فى شارع الدائرى بصنعاء وعلى امتداد 2 كيلو متر تقريبًا توجد ساحة التغيير التى يعتصم بها شباب الثورة اليمنية.. الساحة ليست ميدانًا مستديرًا مثل ميدان التحرير فى مصر، لكنها شارع طويل يتوسطة النصب التذكارى للساحة مكتوب أعلاه حديث الرسول(ص) "الإيمان يمان والحكمة يمنية" ثم تبدأ الساحة من أمام جامعة صنعاء، وتمتد على أهم الشوارع فى هذا النطاق مثل شارع العدل، الحرية، الميثاق، تونس، القاهرة، والرباط. تجول "اليوم السابع" بساحة التغيير بصنعاء لأول مرة التى تكل على عشرات المنافذ المؤدية لديها لرصد حياة الثوار ونشاطاتهم وللاطلاع على التجربة اليمنية فى ثورتها ضد حكم الرئيس السابق على عبدالله صالح. يقول أحد شباب الثورة، نحن لاحظنا بعد الثورة مفارقة عجيبة، وجدنا أننا وقت خروجنا فى مظاهرات من أجل العدل كنا نعتصم بشارع العدل، وعندما خرجنا للمطالبة بالحرية وجدنا أنفسنا نعتصم بشارع الحرية، ولأننا خرجنا فى ثورتنا اقتداء بثورتى مصر وتونس وجدنا أنفسنا نعتصم بشارعى مصر وتونس وكل هذا حدث بالمصادفة دون أن نخطط له. خيم المعتصمون تمتد على طول تلك الشوارع لكنها تختلف تمامًا عن خيم المعتصمين فى مصر، فالخيم فى صنعاء أقرب للمستوطنات فى إشارة إلى تجمع تاريخى فى منطقة ما، تلك الخيم التى يسكنها شباب الثورة فى اليمن منذ فبراير 2011، وحتى الآن تتنوع أشكالها فمنها الخشبية والمصنوعة من المشمع أو القماش ومنها الخيم المبنية بالحجر. المعتصمون تركوا منازلهم وذويهم ونقلوا حياتهم ومعيشتهم داخل تلك المخيمات وقد قربوا على عام ونصف العام على هذا الوضع، ولكن تلك الخيام مجهزة بشكل يؤهل للمعيشة لفترة طويلة من الزمن بداخلها، فجميعها مزودة بفروشات بدائية وبها خزانات مياه وكهرباء وبعضها بها تليفزيونات. وقد أجمع الثوار المتواجدون بالساحة أنهم مستمرون فى اعتصامهم وتواجدهم بمخيماتهم بساحة التغيير حتى لو طال الأمد أمامهم، وذلك حتى أن يتحقق مطالب الثورة، والانتظار لحين أن يحقق الرئيس الجديد عبدربه منصور هادى ما وعد به من إعادة هيكلة الجيش وإقصاء جميع بقايا النظام من مؤسسات الدولة وعلى رأسهم أحمد على صالح، نجل الرئيس السابق. تقول نادية عبدالله، إحدى شباب الثورة، "لم أتخيل أبدا أن الشعب اليمنى سوف يخرج بثورة أبدًا ولم أتخيل أن شباب اليمن سيعتصمون بالساحات فحياتهم كلها قات وجلسات مع الأصدقاء فقط، وكنت أراقب بكل حذر يوميات الثورة المصرية وكنت أسأل نفسى "هل سيخرج الشباب باليمن فى ثورة مثل مصر أم لا؟". وتابعت: بدأت المظاهرات ولكن كانت تستمر من التاسعة صباحا إلى قبل 12 ظهرًا فترى الناس يختفون لأنهم يجرون وراء القات والغداء، ولكن عندما بدأت الاعتصامات فعلا تحولت الساحة إلى بيتنا وجامعتنا ومقر عملنا لأننا آمنا بأهمية الساحة وأهمية بقائنا فيها فتجد الشباب المستقلين والحزبيين والطوائف المذهبية والقبائل والعسكر. ومن جميع المناطق التقى فيها المتحابون والمتحاورون تحت شعار واحد وهو "إسقاط النظام" وبناء دولة مدنية حديثة. وتضيف: تحملنا بساحتنا جميع أنواع الانتهاكات من النظام فاعتدى علينا بالغازات السامة والأسلحة الخفيفة والمتوسطة وسقط المئات من زملائنا شهداء ورغم ذلك كل ما قدمنا شهيداً ازداد تعلقنا بساحتنا وتمسكنا بها فتحملنا بردها وحرها ومطرها وصيفها وشتاءها إيقانًا وإيمانًا منا بأننا بساحتنا سنبنى الدولة المدنية التى نحلم بها فهذه الساحة فى عيوننا نموذج مصغر لدولة مدنية رغم بعض العيوب، التى يمكن أن نتجاوزها بسبب ما ورثناه من 33 سنة تجهيل لشعبنا.