قال الدكتور محمود فهمى حجازى، عضو مجمع اللغة العربية، إن أهمية اللغة العربية بين اللغات العالمية وفى المستقبل لا يتحدد بمعيار واحد فقط، بل بعدة معايير، فى ظل تغير نسبة أبناء العربية إلى مجموع السكان فى العام فى السنوات الأربعين الماضية من نحو 3% إلى نحو 5%، وعدم زيادة الإنتاج الفكرى إلى مجموع الإنتاج العالمى من الكتب، مشددا على أهمية البحث العلمى والإنتاج الإعلامى لتحديد مكانة اللغة بين اللغات المعاصرة. أضاف حجازى خلال مشاركته فى مؤتمر مجمع اللغة العربية أمس الثلاثاء، إن التفكير فى مستقبل اللغة العربية ليس تخطيطاً لإحداث تغيير فى بنيتها الصوتية أو الصرفية أو النحوية، بل هو تخطيط لوجودها بين اللغات الكبرى فى الإطار العالمى، مؤكدا أن هناك صلة وثيقة بين مكانة العربية فى بلادها ومستقبلها فى خارج البلاد وإن مستقبل العربية فى الإطار العالمى أهم من أن يترك للقوى الخارجية، مشددا على أهمية الفصل وتعريف مصطلح اللغة الأولى أو اللغة الأم التى ينشأ عليها الطفل، ومصطلح اللغة الثانية التى توجد فى المجتمع إلى جانب لغات وأخرى، وتكون وسيلة للتعامل العام أو للاستخدام فى مجالات محددة. وأوضح أن الأصول التاريخية لمكانة اللغة العربية تتفاوت من منطقة لأخرى، وفق الحدود الجغرافية التى تستوعب مناطق متعددة مع التمييز الواضح بين الاستخدام اللغوى بوصفها لغة أولى أو ثانية أو لغة أجنبية، حيث تشغل اللغة العربية من حيث عدد المتحدثين المكان الخامس من بين اللغات العالمية الكبرى، علاوة على أن اللغة العربية فى العالم الإسلامى لها موقعان، الأول بوصفها لغة الشعائر الدينية لأكثر من مليار مسلم والموقع الثانى أن الإنتاج العلمى من الكتب لا يتناسب مع العدد المنشود، حيث تتأثر مكانة اللغة بعدد من يتعاملون بها ثقافيا، ولذا لابد من التفكير والتخطيط لمستقبل اللغة العربية بوضوح علمى لدى النخبة المثقفة للمفاهيم الأساسية المتصلة باللغة الوطنية وعلم اللغة الاجتماعى والتخطيط اللغوى، مع تكوين وعى جديد لدى الرأى العام للاهتمام باللغة العربية بوصفها لغة وطنية قوية فى كل البلدان فى مجالات التعليم والإدارة والإعلام لكل أبناء البلاد ومن كل الأديان والأصول العرقية، مع مراعاة واقع المناطق ذات الوضع الثقافى الخاص، والاهتمام فى الوقت نفسه باللغات الأجنبية وجعلها رافدًا مهمًا ولكنها ليست بديلة للعربية العربية. وأشار عضو مجمع اللغة العربية إلى أن اللغة ليست مجرد تخصص دراسى مثل اللغة الأكادية أو المصرية القديمة بل هى لغة مستمرة من الماضى إلى اليوم وجديرة بأن تستمر فى المستقبل كلغة مشتركة لعالم عربى جديد يتشكل ويتعاون ويشارك بشكل إيجابى فى صنع مستقبل الإنسانية، إلى جانب كونها لغة دين وتراث حضارى، كما إن مكانة العربية فى البلدان العربية المعاصرة لها أثر مباشر فى أهداف تعليمها وتعلمها واستخدامها فى الداخل والخارج، وتحدد مستقبلها فى الإطار الدولى، وهو ما يتطلب أن يكون الهدف اللغوي والثقافى ذو رؤية مستقبلية حرصًا على مزيد من علاقات التعاون بين البلدان العربية كلها وتلك البلدان، على أساس عدم عزلة أبناء العرب والعربية هناك عن السياق التعليمى المتقدم، وجعلهم أصحاب مكانة ودور حضارى. وأكد أن استخدام اللغة العربية فى المنظمات الدولية الإقليمية والعالمية موضوع هام مثل جامعة الدول العربية ومنظمة الوحدة الافريقية ومنظمة المؤتمر الإسلامى والأمم المتحدة وغيرها، وهو ما يتطلب زيادة عدد المترجمين من أصحاب المستوى الرفيع من العربية وإليها برؤية جديدة، تحترم هذا العمل ولا تجعله هامشًا على تخصصات بعض كليات الآداب واللغات، وهو عمل له أسس لغوية تطبيقية وأدوات علمية وفيه خبرات كثيرة على المستوى الأوربى.