رصدت مؤسسة كارنيجى الأمريكية الأسباب الحقيقية التى دفعت جماعة الإخوان المسلمين للدفع بترشيح خيرت الشاطر فى الانتخابات الرئاسية، وقالت فى مقال لأستاذ الإسلام السياسى بالجامعة الأمريكية فى القاهرة أشرف الشريف، منشور فى دورية صدى الأسبوعية التى تصدرها المؤسسة، إن هناك ثلاثة تفسيرات لترشيح الشاطر: الأول أنه صفقة تتضمن ترشيح الشاطر كمرشح توافقى، والثانى أنها مناورة من جانب الإخوان وتبادل للمصالح بينهم وبين العسكر، دون وجود رهان رئاسى حقيقى على الشاطر. أما التفسير الثالث فهو أن هذا الترشيح يعبر عن توتر وتصعيد حقيقى بسبب تأزم مسار التفاوض بين الإخوان والمجلس العسكرى ونتيجة لأسباب داخلية لدى الإخوان أيضا. ويقول الشريف، إنه يميل إلى التفسير الثالث، حيث يرى أن القول بوجود صفقة أو مناورة يحمل قدراً من السذاجة والسطحية وعدم معرفة بطبيعة الشاطر وثقله داخل الإخوان ومدى ما يمثله من قوة تنظيمية وتحكيمية خطيرة، فهو ليس كرئيس مجلس الشعب سعد الكتاتنى أو رئيس حزب الحرية والعدالة محمد مرسى كى يقبل الإخوان التضحية به فى مناورة تهدف بها الجماعة لتحقيق مكاسب جزئية مثل تفتيت أصوات الإسلاميين لصالح المجلس العسكرى، مثلما يقول البعض. ويتابع الكاتب قائلا، إن المرشح التوافقى بالنسبة للمجلس العسكرى يكون رجلا من داخل الدولة، كعمر سليمان، أو على الأقل رجلا ليس له علاقة بالإسلاميين كعمرو موسى، ورغم أن الشاطر رجل له حيثيته داخل شبكة المصالح الإقليمية والمحلية لكنه يبقى من خارج الدولة. وتحدث الشريف عن أوجه الخلاف بين العسكر والإخوان، وسرد ثلاث قضايا رئيسية فى هذا الخلاف، الأولى هى الوصاية العسكرية على شئون الأمن القومى، من خلال ما يسمى بمجلس الأمن الوطنى، وثانيها هى سلطات الرئيس فى الدستور، حيث يصر الجيش على أن تكون السلطة التنفيذية الحقيقية فى يد الرئيس. والقضية الثالثة هى هوية هذا "الرئيس العسكرى التوافقى الموالى" القادم، وربما يتنازل الإخوان فى القضية الأولى، لكنهم لن يفعلوا ذلك فى القضيتين الأخريين، خاصة بعد ترشيح عمر سليمان الذى لن يقبلوا به أبدا باختيارهم فى ظل تاريخ انعدام الثقة بينهم. وعلى عكس ما يتصوره الكثيرون، يتابع الكاتب، جاء ترشيح خيرت الشاطر كرد فعل استباقى لترشيح اللواء عمر سليمان، الذى ترددت الأقاويل، شبه المؤكدة، عن حتمية ترشحه، وما ساعد على هذا اليقين بترشح سليمان، تزايد نشاط حملته لانتخابية غير الرسمية فى جمع التوكيلات الشعبية له والدعاية الإعلامية قبل ترشيحه رسمياً. كما أن إعلان سليمان فى 30 مارس أنه قد يوافق على الترشح تزامن مع إعلان منصور حسن انسحابه من السباق، وحسن هو المرشح الذى كان يُنظر إليه على أنه مرشح المجلس العسكرى غير المُعلَن، وعجل هذا التزامن بقرار الإخوان ترشيح خيرت الشاطر فى اليوم التالى مباشرة. كما أن "الإخوان" تواجه تحدياًََ من كل من عبد المنعم أبو الفتوح وعمر سليمان، بما يعنى أنهم ارتكبوا خطأ تكتيكياً فادحاً عندما قالوا فى البداية إنهم لن يطرحوا مرشحاً رئاسياً، بحجة التوافق الوطنى، وفى إطار التفاهم غير المعلن مع العسكر، يفترض أن يكون البرلمان للإسلاميين والرئاسة للعسكر، فكيف يمكن تسويق فكرة تأييد مرشح غير إسلامى أمام 3 مرشحين إسلاميين (منهم إخوانى سابق) لصالح المشروع الإسلامى، خاصة بعد الحشد على أرضية المرشح الإسلامى والمشروع الإسلامى طوال انتخابات البرلمان. وكانت النتيجة أن أطيافاً متعددة داخل الإخوان بدأت التعلق بمرشحى الرئاسة الإسلاميين، بصرف النظر عن قرار الجماعة. فالإصلاحيون تعلقوا بأبو الفتوح، والمحافظون مالوا نحو أبو إسماعيل، الأمر الذى جعل الإخوان مهددين بخسارة هيمنتهم التاريخية على الحركة الإسلامية السياسية المعتدلة لصالح فعاليات أُخرى إسلامية مستقلة على يمين الإخوان ويسارهم. ولم يكن أمام خيرت الشاطر إلا خيار وحيد، وهو أن ينزل بكامل ثقله لتوحيد الصف الإخوانى مرة أخرى، وخوض معركة انتخابات الرئاسة، بالرغم من أن الإخوان، وخلال عام كامل، لم يعتبروها معركتهم أبداً.