أما الداء، فهناك منه اثنان، كل منهما يهدد مستقبل النهضة فى مصر، الأول هو سرطان الحكم ذو الخلفية العسكرية، والذى لا يريد أن يفلت مصر من خناقه وجموده، والثانى هو الفكر الدينى المتشدد الذى يتمدد ليخنق مصر بالانغلاق. قامت الثورة من أجل إطلاق نهضة الشعب، وعلى كل من حمل فكر الثورة فى التغيير والتطهير وأهدافها فى صنع النهضة أن يفكر كثيرًا فى مواصفات مرشح الرئاسة الذى يستحق دعمه. هذا المرشح لابد أن يكون له من القدرة ما يمكنه من مجابهة تلك التحديات التى تتفرع منها فروع الاستبداد الذى يلد القمع والفساد الذى يلد الفقر والظلام الذى يبتلع مصر بعيدًا عن النهضة. إن نهضة مصر تحتاج لرئيس ينتمى للثوريين الوسطيين، قادر على مجابهة كل من الخطرين، جمود قبضة العسكر وانغلاق التشدد الدينى. هنا يفرض اسم المرشح الرئاسى د. عبدالمنعم أبوالفتوح وجوده على ذهن من يحاول التحليل، فهو شخصية مناضلة بحكم طبيعته ويثبت هذه الصفة تاريخه. هو أيضًا شخص قادر على الوقوف منفردًا خارج السرب، وهى صفة أساسية فى قائد يتقدم الصفوف ليقود.. هو ابن للإخوان المسلمين بلا جدال، ولكنه أبرز على مر الوقت أنه وسطى الفكر منفتح التوجه، وليس هناك مدعٍ حقيقى لتوجس الإخوة المسيحيين أو الإخوة المسلمين من خارج تيار الإسلام السياسى. إن التوجه العام للدكتور أبوالفتوح كما أفهم يتوافق تمامًا مع ما يطلبه جميع المصريين الوسطيين من دولة أخلاقية ناهضة. لن يتحقق هذا المطلب إلا فى ظل ديمقراطية كاملة وتدين وسطى منفتح. فى اعتقادى أن هذه هى قناعات رجل كأبوالفتوح يرشح نفسه مناضلاً من أجلها. إن أى مصرى وسطى مسلمًا كان أو مسيحيّا سيصل حتمًا لقناعات ثلاث، الأولى أنه فى مصر ستظل الخلفية الدينية الإسلامية مكونًا أساسيّا للحياة وللاختيار، ولن يستطيع أحد أن يلغى ذلك، ثانيها أن التوجه الإسلامى الوسطى الأصيل هو أكبر حماية لكل الحريات والحقوق سواء للمسيحيين أو للمسلمين على المستويين العام والخاص. ثالث القناعات التلقائية هى أن أحسن الخيارات هو عقل وسطى منفتح يتمتع بالخلفية الإسلامية التى تتوافق مع الصبغة الطبيعية لمصر ولشعبها. يصنف الكثيرون دكتور أبو الفتوح على أنه شخص قوى مخلص لما يعتقد، قادر على الوقوف ضد التيار، ولا يسارع لعقد الاتفاقات الخلفية بعيدًا عن الأعين. فيما يختص بالدواء، نريد رئيسًا يستطيع إنهاء أسطورة الحكم ذى الخلفية العسكرية، ولو كان من خلف الستار، وإنهاء الخلل الديمقراطى الجسيم الذى يتمثل فى ضرورة العبث الدائم بتلك الديمقراطية لضمان وضعية المؤسسة العسكرية فوق باقى مؤسسات الدولة. نريد رئيسًا يدفع الوسطية فى مصر ويقويها ويزيح خطر الفكر الانغلاقى المتشدد، فلا يزايد عليه أحد أمام الشعب المصرى.. نريد لمصرنا النور بعيدًا عن الظلال الرجعية لمؤسسة تعتقد أنها فوق الدولة، وبعيدًا عن ظلام قوى أكثر رجعية لا ينتمى لعالمنا المعاصر.