابات النظام الساقط على اختلاف أنواعها، أصبحت مكشوفة وبالتالى سيتم اللجوء لأشكال أخرى من الصعب التعرف عليها. ويضيف نوح أن الكشف على هذا التزوير سيمس سمعة اللجنة نفسها والمجلس الأعلى للقوات المسلحة بداية من عدم وجود أى وسيلة للمراقبة على قرارات اللجنة المشرفة على الانتخابات «قرارات اللجنة تثير الريبة حتى لو كانت اللجنة من الأنبياء والصالحين فعدم إعلانها عن قراراتها مسبقا أمر يثير الريبة والشك ولا مجال لتحريك أى دعوى قضائية خاصة بتلك الكشوف أو الأخطاء التى حدثت فيها لأن كل شىء أولا وأخيرا بيد اللجنة فقط». الدكتور ثروت بدوى، الفقية الدستورى وأستاذ القانون، يقول إن إدراج أسماء المتوفين وضباط الجيش والشرطة فى الكشوف الانتخابية ليست كارثة بل خطأ وارد وعلاجه هو محاولة تنقية تلك الكشوف من خلال اللجنة المشرفة على الانتخابات ووزارة الداخلية فمن الوارد أن يتم الكشف على مواطن توفى بعد إدراج اسمه فى الكشف وإعلان قرار دعوة الناخبين للتصويت وبالتالى سيكون من الصعب تعديله، ويضيف بدوى أن تلك الأخطاء لا تعنى أن الكشوف أو الانتخابات كلها مزورة حتى إن وصل كم الأخطاء إلى 10 آلاف اسم من إجمالى 50 مليون اسم.