اتهم نجاد البرعى، الناشط الحقوقى ورئيس هيئة الدفاع عن المتهمين فى قضية المنظمات الأجنبية، التى تحقق معها السلطات الآن، بدعوى تلقى تمويل من الخارج والعمل دون ترخيص، الوزيرة فايزة أبوالنجا وزيرة التعاون الدولى بأنها وراء تفاقم الأزمة، واعتبر استمرارها فى السلطة حتى الآن توازنات سياسية غير مفهومة، ورأى أن الأزمة فى الأساس هدفها توريط المجلس العسكرى أمام الرأى العام والدول الأجنبية، وإظهاره بأنه لا يعرف كيف يدير البلاد. وأرجع "البرعى" خلال حواره مع الإعلامى محمد سعيد محفوظ على قناة أون لايف فى برنامج "وماذا بعد؟" تنحى هيئة المحكمة التى تنظر القضية إلى ما سماه "استشعار الحرج" تجاه الحكم بسبب الضغط الإعلامى، مشيرا إلى أن القاضى لا يجوز له التنحى عن نظر القضية، إلا قبل الجلسة الأخيرة، والمقرر لها 26 مارس المقبل. وقال إنه لا يعرف طبيعة المناقشات التى وصلت إليها الحكومة المصرية والأمريكية فى القضية، ورفض مناقشة الأزمة على الصعيد السياسى بعد وصولها إلى القضاء، وقال "إذا وصلت القضية إلى القضاء والمحاكم، فعلى الجميع وقف المناقشات، وأن تتم الحوارات داخل قاعات المحكمة فقط"، معتبرا أن الحوار بين الحكومتين المصرية والأمريكية فى هذه الأزمة "متأخر". ولفت "البرعى" إلى أن المؤسسات المتهمة حالياً فى القضية قدمت أكثر من مرة طلبات للحصول على ترخيص رسمى من الخارجية المصرية، بمزاولة نشاطها، إلا أنها لم تحصل على رد، وأشار إلى أن المنظمات باشرت عملها باعتبار أن عدم رد الحكومة المصرية على طلبها بالترخيص بعد 60 يوماً من تقديمه يعتبر إجازة ضمنية، وموافقة غير مباشرة على العمل. وقال إن الجمعيات قدمت طلبات إلى الخارجية المصرية تمهيداً لتقديمها إلى وزارة الشئون الاجتماعية للموافقة عليها، إلا أن الأخيرة امتنعت عن الرد ما يزيد عن 60 يوما، وهو ما اعتبرته الجمعيات موافقة على طلبها، لأن المشرع يقول إن الوزارة عليها الرد خلال هذه الفترة بالرد أو الرفض، وهو ما لم تفعله الوزارة، على حد قوله. وأشار إلى أن القضية لا تعدو اتهاماً من الحكومة المصرية لأشخاص بإدارة منظمات أجنبية داخل الأراضى المصرية، دون الحصول على ترخيص رسمى بذلك. وقال إن المتهمين الأجانب جاءوا إلى مصر لأداء مهمة محددة ورسالة نبيلة، وهى نشر الديمقراطية، وشعروا بثمارها مع قيام الثورة، لكنهم وجدوا الأوضاع على غير ما اعتقدوا على حد تعبيرهم، وأشار إلى أن المصريين المتهمين فى القضية فى حالة معنوية واضحة، إلا أنه قال إن ما جرحه قول إحدى المتهمات له إن وجودهم خلف القضبان "ضريبة للديمقراطية". وأضاف: "نحن فى مصر نعمل وفق الأهواء والكيف، ونبلع الزلط لأشخاص لأننا على هوانا، ونمسك على الواحدة لغيرهم، وفجأة يكون الإخوان جماعة محظورة، وفى نفس الوقت يتحول الإخوان إلى جماعة مستحبة، رغم أنها تعمل قبل الثورة وبعدها بدون ترخيص، لكن يبدو أن هذه الدولة تعشق صناعة الفراعين، وترفض أن تعيش بدون فرعون". ورفض أن يطلق على أحداث الخامس والعشرين من يناير مسمى "الثورة"، ووصفها بأنها "اضطرابات سياسية أدت إلى تنحية رئيس الجمهورية لكنها ليست ثورة". وقال إن كل دولة لها مصالحها الخاصة، وإن المنظمات الموجودة داخل أى مجتمع لها أهدافها الخاصة ومصالحها الشخصية، مضيفاً: "لكن علينا فى نفس الوقت أن نسأل نفسنا هو احنا عندنا ايه علشان نخبيه أو المنظمات تحاول تعرفه، خصوصا أننا بلد مفتوح ومعروف عنا كل شىء، حتى الجيش تسليحه من أمريكا والمعونة منها". واتفق "البرعى" مع أحد الاتهامات التى وجهها قاضى التحقيقات فى القضية، والتى اتهم فيها العاملين فى الجمعيات الأجنبية بالدخول إلى مصر بفيزا سياحية دون الحصول على تأشيرة عمل رسمية، وأرجع البرعى لجوء الأجانب إلى ذلك بسبب ما سماه الإجراءات البيروقراطية والروتين الإدارى المصرى. وانتقد المؤتمر الصحفى الذى تم عرض الاتهامات والقضية به، وقال إن هناك 6 قرارات خاصة بالمجلس الأعلى للقضاء تحظر على القضاة الحديث الإعلامى عن أى قضية يقومون بالنظر فيها، واعتبر أن قاضى التحقيقات خالف تعليمات المجلس الأعلى للقضاء. وقال: "القضاء المصرى عامل زى بابا وماما.. يضربك ويقسوا عليك لكن تجرى فى النهاية تبكى فى حضنه وتشكيله همومك.. واحنا فقدنا الثقة فى كل شىء، ولم يبق سوى القضاء ونتمسك بالثقة فيه". وحول نسب جهات التحقيق اتهامات للجمعيات التى تحقق معها الآن بتقسيم مصر، والاستدلال عليها بخريطة لمصر مقسمة، قال إن المعهد الجمهورى طبع خريطة لمصر من على الإنترنت، وقام بتقسيمها إلى مناطق "أ – ب – ج – د" لسهولة العمل بها، ولمساحة مصر الكبيرة، نافيا أن يكون هناك مخطط لتقسيم البلاد. وأضاف: "نحن كمجتمع مدنى فشلنا فى إيصال الرسالة، وليس عيباً أن نعترف بالخطأ، لكن العيب هو الاستمرار عليه، وأقول إننا لم نتمكن من توصيل الرسالة صحيحة إلى الشعب المصرى، وهو ما يعنى أن العيب فينا، وعلينا أن نتوقف الآن ونسأل أنفسنا لماذا تحترم الدولة المنافقين والأفاقين، ولا تحترم المناضلين.. الأزمة عرفتنا إننا لا نسوى 3 مليم فى نظر الشعب المصرى، فالشعب لا يخطئ، لكن الخطأ من الطرف الثانى، وهو نحن". وقال إن برنامج المنح الأمريكية المباشرة كان مؤثراً جداً فى الحياة السياسية، وعلى الجمعيات المدنية، وأشار إلى أن الولاياتالمتحدة دفعت ثمنا سياسيا كبيرا بسبب هذه البرنامج من خلال توتر علاقاتها الرسمية بالحكومة بسبب دعمها لمنظمات المجتمع المدنى. واعتبر أنه لولا دعم الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى للجمعيات الحقوقية لما قامت ثورة 25 يناير. وأضاف: "مازلت أرى أن الأزمة هدفها توريط المجلس العسكرى وقطع العلاقات الخارجية بينه وبين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبى، خاصة ألمانيا، والدليل على كلامى أن القوى التى ورطت المجلس العسكرى فى القضية اختارت منظمة ألمانية تافهة لا وزن لها سوى أنها تابعة للمستشار الألمانية أنجيلا ميركل التى تعتبر عضوا مهما وفعالا فى الاتحاد الأوروبى، ولا تقبل بمحاكمة رعاياها فى مصر، وهو الهدف الرئيسى من القضية أن يتم تخريب العلاقات الخارجية، ووضع المجلس العسكرى فى حرج أمام الرأى العام العالمى، وإظهاره بأنه فشل فى إدارة الأمور، واعتقد أن المجلس العسكرى يحاول ألا تتفاقم الأزمة، والحفاظ على العلاقات لأنه يعرف خطورة توترها وليست المشكلة فى قطع المعونة الأمريكية، لكن لنا أن نعرف أن مصر طلبت قرضا من البنك الدولى، وجزء كبير منه بضمان الولاياتالمتحدةالأمريكية". وأضاف: "فايزة أبوالنجا وزير التعاون الدولى هى المسئولة عن الملف منذ عام 2004، وكانت بتجيب معونات لجمعية جيل المستقبل التى كان يرأسها جمال مبارك، ونجحت بالتزوير فى انتخابات مجلس الشعب عام 2010، واشتغلت مع الحزب الوطنى وسوزان مبارك وجمال، وجلبت معونات لهم، وفجأة صحيت من النوم، واتوضت وغسلت إيدها، وقالت أشهد إن لا إله إلا الله، وقامت بأداء الصلاة واعتبرت نفسها ثورية". وتوقع ألا تستمر القضية كثيراً، وقال إن النيابة قدمت قضية وصفها بأنها ضعيفة، وقال "إنه لا يوجد قاض يملك ضميراً يمكن أن يخط بقلمه قرار إدانة للمتهمين فى القضية". وطالب الخارجية المصرية والمجلس العسكرى بالتدخل للإفراج عن الشيخ عمر عبدالرحمن المعتقل فى الولاياتالمتحدةالأمريكية، وقال "إذا كانت مصر أعطت الحق لمبارك أن يموت على أرضها، فعليها أن تمنح ذات الحق للشيخ المعتقل". وفى المقابل قال السفير عبدالله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق خلال مداخلة هاتفية، إن القضية أخذت طريقين، الأول سياسى يسير بشكل متعرج، والثانى قضائى يمضى بسرعة، مشيراً إلى أن الولاياتالمتحدة لن تسمح بأن يتم محاكمة رعاياها فى مصر، واعتبر ذلك مؤشراًَ خطيراَ فى العلاقات الأمريكية المصرية كونها المرة الأولى التى يتم محاكمة مواطنين أمريكيين فى القاهرة بهذه الطريقة. وقال إن موقف مصر قد يكون محاولة للاستقلال عن الولاياتالمتحدة، أو على الأقل بروفة لذلك، معتبراً أن هناك علاقة بين قرار تنحى هيئة المحكمة المكلفة بنظر القضية، وبين تصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية هيلارى كلينتون، بشأن تقدم المفاوضات السياسية، وقرب انتهاء الأزمة سياسياً. واعتبر أن قرار فتح الملف منذ البداية "طائش"، وأن وصول مصر إلى مفاوضات وتسويات سياسية لمنع محاكمة الأمريكيين فى القضية يعنى أن من سيتم محاسبته هم المصريون فقط، وقال "لو صح هذا التحليل يكون تنحى المحكمة بمثابة احتجاج سياسى ووطنى ضد هذا القرار". وفى المقابل قال يحيى غانم نائب رئيس تحرير جريدة الأهرام ومدير مركز حماية الصحفيين الدولى، أحد المراكز المحالة للتحقيق، إن الاتهامات الموجهة إلى المركز لا تقوم على قدمين، وإنه لا يعلم شيئاً عن الاتهامات بوجود أموال مادية، مشيرا إلى أن المركز يقوم ببرامجه منذ 11 عاما بعلم السلطات، وأن ما يقدمه لا علاقة له بالمضمون، وإنما يهتم بالأطر فقط، وتدريب الصحفيين على استخدام الأدوات الخاصة بتطوير الأداء المهنى. وأشار إلى أن المبلغ الذى وجدته السلطات كان مخصصا لشراء المكتب وفق ما تشترطه القوانين المصرية، وأن ما وجد يمثل 40 ألف جنيه كانت مخصصة لشراء الأثاث، وتكلفة بناء المقر الرئيسى. وأرجع تفاقم الأزمة إلى ما سماه "تضارب القوانين المنظمة لعمل الجمعيات المدنية الأجنبية"، وقال إن هناك إجراءات خاصة بالداخلية وأخرى بالخارجية وغيرها متعلق بالشئون الاجتماعية.