ننشر موعد إعادة تشغيل البطاقات التموينية لمستخدمي الكهرباء بالممارسة    ارتفاع أسعار الذهب اليوم الأربعاء بالتعاملات الصباحية    ردًا على عملية بنيامينا.. غارات إسرائيلية عنيفة على الضاحية الجنوبية    تدريبات فنية متنوعة للاعبي الزمالك استعداداً للسوبر المحلي    محافظ أسيوط يوجه بزيادة عدد الفصول لاستيعاب الكثافة الطلابية    وزير الري يلتقي نائب وزير الدولة للطاقة والموارد المائية بالصومال    البورصة تحقق أرباح 25 مليار جنيه خلال نصف ساعة من بداية التداول    نائب وزير الإسكان يبحث توطين صناعة المهمات الكهروميكانيكية لمحطات المياه والصرف    ب«1950 طن».. وصول 5580 رأس عجول حية لميناء سفاجا    دقيقة حداد بمدرسة صلاح نسيم في السويس على أرواح ضحايا حادث الجلالة    مندوب السعودية: زيارة ولي العهد تعزز التعاون الاستراتيجي والاقتصادي مع مصر    «المقاولون العرب» تنفذ طريق جديد في أوغندا بتكلفة 70 مليون دولار    بعثة منتخب مصر تصل إلى القاهرة بعد الفوز على موريتانيا    شوبير يكشف موقف أشرف داري من السوبر المصري    ضبط 497 مخالفة في حملات تموينية مكبرة على المخابز والأسواق بالمنيا    «الأرصاد»: أمطار خفيفة وانخفاض في درجات الحرارة حتى نهاية الأسبوع    مفاجأة.. اعتذار جديد عن حفلات مهرجان الموسيقى العربية الدورة 32 (تفاصيل)    الأبراج الأكثر حظًا اليوم الأربعاء 16 أكتوبر 2024    خبير آثار: المتحف المصري الكبير تجربة استثنائية لاستكشاف الكنوز    قصر البارون يستقبل أطفال روضة السيدة ضمن أنشطة مبادرة «بداية»    «عبدالغفار» يعلن أهداف انعقاد النسخة الثانية للمؤتمر العالمي للسكان والصحة    الأمم المتحدة: الوضع الإنساني في شمال غزة «كارثي»    ننشر نص قانون المجلس الوطني للتعليم والبحث والابتكار    هاتريك ميسي يقود الأرجنتين لاكتساح بوليفيا.. وفوز كبير للبرازيل في تصفيات المونديال    أسعار الدواجن ترتفع اليوم بالأسواق (موقع رسمي)    اليوم.. «محلية النواب» تناقش تأخر صرف تعويضات نزع الملكية للمنفعة العامة بالجيزة    خروج 22 مصابا بحادث الجلالة بعد تماثلهم للشفاء    لعدم تركيب الملصق.. سحب 1462 رخصة قيادة في 24 ساعة    ضمن مبادرة "بداية".. تعليم الفيوم ينفذ 43 ورشة عمل و18 ندوة    وزير الخارجية الإيراني: مستعدون لرد حاسم حال شن أي هجوم إسرائيلي    انقلاب ميكروباص وإصابة 6 أشخاص بالطريق الإقليمي    حكم إخراج الزكاة على ذهب المرأة المستعمل للزينة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاربعاء 16-10-2024 في محافظة قنا    جدول امتحانات شهر أكتوبر للمرحلة الابتدائية بالجيزة    العلاقة المتوترة بين بايدن ونتنياهو: نظرة جديدة من بوب وودوارد    طريقة عمل بسكويت الشوفان، صحي وغير مكلف    أسعار الموز «بلدي ومستورد» والتفاح بالأسواق اليوم الأربعاء 16 أكتوبر 2024    «نعمة الماء» من خلال ندوات برنامج المنبر الثابت بمساجد سيناء    بعد 4 أيام هدوء.. إسرائيل تنذر سكان مبنى بالضاحية الحنوبية بالإخلاء فورًا    البرازيل تسحق بيرو برباعية وتقترب من التأهل إلى مونديال 2026    نجم الأهلي السابق: محمود صابر من أفضل لاعبي خط الوسط في مصر    ارتفاع ضحايا القصف الإسرائيلي على قطاع غزة إلى 5 شهداء    وفاة والد (ليلى) إيمان العاصي.. ملخص الحلقة 24 من مسلسل «برغم القانون»    دعاء فواجع الأقدار كما ورد عن النبي.. «اللهم إني أعوذ بك من الهدم»    حزب الله يستهدف عدة مواقع وآليات وتجمعا للقوات الإسرائيلية    يشمل عدة مطارات.. نشأت الديهي يكشف تفاصيل برنامج الأطروحات المصري    حظك اليوم لمولود برج الحوت 16 أكتوبر 2024.. سر الخروج من المشاكل    الصحة اللبنانية: استشهاد 5 أشخاص في هجوم إسرائيلي على شرقي لبنان    ميزانية الأهلي ترتفع بشكل قياسي.. سعد شلبي يحذر من الالتزامات المالية    غرب الدلتا تحقيق الخطة المستهدفة لتوليد الكهرباء وفقا للمعايير الدولية    مرور الغربية ينجح في إعادة فتح طريق طنطا المحلة ورفع أثار انقلاب سيارة نقل    محمد كيلاني يكشف سبب منعه من الغناء لمدة 10 سنين (فيديو)    الإفتاء: الأمن فى القرآن ذكر فى الجنة والحرم ومصر    واشنطن تمهل إسرائيل 30 يومًا وإلا ستقطع المساعدات العسكرية.. ما القصة؟    المخرجة شيرين عادل: "تيتا زوزو" أحد أمتع المسلسلات التي أخرجتها وعجبتني فكرة العيلة    محامي أمير توفيق: تقدمنا ببلاغ إلى النائب العام ضد تصريحات أحمد قندوسي    إحالة أوراق ربة منزل ونجار للمفتي لاتهامهما بقتل شخص في القليوبية    فيروس "ماربورغ " يشكل تهديدًا خطيرًا للبشرية.. جمال شعبان يحذر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدين بيقول إيه؟.. يجب الحجر على الجاهل بمصادر الفتوى.. الفوضى الإفتائية بسبب تصدر غير المؤهلين للإفتاء وتجرؤهم على هذا المقام السامى.. ومن الضرورى وضع ميثاق شرف أو قانون لتنظيم شؤون الفتوى
نشر في اليوم السابع يوم 29 - 06 - 2022

الدين بيقول إيه؟ لرأى الدين فى مجتمعاتنا مكانة مرجعية عند تلك الشعوب، التى عُرفت على مدار تاريخها بتديُّنها، حيث يشكِّل الدينُ عصبَ الثقافة المحرِّك للسلوك الفردى والجمعى على السواء، ولذا لا نستغرب من تدخل أحكام الشريعة فى تفاصيل الحياة الشخصية للفرد لتنظيمها وتهذيبها، كما تتدخل فى تدبير شؤون الأسرة من خلال قوانين الأحوال الشخصية القائمة على الشرع الشريف، بل تنظيم العلاقة بين المسلم والآخر فى إطار التعايش المشترك الذى أيَّدته العهود والمواثيق الدولية، فجاءت مُقرِّرة ومُفعِّلة لما فى أصول الإسلام، كما نصَّت عليه آيات الكتاب الحكيم وأحاديثُ النبى صلى الله عليه وسلم المتكاثرة الداعية إلى برِّ غير المسلم ورعاية كرامة بنى الإنسان وحريته على العموم.

من هنا نقف على مكانة الفتوى، التى هى إخبار عن حكم شرعى أو بيان حكم الله بمقتضى الأدلة الشرعية على جهة العموم والشمول، ودورها فى بناء المجتمع وتسيير حركته وحفظ أمنه الفكرى والاجتماعى، إذ يحتاج المسلمون إلى معرفة أحكام دينهم فى قضايا العبادات والمعاملات، فالفتوى هى الأداة المنظمة والراعية لعلاقة المسلم بربه من جهة، وعلاقته بأخيه فى مجتمعه المسلم من جهة ثانية، ثم علاقته بأخيه فى مجتمع الإنسانية من جهة ثالثة.

فإذا أمكننا أن نتصوَّر خطورةَ ذلك الأمر، فلا نتصوَّر أن ينضبط ذلك إلا من خلال اعتماد مرجعية إفتائية يطمئن إليها السائل على سلامته الشخصية وسلامة أسرته ومجتمعه جميعًا، ويتحقق ذلك الأمان بسؤال مَن يَغلب على الظن أنه من أهل العلم والتقوى، الجدير بتحمُّل مسؤولية التوقيع عن ربِّ العالمين، العليم بمقاصد التشريع، الخبير بمآلات الفتوى وتنزيلها على الواقع، وأثرها فى حياة الأفراد وتأثيرها على الأمن المجتمعى. وكلما توافرت الآليات التى بها تنضبط الفتوى على ضوء الكتاب والسنة، مع مراعاة روح الشرع الحنيف ومقاصده السامية، اقتربنا من الصورة المثلى لحياة اجتماعية آمنة، يقوم فيها كل فرد بما يجب عليه تجاه نفسه وأسرته، بل تجاه مجتمعه ووطنه والعالم أجمع.

غير أنَّه من المؤسف انتشار نوع من الفوضى الإفتائية فى الآونة الأخيرة بسبب تصدُّر غير المؤهلين للإفتاء، وتجرؤهم على هذا المقام السامى، مقام التوقيع عن رب العالمين، وخوضهم فى أمور الدين وتفصيل أحكامه بغير علم أصيل ولا دُرْبَة على تنزيل العلم -إن كان بعضهم على شىء منه- على أرض الواقع! وقد تسبَّبت هذه الظاهرة السيئة فى انتشار الأمراض الاجتماعية الخطيرة، كالتطرف الفكرى والتشدُّد العقدى بالخلط عن جهل أو عمد بين مسائل الفقه الفرعية وأصول العقيدة، وقد أفضى ذلك إلى العنف السلوكى والإرهاب الذى نشاهد آثاره المدمرة، التى لم يكد يسلم منها مجتمع من المجتمعات، بل وصل الحال ببعض الدول إلى الدخول فى آتون الحروب الأهلية، فدُمِّرت البنى الأساسية وعُطِّلت عجلة الإنتاج وتراجعت معدلات التنمية، وقوِّضت أركان السِّلْم العام.

وعزاؤنا أننا على يقين بأن الإسلام برىء من هذه الانحرافات الفكرية والآراء الشاذة، التى تُلقى بصاحبها فى براثن التطرف والإرهاب، بل إننا مطمئنون إلى أنَّ الأديان جميعها -وعلى رأسها الإسلام- ما جاءت داعيةً إلَّا إلى العمران، وتأكيد معانى الإخاء، وتحقيق التعايش بين الإنسان وأخيه الإنسان مهما كان جنسه أو لونه أو معتقده، أوَليست هذه هى خلاصة الأديان، أن يحب أحدُنا لأخيه ما يحبُّ لنفسه، أو كما قال صلى الله عليه وسلم: «أحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلمًا».

من هنا تتجلى ضرورة تنظيم الفتاوى، لخطرها على سيرورة حياة الأفراد والمجتمعات ودورها فى تحديد مصائرها، فكانت المطالبة بوضع ميثاق شرف أو قانون لتنظيم شؤون الفتوى أمرًا مُلِحًّا وضروريًّا، لا يجب التراخى فيه بحال من الأحوال، وإلا كنا كمن يسمح لغير المتخصص فى الطب بعلاج الناس مع ما يحمله ذلك من أضرار جسيمة، فكما يجب الحَجْرُ على الجاهل- ولو كان طبيبًا غير متخصص- من ممارسة الطب، فكذلك يجب الحجرُ على الجاهل بمصادر الفتوى ومواردها أن يُفتى فى أمور الناس وإلا أوردهم المهالك، فليس كل مَن تعلَّم يصلح أن يتكلَّم، ولا ينبغى أن يظن أحد أن الحجر الإفتائى هذا- إن صح ذلك التعبير- يعنى تقييد الحريات، أو نوعًا من فرض الوصاية الدينية على الناس، بل المقصود من ذلك تحقيق المصلحة التى ما جاءت الشريعة إلا لتحققها، ودرء المفاسد التى تنجم عن فوضى الفتاوى، والتى لا ينكرها عاقل بعد أن رأينا أثرها المشاهد والمحسوس من انتشار الجرائم بمسوغات إفتائية من غير المتخصصين المتصدرين للإفتاء على منصات التواصل الاجتماعى وغيرها من منابر الإعلام.

عند هذه النقطة، يجب أن نفرق بين أمرين مهمين، الأول إتاحة المجال للدعاة والعلماء يتكلم كلٌّ بحسب علمه وما أقامه الله فيه لتعليم الناس صحيح الدين، على أن يكون ذلك مُسيَّجًا بقوله تعالى: «ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِى أَحْسَنُ» «النحل: 125»، ثانيًا: الأمور المتعلقة بالفتوى سواء فى القضايا العامة أو الخاصة، فهذه لا بدَّ فيها من تنظيم وترشيد وتقنين، ذلك أنَّ للمفتى شروطًا ينبغى أن تتوافر فيه لا تقتصر على دراسته الشرعية، بل هناك مهارات زائدة يجب أن يكتسبها تتعلق بإدراك الواقع من كل نواحيه السياسية والاقتصادية والاجتماعية، بالإضافة إلى مواكبة مستجدات العصر، مع مراعاة مآلات الفتوى، وكلما كان المتصدر للإفتاء متصلًا بالواقع مدركًا لأبعاده، حققت فتواه مقصدها الصحيح من تحقيق مصالح العباد وتجنيبهم شر الفوضى بكل أنواعها.

إنَّ تنظيم الفتاوى أمر لا بد منه، لأنه السبيل الوحيد لسد حاجة الناس الطبيعية إلى الدين، فإن لم يجد الناس الفتاوى المنظَّمة التى تُشبِع نهمتهم، لجأوا إلى فتاوى التنظيمات المنحرفة عن وسطية الإسلام، وشيوخ الفضائيات الجهال الذين إذا سئلوا أفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا.

على أن مصر تزخر بالعلماء الثقات المتخرجين فى أزهرها الشريف على المنهج الوسطى المعتدل، واطمأن الناس على تطاول الأيام والدهور إلى عِلمهم وعدالتهم وضبطهم وأمانتهم. كذلك وثق المصريون بمؤسستها الإفتائية العريقة، دار الإفتاء المصرية، التى جرت فى عملها على بناء علمى متراكم تتداخل فيه كل التخصصات والعلوم، وهى المؤسسة التى أخذت على عاتقها تدريب الكوادر الإفتائية وإعدادها على مستوى العالم. لقد وثق الناس بهذه المؤسسة كونها الهيئة التى تمتلك مواصفات المرجعية الصحيحة لمن يريد أن يمارس الإفتاء على نحو صحيح. إنها باختصار الهيئة التى تمتلك المواصفات الفنية الدقيقة والتى يجب الرجوع إليها عند ممارسة الإفتاء.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.