يقول الدكتور عبد الهادى مصباح أستاذ المناعة زميل الأكاديمية الأمريكية للمناعة: "الساعة البيولوجية فى الإنسان هى التى تنضبط من خلالها وظائف الجسم الحيوية الأساسية وإفرازات الغدد الصماء من الهرمونات المختلفة، لكى تنسجم مع تعاقب الليل والنهار والوظائف الحيوية التى من المفروض القيام بها أثناءهما". ولا يمكن أن يكون من قبيل المصادفة أن معظم المواد المسببة للإدمان تؤثر على إيقاع هذه الساعة البيولوجية من خلال تأثيرها على مراكز معينة فى المخ، مما يحدث اضطرابا فى هرمونات الجسم المختلفة وفى وظائفه الفسيولوجية الحيوية، وقبل كل هذا تؤثر على إيقاع النوم إما بالزيادة أو بالنقصان عن الحد الطبيعى، ولقد أثارت هذه الملاحظات شغف العلماء للبحث عن العلاقة التى تربط بين الإدمان والساعة البيولوجية، وتأثير كل منهما على الآخر. ويقول الدكتور عبد الهادى إن الأبحاث التى أجريت لم تجر على البشر حتى الآن، وإنما تم إجراؤها على حيوانات التجارب، فالساعة البيولوجية داخل جسم الإنسان مضبوطة على 24 ساعة، ويستتبع دورة الليل والنهار داخل أنسجة الجسم المختلفة، حيث يكون النهار للجهد والمعاش والتعب ويكون الليل من أجل الراحة والسكينة والنوم، فمثلا هناك دورة لهرمون الكورتيزول الذى يفرز بواسطة الغدة الجاركلورية، وهو هرمون هام للنشاط والحركة، وله تداخلات هامة فى عمليات التمثيل الغذائى داخل الجسم، مع بقية الهرمونات الأخرى، وذلك له دخل باستهلاك السكر وتوليد الطاقة داخل الجسم. وقد تبين من خلال الأبحاث أن هذا الهرمون يصل إلى أعلى معدل له بعد صلاة الفجر ما بين الساعة السادسة والثامنة صباحا، وينخفض هذا الهرمون أثناء الليل ليصل إلى أقل معدلاته بعد الساعة التاسعة مساء، ونأتى إلى هرمون آخر، وهو هرمون النمو، فنجد أنه يزداد إفرازه أثناء الليل لكى يبنى خلايا الجسم المختلفة، وليستفيد الإنسان بما تناول من طعام، وبالتالى يعوض الجسم عن الخلايا المفقودة، ويجدد نموها وحيويتها، وخاصة عند الأطفال. وبالتالى فإن الإنسان الذى يستبدل ليله بنهاره، يحدث له خلل فى وظائف الجسم المختلفة، ولا يشعر بالراحة إذا نام بالنهار وسهر طوال ليله.