تبدأ الانتخابات النيابية فى اليونان غدا وسط اضطرابات اقتصادية طاحنة تشهدها أثينا خاصة فيما يتعلق بأزمة الدين اليونانى، وألقى المشهد الجديد بظلاله على الاقتصاد اليونانى خلال الفترة القادمة بشكل خاص، حيث كان تركيز الأحزاب والمرشحين على البرامج الاقتصادية للنهوض بالبلد من الأزمة واضحاً فى الحملات الانتخابية. تأتى الانتخابات اليونانية هذا العام فى ظل بعض التغيرات التى طرأت على الخريطة السياسية التى كان يهيمن عليها حزبا الوسط الاشتراكى (باسوك) واليمينى (الديمقراطية الجديدة) طيلة 40 عاما حيث كانا طيلة هذه المدة يحصلان على أكثر من 80% من أصوات الناخبين اليونانيين، ولكن ظهرت أحزاب جديدة إما نشأت حديثاً أو انشقت عن الأحزاب القائمة. ومع اشتراك العديد من الأحزاب الصغيرة فى الانتخابات، لوحظ أن الأيام الأخيرة شهدت تكتلا حول حزب اليمين (الديمقراطية الجديدة) آملا أن يحدث الأمر نفسه بالنسبة للحزب الاشتراكى (باسوك) للحصول على نسبة ال50% المطلوبة، حيث أن الاقتصاد سيحتاج وقتاً طويلا ليتعافى من الركود ما لم تتغير السياسة الاقتصادية. من جهته قال يورغوس بونديكوس نقابى يونانى، إن إجراءات التقشف التى تعهدت الحكومة الحالية بتنفيذها ابتداء من شهر يونيو الجارى خلقت حالة تخوف لدى المواطنين اليونانيين من أى حكومة قادمة لا بد أن تقوم بإجراءات تقشفية جديدة، وهذا يشمل فرض ضرائب جديدة وتخفيض المعاشات التقاعدية، إضافة إلى تخفيض الحد الأدنى للأجور، ويعنى ذلك أن الإجراءات الجديدة تشمل وصول الحد الأدنى للأجور إلى 500 يورو (661 دولارا) شهرياً، مقدراً أن أسرة مكونة من أب وأم وطفلين تحتاج فى أقل التقديرات إلى 1400 يورو (1852 دولارا) شهرياً لتعيش بكرامة مع ارتفاع الأسعار الدائم. وأضاف أن الحزبين الرئيسيين الاشتراكى (باسوك) والديمقراطية الجديدة تعهدا بتنفيذ الإجراءات فى حال فوزهما، مفسرا تصويت الناخبين لهما بأن جزءا كبيرا من المواطنين يرى أنه لا طريق إلا هذه الإجراءات التقشفية وأنه إذا لم يتم تنفيذها فسوف يتسبب ذلك بإفلاس البلد. وقال النائب عن حزب الديمقراطية الجديدة الوزير السابق بروكوبيس بافلوبولوس، للجزيرة نت، إن حزبه يطلب من الناخبين تفويضا قويا للقيام بالتغييرات المطلوبة للاقتصاد. وأضاف أنه وفى حال عدم حصوله على الأغلبية فسيطلب من الحزب الثانى -وهو باسوك- منحه "تصويت تسامح" وهو إجراء معمول به فى أوروبا، معتبرًا أنه إن لم يوافق الاشتراكيون على هذا الطلب فسيتحملون المضى نحو انتخابات جديدة، محذرا من أن ذلك إجراء مضرّ بالبلد. وحول اتفاق خطة الإنقاذ لبلاده لمواجهة أزمة ديونها الخانقة والمقدمة من صندوق النقد الدولى والاتحاد الأوروبى، بين أن الاتفاقية لا يمكن أن تتغير، لكن الذى يمكن تغييره هو الطريقة. أما ثيوذوريس ذريتساس، النائب عن حزب التجمع اليسارى (سيريزا)، فقدر أن اليسار سيخرج قويا من الانتخابات، دون أن يعنى ذلك تغير الأمور خلال فترة قصيرة، لكنه سيفتح الطريق لتغييرات كبيرة جدا، معتبرا أن أى حكومة ائتلاف بين الحزب الاشتراكى "باسوك" والديمقراطية الجديدة اليمينى، سوف تكون انتقالية ومؤقتة. واعترف ذريتساس بأن اليسار مشتت الصفوف لكنه قال إن ناخبيه يطلبون منه التوحد بشكل دائم حتى من الأحزاب التى ترفض ذلك، وهذا ما يدعم مقترح حزبه القاضى بتوحد أحزاب اليسار. وتوقع فى تصريحات للجزيرة نت عدم حصول تغيير فى سياسة اليونان الاقتصادية لأنها أصبحت ترسم من الاتحاد الأوروبى، كما أنها مرتبطة بالقروض والمساعدات الاقتصادية الأوروبية لليونان، مشيرًا إلى أن برامج الأحزاب المختلفة لا تحتوى برامج عملية بل وعودًا عامة. وقد وقع وزير الداخلية اليونانى، تاسوس يانيتسيس، على التعميم الذى يحدد تفاصيل الإجراءات المتعلقة بالاقتراع فى الانتخابات النيابية التى ستجرى غدا الموافق 6 مايو. والجدير بالذكر أن التصويت إجبارى فى اليونان ولا يستثنى من ذلك إلا المواطن الذى تجاوز السبعين من العمر.