تسود الأوساط السياسية الإسرائيلية سواء على المستوى السياسى أو المستوى العسكرى حالة من القلق والترقب والحذر الشديد من نتائج انتخابات الرئاسة المصرية التى أدلى فيها مئات الآلاف من المصريين بأصواتهم على مدار يومين كاملين. وخصصت العديد من مراكز الأبحاث الإسرائيلية تحليلاتها خلال الأيام الماضية حول قرار جماعة "الإخوان المسلمين" بتقديم مرشح لهم فى الانتخابات الرئاسية، معتبرين ذلك انخراط أعضاء الجماعة من نوع جديد داخل الحياة السياسية فى مصر بعد انقطاع دام عدة سنوات بسبب ما كانوا يواجهونه من ملاحقات من قبل نظام حسنى مبارك السابق، خاصة بعد أن برعت أيضاً بنجاح غير مسبوق فى الانتخابات البرلمانية والتى حصلت خلالها على أكثر من 47 % من إجمالى أصوات الناخبين. وفى السياق نفسه، يحاول المسئولون الإسرائيليون تجنب المواجهة مع أى طرف مصرى منذ اندلاع الثورة المصرية خاصة الجماعات الإسلامية منها تخوفاً من انهيار اتفاقية السلام الموقعة بين الجانبين عام 1979، والتى وصفها بعض المحللين الإسرائيليين بمركز "مناحم بيجين" للسلام أنها تقف على المحك، كما أنهم يبدون خشية كبيرة من صعود الإخوان المسلمون التى تعتبر أكثر الحركات المصرية دعماً لحركة حماس التى ستؤدى إلى انقلاب المعادلات الإقليمية. وأعد المحلل الإسرائيلى العميد احتياط بالجيش الإسرائيلى شاؤول شاى دراسة بحثية مطولة لصالح مركز "ديان" للدراسات الإستراتيجية حول الأوضاع التى تشهدها مصر حاليا وتوجهات جماعة الإخوان فى حال فوز مرشحهم فى الانتخابات الرئاسية تجاه الاتفاقيات الموقعة والسياسة التى ستتبعها تجاه الدولة العبرية. ورأى المحلل الإستراتيجى الإسرائيلى أن قرار "الإخوان المسلمين" بزج مرشح لهم فى الانتخابات الرئاسية جاء بعد يقين قيادة الجماعة بعدم الاكتفاء وكذلك عدم قدرة أغلبيتها فى مجلسى الشعب والشورى على السيطرة فى البلاد بعد نجاحها فى الانتخابات البرلمانية من خلال القيام بتحدى المؤسسة الرئاسية. وأشار شاؤول شاى خلال الدراسة إلى أن ترشح الإخوان للرئاسة يعبر عن ثقتها العالمية فى قوتها وعزيمتها وإرادتها للسيطرة على غالبية مراكز القوة فى مصر وخلال وقت قصير خلافاً لطريقتها التقليدى والمعروفة والتى كانت تفضل ذلك من خلال مسيرة أو طريقة حذرة طوال الفترة السابقة. وأكد شاى أن جذور نجاح الجماعة التى تأسست فى مصر عام 1928 تكمن فى رؤيتها التى تدمج بين العناصر الدينية والاجتماعية والسياسية بطريقة إسلامية مختلفة عن باقى الحركات الإسلامية العالمية، مشيراً إلى أن مصدر قوتها الرئيسى هو فى النظام الاجتماعى الاقتصادى والدعوة والتى أسستها حسن البنا وتم تطويرها عبر السنوات الماضية والتى استطاعت عن طريق تلك الشبكة تجنيد أعداد هائلة من أعضائها ومؤيديها. وأبرز الخبير الإسرائيلى فى تحليله أن الجماعة قد تبنت منذ تأسيسها معاداة الصهيونية، وأنها شاركت فى محاربة إسرائيل قبل قيامها على الأراضى الفلسطينية عام 1948، مشيراً إلى أن قيادة الإخوان رفضت حق إسرائيل فى الوجود وعارضت على مدار السنوات الماضية اتفاقيات السلام الموقعة كما رفضت الحلول الوسطية بين الجانب الإسرائيلى والعرب، موضحا أنه بناء على تلك الأسباب فإن اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل قد ينهار فى حال وصول الجماعة للحكم. واعتبر شاى أن مساهمة الجماعة عسكرياً ضد إسرائيل فى عام 1948 كانت محدودة فى أهميتها الأيديولوجية إلا أنها نجحت فى تكريس الجهاد ضد الدولة العبرية فى نفوس أعضائها، وكان لها أثر كبير فى إثبات وجودها وقدرتها للحركة فى ترجمة أفكارها لعمل فعلى وختم العميد الإسرائيلى بالاحتياط تحليله قائلا: "إن نجاح جماعة الإخوان فى الانتخابات البرلمانية فى مصر والتى أصبحت تمثل أبرز القوى المركزية فى الهيئة السياسية المصرية سيؤدى إلى خرق جديد فى العلاقات المصرية الإسرائيلية"، موضحاً أن المستقبل لا يبشر بخير تجاه الإسرائيليين فى حال وصولهم للحكم.