جامعة جنوب الوادي تتقدم 200 مركزًا عالميًا بالتصنيف الأمريكي    قرارات مهمة من الأعلى للجامعات خلال اجتماعه الدوري برئاسة وزير التعليم العالي    5.1% مكاسب البورصة في أسبوع    برنامج التنمية المحلية يختتم تدريبًا لتكتل الفخار بمركز نقادة في قنا    السفير حسام زكي: ضرورة توافق اللبنانيون على حلول أولها رئيس الدولة    الولايات المتحدة الأمريكية تحذر مواطنيها من السفر إلى لبنان بسبب التوترات    بعد استفسار الزمالك.. الرابطة توضح موقف شحاتة من المشاركة أمام سيراميكا (مستند)    أسئلة لن يخرج عنها امتحان الفيزياء للثانوية العامة.. راجعوا معانا فى بث مباشر    المشدد ل3 متهمين خطفوا زميل أحدهم وشرعوا فى قتله ب«المعصرة»    ضمن حياة كريمة.. جامعة كفر الشيخ تطلق قافلة شاملة إلى قرى دسوق    "تريلا" أطاحت به.. وفاة وإصابة 14 في انقلاب ميكروباص بالبحيرة (صور)    محافظ الغربية يتابع ملف التصالح على مخالفات البناء ويوجه بتبسيط الإجراءات على المواطنين    رئيس هيئة الرعاية الصحية يكرم المتميزين في تطبيق أنشطة اليقظة الدوائية    قرار جمهوري بإصدار اللائحة التنفيذية للهيئة القومية للاستشعار من البعد وعلوم الفضاء    توقيع الكشف على 1080 حالة خلال قافلة طبية بمركز مغاغة بالمنيا    حمى النيل تتفشى في إسرائيل.. 48 إصابة في نصف يوم    «إعلام القليوبية» تنظم احتفالية بمناسبة 30 يونيو    بيراميدز يتخذ قرارًا جديدًا بشأن يورتشيتش (خاص)    مواجهات عربية وصدام سعودى.. الاتحاد الآسيوى يكشف عن قرعة التصفيات المؤهلة لمونديال 2026    شيخ الأزهر يستقبل السفير التركي لبحث زيادة عدد الطلاب الأتراك الدارسين في الأزهر    مديرية الطب البيطري بالشرقية تنظم قافلة علاجية مجانية بقرية بني عباد    أستون مارتن تكشف عن أيقونتها Valiant الجديدة    من سينتصر أولًا الطاعة أم الخلع ؟ زوجان يختصمان بعضهما أمام محكمة الأسرة: القانون هو اللي هيفصل بينا    بالصور.. محافظ القليوبية يجرى جولة تفقدية في بنها    مهرجان المسرح المصري يكرم الفنان أحمد بدير خلال دورته ال 17    30 يونيو| إرادة شعب ومسيرة وطن.. الحفاظ على الهوية وصون المقدرات الحضارية إنجازات الثقافة في 10 سنوات    وفاة الفنان العالمي بيل كوبس عن عمر يناهز ال 90 عاما    داعية الباحثين للمشاركة.. دار الكتب تعلن موعد مؤتمرها السنوي لتحقيق التراث (تفاصيل)    الجمال ‬‬بأيدينا    "قوة الأوطان".. "الأوقاف" تعلن نص خطبة الجمعة المقبلة    هل استخدام الليزر في الجراحة من الكيِّ المنهي عنه في السنة؟    محافظ المنيا: تشكيل لجنة للإشراف على توزيع الأسمدة الزراعية لضمان وصولها لمستحقيها    برلماني: ثورة 30 يونيو تمثل علامة فارقة في تاريخ مصر    انفراجة في أزمة صافيناز كاظم مع الأهرام، نقيب الصحفيين يتدخل ورئيس مجلس الإدارة يعد بالحل    ملخص وأهداف مباراة فنزويلا ضد المكسيك في كوبا أمريكا    الشعب الجمهوري بالمنيا يناقش خريطة فعاليات الاحتفال بذكرى 30 يونيو    كيف سترد روسيا على الهجوم الأوكراني بصواريخ "أتاكمز" الأمريكية؟    تفاصيل إطلاق "حياة كريمة" أكبر حملة لترشيد الطاقة ودعم البيئة    أستاذ علوم سياسية: الشعب الأمريكي يختار دائمًا بين رئيس سيء وأخر اسوأ    ضبط سلع منتهية الصلاحية بأرمنت في الأقصر    أمين الفتوى: المبالغة في المهور تصعيب للحلال وتسهيل للحرام    21 مليون جنيه حجم الإتجار فى العملة خلال 24 ساعة    تفاصيل إصابة الإعلامي محمد شبانة على الهواء ونقله فورا للمستشفى    اللواء محمد إبراهيم الدويرى: التحركات المصرية فى القارة الأفريقية أساسية ومهمة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 27-6-2024    مقتل وجرح عدد من الفلسطينيين فجر اليوم إثر قصف إسرائيلي استهدف 5 منازل سكنية في حيي الصبرة والشجاعية شمال قطاع غزة    أماكن صرف معاشات شهر يوليو 2024.. انفوجراف    بكاء نجم الأهلي في مران الفريق بسبب كولر.. ننشر التفاصيل    ليه التزم بنظام غذائي صحي؟.. فوائد ممارسة العادات الصحية    أسعار البنزين اليوم مع اقتراب موعد اجتماع لجنة التسعير    طارق الشناوي: بنت الجيران صنعت شاعر الغناء l حوار    «هو الزمالك عايزني ببلاش».. رد ناري من إبراهيم سعيد على أحمد عفيفي    حظك اليوم| برج السرطان الخميس 27 يونيو.. «يوم مثالي لأهداف جديدة»    مجموعة من الطُرق يمكن استخدامها ل خفض حرارة جسم المريض    هل يوجد شبهة ربا فى شراء شقق الإسكان الاجتماعي؟ أمين الفتوى يجيب    خالد الغندور: «مانشيت» مجلة الأهلي يزيد التعصب بين جماهير الكرة    عجائب الكرة المصرية.. واقعة غريبة في مباراة حرس الحدود وسبورتنج    بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم.. والأرصاد الجوية تكشف موعد انتهاء الموجة الحارة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أزمات الديمقراطية العالمية (2).. معضلة غياب "المقاربات" الدولية
نشر في اليوم السابع يوم 19 - 01 - 2023

مع صعود الولايات المتحدة إلى قمة النظام الدولي، فى الأربعينات من القرن الماضى، بعدما ساهمت بالجزء الأكبر من انتصار "الحلفاء" فى الحرب العالمية الثانية، اتجهت نحو فرض رؤيتها، القائمة على "العولمة"، على المعسكر الموالى لها، وهى الرؤية التى تبدو للوهلة الأولى، مرتبطة بالانفتاح الاقتصادي، فى إطار حرية التجارة، وتدفق رؤوس الأموال، والتنقل، وتشجيع الاستثمار، إلا أن تلك الرؤية تبدو ممتدة، لتشمل "عولمة" المفاهيم والمبادئ التى تتبناها واشنطن، على غرار الديمقراطية وحقوق الإنسان، وتداول السلطة، وهو الأمر الذى بدأ تدريجيا مع محيطها الغربي، ثم تحول إلى نهجا عالميا، مع استئثارها بالقيادة الدولية، بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، ليصبح المفهوم أكثر شمولا ليحمل فى طياته أبعادًا تبدو خطيرة، على غرار "عولمة" الأزمات، وهى الحالة التى تجلت بوادرها مع "الحرب على الإرهاب"، عندما رفع الرئيس الأسبق جورج بوش الإبن شعار "من ليس معنا فهو ضدنا"، ثم تجلى مجددا مع الأزمة المالية العالمية، فى حين تبدو فى أبهى صورها مع الأزمات الراهنة، وعلى رأسها الوباء والأزمة الأوكرانية.

وبين الرؤية القائمة على "العولمة"، والمفاهيم التى سعت واشنطن إلى تعميمها، ثمة العديد من المراحل التى شهدت تناقضات عميقة، ربما أبرزها تحول الهدف من تلك الرؤية من مجرد تحقيق التنمية الجماعية، إلى ما يمكننا تسميته بحالة "تصدير الأزمات"، فى إطار دوران دول العالم فى فلك القوى المهيمنة، وبالتالى ارتباط مصائرها بالسياسات التى تتبناها على كافة الأصعدة، فى صورة تبدو "ديكتاتورية"، فى ظل غياب مفهوم الديمقراطية التى روجت لها واشنطن، على مستوى شعوب العالم، منذ عقود عن المشهد الدولي، حيث تبقى مركزية صناعة القرار الدولى فى "البيت الأبيض"، لتعميم الرؤى والمبادئ بحذافيرها فى كل دول العالم، وهو ما فشلت واشنطن فى تحقيقه مرارا وتكرارا، بدء من العراق وافغانستان مرورا بكوريا الشمالية وحتى الصين وإيران وغيرهم، نظرا لاختلاف الظروف والبيئة والثقافات فى كل منطقة عن الاخرى، إلا أن سلسلة الفشل المتوافر توارى خلف احتفاظ أمريكا بقيادتها للغرب وغياب القوى القادرة على منافستها على قمة العالم.

إلا أن صعود بعض القوى القادرة على مزاحمة واشنطن على قمة النظام الدولي، وعلى رأسها الصين، مع نجاح روسيا على استعادة قدر كبير من نفوذها، ساهم بصورة كبيرة فى بروز حالة من الخلل فى "بنية" النظام الدولى فى صورته الحالية، وهو ما بدا فى حالة الانقسام فى المعسكر الغربي، نظرا لغياب "المقاربات"، فى ظل "ديكتاتورية" أمريكية دولية، ليتحول الحلفاء نحو البحث عن بدائل عبر تعزيز التعاون مع خصوم الولايات المتحدة، وهو ما بدا فى سنوات الادارة السابقة فى الانفتاح على موسكو فيما يتعلق بمجال الطاقة والصين من خلال تعزيز التجارة، ردا على الاجراءات الأمريكية، والتى تبدو عدائية تجاه أوروبا الغربية، بفرض التعريفات الجمركية على الواردات القادمة من دول القارة العجوز، ومحاولاتها المستميتة لتفكيك الاتحاد الأوروبي، ودعم تيارات اليمين المتطرف.

وهنا يبدو غياب "المقاربات" بمثابة السبب الرئيسى فى عجز الرؤية الأمريكية، على الصمود فى مواجهة التغييرات الكبيرة فى المشهد العالمي، خاصة فى زمن الأزمات، وهو ما يترجم حالة الانقسام، متعدد الأبعاد، سواء على المستوى الدولي، مع انفراط، ولو جزئي، فى المعسكر الغربي، والذى يمثل العمق الاستراتيجى للولايات المتحدة، أو على المستوى العالمي، فى ظل تمرد شعبوى فى أعتى الدول الديمقراطية، وعلى رأسها أمريكا نفسها مع زيادة وتيرة الاضرابات والاحتجاجات على ما تسفر عنه نتائج المنظومة التى تشكل أساسا للبنية العالمى منذ عقود، على غرار تلك التى ارتبطت بنتائج الانتخابات وانتقال السلطة ناهيك عن سياسات الحدود المفتوحة وغيرها.

فلو نظرنا للنموذج الألماني، والذى طالما اعتمدت عليه واشنطن كحليف رئيسى وبديلا لقوى أوروبا الرئيسية (بريطانيا وفرنسا)، منذ سقوط حائط برلين، ربما نجد أنه بات نموذجًا للتقلبات فى المشهد الدولى برمته، عبر مشهدين أولهما محاولة الانقلاب على السلطة الشهر الماضي، وهو ما يعكس تغييرا كبيرا، فى الداخل، ينم عن انقسام عميق، فى بنية السياسة الألمانية، بينما يتجلى المشهد الثانى فى استقالة وزيرة الدفاع كريستينه لامبريشت، على خلفية رفضها إمداد أوكرانيا بالدبابات، فى انعكاس للضغوط الأمريكية فى إطار "ديكتاتوري" من جانب، والانقسام الكبير حول الموقف من القيادة الامريكية نفسها، والتى تراجعت مصداقيتها إلى حد كبير أمام أقرب حلفائها من جانب آخر.

وفى الواقع، تبدو الثقة المتراجعة فى واشنطن بين حلفائها، أعمق من التغييرات الطبيعية، الذى تشهده العلاقات الدولية، حيث يمثل فى جوهره خروجا صريحا على حالة "الديكتاتورية" الدولية التى تتبناها الولايات المتحدة فى التعامل مع حلفائها، فى ظل فرض رؤيتها ومواقفها على محيطها الدولي، وهو ما يتعارض مع النهج العالمى القائم على الديمقراطية، وهو ما يعد سببا رئيسيا فى حالة الخلل وانعدام التوازن فى ظل التناقض الصريح بين الرؤيتين العالمية والدولية فى الإدارة الأمريكية الاحادية للعالم.

وهنا يمكننا القول بأن الحاجة باتت ملحة لمقاربات دولية جديدة من شأنها تحقيق التوازن، ليس فقط فيما يتعلق بتعددية القيادة الدولية الحاكمة، وإنما أيضا إعادة صياغة الرؤى التى تمثل أساس بنية النظام العالمي، على غرار الديمقراطية التى تبدو بحاجة إلى مفهوم أكثر مرونة، على مسارين متوازيين، أولهما مراعاة ظروف التطبيق على المستوى العالمي، باختلاف الدول والمناطق المستهدفة من جانب، وهو ما يعتمد على مسار آخر يقوم فى الأساس على تحقيق المفهوم على المستوى الدولي، عبر ترك مساحة للدول أعضاء المجتمع الدولى لتبنى مواقف تتواءم مع مصالحها ورؤيتها تجاه كافة القضايا الدولية، وهو ما تتمخض عنه الحقبة الجديدة فى النظام الدولي.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.