دون انتظار نتائج المرحلة الثالثة من الانتخابات البرلمانية، يتجه حزب الحرية والعدالة، الذراع السياسى لجماعة الإخوان المسلمين، للحصول على أكثر من نصف مقاعد البرلمان المقبل، ما يجعلهم الحزب الأكبر على الساحة السياسية، وفى مجلس الشعب، ثم فى الشورى بعد ذلك وفقا لنمط تصويت المواطنين فى هذه المرحلة. وقد تكون الأغلبية البسيطة للحرية والعدالة، والأغلبية الكبيرة للإسلاميين بضم حزب النور السلفى، غير مرضية لدعاة مدنية الدولة، وأنا منهم، لكن ليبراليتى التى أرتضيها مذهبا سياسيا تلزمنى، وغيرى بالقبول بنتائج الانتخابات، طالما اتسمت بالحد الدنى الذى يجعلها تتمتع بالشفافية والنزاهة، وهو ما تحقق فى انتخابات مجلس الشعب، رغم بعض المخالفات الإدارية، وعدم تطبيق القانون على مخالفات الناخبين والأحزاب. المحصلة النهائية تقول إن حزب الإخوان يمتلك ما يكفى من أوراق القوة البرلمانية للتفاوض مع المجلس العسكرى حول آليات انتقال السلطة، وحول الدستور القادم، وآلية اختيار الهيئة التأسيسية التى ستكتبه، كما ستلعب جماهير الإخوان دورا ليس بالقليل فى تحديد رئيس مصر القادم. كل هذه النتائج السياسية على الأرض تعنى أننا أمام حزب سياسى كبير لجماعة الإخوان المسلمين، لم يعد بالإمكان تجاهله الآن أو فى المستقبل، وهنا يصبح السؤال المشروع لماذا لا تحل الجماعة نفسها، وتكتفى بحزب الحرية والعدالة. وجود جماعة دينية لها حزب سياسى، أمر غير معروف، أو معمول به فى الديمقراطيات الحديثة، علاوة على أنه يمنح الإخوان ميزة نسبية كبيرة عن غيرهم من الأحزاب المدنية، فالجماعة تجند الأعضاء منذ الطفولة، وتربيهم داخلها، ثم يصبحوا بعد ذلك وقوداً للحزب الكبير والمسيطر، تماما كما كان يحدث فى منظمة الشباب والتنظيم الطليعى داخل الاتحاد الاشتراكى العربى، الحزب السياسى الوحيد فى ذلك الوقت، أو كمنظمات الشبيبة فى الأحزاب الشيوعية والنازية والفاشية فى القرن التاسع عشر. نحن الآن فى القرن الحادى والعشرين، عصر التخصص والتنوع، فالجماعات والجمعيات الأهلية تمارس العمل الأهلى بعيدا عن السياسة، والأحزاب السياسية لا تمارس العمل الأهلى والدعوى، وعلى الإخوان الالتزام بقواعد الديمقراطية الحديثة طالما ارتضوها ومارسوها، ومنحتهم أغلبية الأصوات فى انتخابات البرلمان. لماذا لا يتم حل الهيكل التنظيمى الكبير للإخوان فى مصر مع الاكتفاء بالحزب السياسى، هذا هو السؤال الذى يجب على الإخوان الإجابة عليه، ولا مانع من وجود المرشد العام ومكتب الإرشاد باعتباره يمثل التنظيم الدولى للجماعة، ويظل مرجعية روحية للإخوان فى كل أنحاء العالم، دون أن يمارسوا العمل السياسى، بينما يبقى الحزب للسياسة فقط.