مدبولي يطلب ثقة النواب.. اليوم    جامعة القاهرة تتسلم شهادة حصولها على المرتبة 350 عالميا في تصنيف QS    أسعار الذهب في مصر اليوم الاثنين 8 يوليو 2024    أسعار البيض اليوم الاثنين 8-7-2024 في قنا    السكة الحديد تعلن تأخيرات القطارات المتوقعة اليوم الإثنين    وزير الإسكان يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات الهيئة العامة لتعاونيات البناء    تراجع استثمارات الأجانب في السندات الإندونيسية    محافظ أسيوط يلتقي أعضاء مجلسي النواب والشيوخ    إلغاء اجتماع للديمقراطيين في مجلس الشيوخ الأمريكي بشأن ترشح بايدن    نتنياهو يعلن الموافقة على اقتراح يسمح بعودة المحتجزين دون التنازل عن أهداف الحرب    برلمان معلق.. مستقبل فرنسا بعد نتائج الجولة الثانية من الانتخابات    إصابة زوج كامالا هاريس بفيروس كورونا بعد لقائه ببايدن    الأمن الفيدرالي الروسي يحبط محاولة تهريب قاذفة طراز تو22 إم3 إلى خارج البلاد    تشكيل الأهلي المتوقع ضد طلائع الجيش في الدوري الممتاز    بيلسا يستقر على تشكيل اوروجواي لمواجهة كولومبيا في نصف نهائي كوبا امريكا    طقس شديد الحرارة.. «الأرصاد» تحذر من ظاهرة جوية تسيطر على البلاد الأيام المقبلة    "بسبب السرعة الزائدة".. مصرع سيدة ونجلها إثر انقلاب سيارة ملاكى فى ترعة بقرية كوم أبوشيل    اليوم، الحكم في طعن شيري هانم وابنتها زمردة على حكم حبسهما    التعليم تستعد لإعلان نتيجة الدبلومات الفنية 2024    الجنايات تنظر محاكمة المتهمين في قضية رشوة وزارة التموين    أول رد من شوبير على اتهامه بالتسبب في أزمة نفسية لأحمد رفعت    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 8-7-2024    الصحة العالمية تحذر من المُحليات الصناعية.. وتؤكد عدم فاعليتها فى خفض الوزن    تشكيل اسبانيا المتوقع لمواجهة فرنسا في نصف نهائي يورو 2024    حياة كريمة في المنوفية تسلم 211 مشروعا وجارى إنهاء 164 أخرى    ما هي شروط عضوية المجلس الأعلى للإعلام؟ القانون يجيب    خالد عبدالغفار يعقد اجتماعًا لمناقشة مشروع التطوير المؤسسي لوزارة الصحة والسكان    حظك اليوم برج الجوزاء الاثنين 8-7-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    علي صبحي يروج لانضمامه لفيلم «سيكو سيكو» بصورة من السيناريو    محافظ المنيا يقود حملة لإزالة الإشغالات والتأكد من مواعيد غلق المحال    الأزهر العالمي للفتوى يوضح 4 فضائل لشهر المحرم.. «صيامه يلي رمضان»    احتفالات الأطفال بالعام الهجري الجديد.. «طلع البدرُ علينا»    عاجل.. وزير الشباب والرياضة يكشف موقفه من إقالة اتحاد الكرة    الناقد الموسيقي محمود فوزي: رفع علم فلسطين بمهرجان العلمين لفتة طيبة من «المتحدة»    «الشعبة»: 15301 الخط الساخن لهيئة الدواء لمعرفة توافر الأدوية بصيدلية الإسعاف    محافظ سوهاج يشهد احتفال الأوقاف بالعام الهجري الجديد بمسجد العارف بالله    اليوم | محاكمة 6 متهمين ب«خلية حدائق القبة»    فرنسا.. استقبال حار لمارين لوبان في مقر حزب التجمع الوطني    قبل النطق بالحكم.. نيابة النقض توصي بتأييد إعدام زوج الإعلامية شيماء جمال وشريكه (تفاصيل)    محمد حماقي يروج لأجدد ألبوماته «هو الأساس»    الهام شاهين ل "شيرين":" عايزين ننسى مشاكلك الشخصية"    "لم يكن هناك شيئا ومازحته قبل المباراة".. العشري يكشف لحظات رفعت الأخيرة قبل الأزمة القلبية    رئيس أساقفة كنيسة قبرص يزور للمرة الثانية كنيسة القسطنطينية بعد انتخابه على عرش الرسول برنابا    إسرائيل تقصف أهدافا لحركة حماس في قطاع غزة.. ماذا يحدث؟    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في حادث تصادم ميكروباص بالدقهلية    دعاء في جوف الليل: اللهم يا صاحب كل غريب اجعل لنا من أمورنا فرجًا ومخرجًا    لعنة حوادث الطرق تصيب نجوم الفن.. آخرهم نشوى مصطفى (تقرير)    "وعد من النني وزيزو".. تفاصيل زيارة أشرف صبحي معسكر منتخب مصر الأولمبي (صور)    بعد الإعلان رسميا.. طريقة التقديم للوظائف الشاغرة في الجهاز المركزي للتنظيم والإدارة 2024    صفارات الإنذار تدوى في غلاف غزة    خبير تحكيمي يكشف مدى صحة ركلتي جزاء الزمالك أمام الإسماعيلي    هل العمل في شركات السجائر حرام؟ مبروك عطية يجيب (فيديو)    عبدالرحيم كمال يعلن توقفه عن متابعة الكرة في مصر    الزمالك: حصلنا على الرخصة الأفريقية.. وكان هناك تعاون كبير من المغربى خالد بوطيب    نائب رئيس "مستقبل وطن" وزعيم الأغلبية بمجلس النواب يترأسان اجتماع الهيئة البرلمانية للحزب    شعبة الأدوية: رصدنا 1000 نوع دواء ناقص بالصيدليات    محافظ المنيا يقود حملة مفاجئة لإزالة الإشغالات والتأكد من الالتزام بمواعيد غلق المحال    «يحتوي على مركب نادر».. مفاجأة عن علاقة الباذنجان بالجنان (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التصالح والمصارحة
نشر في اليوم السابع يوم 17 - 02 - 2012

حين سمعت لأول مرة مقولة الشيخ الإمام محمد عبده التى قالها بعد عودته من بلاد الفرنجة (فرنسا) تركت هنا إسلاما بلا مسلمين لأجد هناك مسلمين بلا إسلام، لم أدرك المعنى الكامل والحقيقى وراء الجملة التى تقطر حكمة، فليس المقصود هو ما فهمته وقتها وما يفهمه البعض ويركز عليه من بسيط التعاملات من الاستقامة والنظافة وحب العمل والحرص على الإتقان والكثير من المسلمات التى نص عليها ديننا وتجاهلناها بقصد وعن غير قصد، بل إن الصدق هو الذى أوصل هؤلاء القوم إلى ما وصلوا إليه.
فالصدق أولا مع النفس ومن ثم مع الآخرين هو الطريق الوحيد لإيجاد صيغة تصالحية تجعل من المجتمع مجتمعا ناجحا ومتميزا مجتمعا متقدما، وأنا لا أزعم أن تلك المجتمعات الغربية هى مجتمعات مثالية بالكلية بل على العكس هى مجتمعات ينقصها أشياء لتقترب من حد المثالية لكنها فى المجمل ولأنها تركز على بعض دعائم النجاح والتفوق فإنها تحقق هذا بكل بساطة ورغم افتقار تلك المجتمعات ظاهريا للعاطفة إلا إنها تقدر تلك الخصوصية الإنسانية بشكل رائع خاصة إذا ما تم هذا بعيدا عن ميدان العمل والتنافس وتأمين لقمة العيش.
المجتمعات الغربية متميزة نسبيا، ودون أن يسارع أحد باتهامى بالتحيز الأعمى أود أن أعقد مقارنة بين بعض المواقف هنا وهناك وليس الهدف من هذا التقليل من شأن ثقافتنا أو ازدرائها بل الهدف أن نحاول أن نتعلم ونأخذ الأفضل من تلك المجتمعات ونضيفه لما لدينا لنصبح الأفضل والأعلى شأنا بما نملكه من أسس دينية وأخلاقية لو تبعناها لما شقينا لكن والحال إن بعضنا يأبى أن يعترف بأن العودة لتعاليم الدين القويم هى حجر الزاوية لتقدمنا وارتفاع رايتنا فأننى مجبر على سلوك الطريق الأطول والأصعب لتبيان وتوضيح بعض الحقائق التى ربما تغيب عن البعض، وإذا كانت مناحى الحياة ترتكز على العمل والعلاقات الإنسانية فلعلى أوضح من خلالهما مقصدى، فيما يخص العمل فإن القواعد التى وضعت بعناية وعدالة وتطبق بكل حزم جعلت من السواد الأعظم فى تلك المجتمعات موظفين وعمال بل ومدراء منضبطين فليس هناك (معلش) أو (ايش عليك) (اوتمون قلبى) التى تنتشر فى أصقاع الأمة العربية من المحيط للخليج بل هناك مبدأ الثواب والعقاب الذى يطبق بوعى وحرفية وشدة وبلا هوادة أو رحمة وهذا وإن كان ظاهرة مزعج إلا إن الحقيقة التى تكمن ورائه هى ألا مكان إلا للمجتهد والمثابر الذى يحب عملة ويتفانى فيه، ولا مكان للعاطفة أبدا وهذا يوجد الفرق الكبير بين نجاحات الشركات والمؤسسات هناك وبين نجاحات شركاتنا ومؤسساتنا المحدود هنا.
فيما يخص العلاقات بين الأفراد فهو ينقسم إلى شقين الأول لعلنا أدركناه من خلال تحدثنا عن العمل والنجاح فيه فيما سبق، والشق الأكثر تعقيدا هو العلاقات الإنسانية بين الأفراد على المستوى الشخصى، ونحن نلمح من خلال دراستنا ومتابعتنا للمجتمع الغربى إن العلاقات تتسم بالسلاسة وأن الصدق هو ديدنها والبساطة عنوانها، فأنت لا ترى أبدا ما تراه فى المجتمعات العربية من فرض بعض الأشخاص لأنفسهم على فرد أو مجموعة معينة، وخجل هذا أو هؤلاء من البوح بمشاعرهم تجاه هذا الشخص غير المقبول، أيضا ترى أن اختيار الرفيق أو الصديق به قدر كبير من الحرية والمرونة، ويتبع ذلك إنهاء صداقة ما بين شخصين بكل بساطة ودون إرهاق نفسى، بمجرد أن يكتشف أحدهما أنه غير مهيأ لمتابعة تلك الصداقة لأى سبب كان، والجميل أن الطرف الثانى يتقبل ويتفهم هذا بلا حرج أو غضب.
أيضا فيما يخص العلاقة بين الرجل والمرأة هناك ثوابت رائعة وهى وإن اتخذت شكلا مغايرا إلا أن أصلها موجود فى ديننا لكننا خلطنا بين الأعراف والتقاليد والدين فلم يعد هناك حد فاصل، المرأة هناك لا تجد غضاضة فى مصارحة الرجل بحبها، ومن ثم تطبق أعلى حالات الشفافية حين تتفق هى وزوجها على الانفصال حال استحالة استمرار الحياة بينها بلا ضغينة بل ونرى اتفاقهما بكل أريحية على تقاسم تربية أولادهما أن وجد لهما أولاد، وهذا جوهر العلاقة التى صاغها ديننا الحنيف (إن يتفرقا يغن الله كل من سعته) لكن نحن نصعب الأمور ونتعالى على الله ونفرض قيودا، هى قيود مجتمعية فى الأصل وطبقا للعادات وما أنزل الله بها من سلطان، فنخلق أسرا مفعمة بالأمراض المجتمعية وأشخاص مثخنين بجراح نفسية عميقة يساهمون بما يحملوه من غضب فى إفساد المجتمع.
الصدق الذى تحدثت عنه فى بداية كلامى هو الذى يحمل هؤلاء القوم على اتخاذ تلك المواقف والعيش بحرية بعيدا عن قيود نضعها بأنفسنا ثم نعانى منها دون أن نفكر ولو للحظة فى الفكاك منها أو إصلاح أضرارها رغم وضوح السبب والنتيجة، كم من الأسر التى عاشت وتعيش وهى ترزخ تحت نير الخوف من مخالفة السائد والمتعارف عليه دون أن تفكر فى إصلاح العلاقات فيما بينها سواء بالصدق من النفس وإبراز المشاعر الحقيقة أو الصدق مع الآخرين ممن تربطهم بهم علاقة ما، وهذا الصدق الذى ربما أدى إلى الطلاق لهو أهون ألف مرة من العيش كارهين ومكرهين.
كم من الأشخاص يستطيع أن يتخلص من ربقة الرعب التى تسكنه ويواجه ذاته والمحيطين به بصدق مشاعره فيخلص نفسه من عذابات تؤرقه وتقضى على حلمة بالعيش فى سلام مع نفسه ومع من حولة؟ كم منا يستطيع أن يكون أكثر صدقا ووضوحا فيصارح شريكه فى العمل أو فى الحياة بمشاعره، ويستطيع أن يتحمل نتائج تلك المصارحة وهذا الصدق؟ ولو أدى صدقة إلى فسخ الشراكة أو الطلاق بينة وبين شريك حياته، ربما قد تؤلمنا النتائج فى حينها، لكنى على يقين بأن الراحة والسعادة التى ستتبع هذا لهى خير عوض عن مكابدة العيش بلا صدق مع النفس ومع الآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.