قال لى: أنا شايف إن الثورة هتقوم تانى أنت رأيك إيه؟ سؤال خبط دماغى وقررت ألا أقوم بالتنظير وأبتعد عن فلسفة ما يطلق عليهم "الخبير الإستراتيجى" حتى أستطيع الإجابة. ببساطة ما يحدث فى مصر بعد ثورة أطاحت برأس النظام ونادت بالعدالة والحرية والكرامة ثم تبقى بقايا النظام الفاسد تعيش معنا كما هى وبدون تغيير وتتمتع بحق الترشح فى انتخابات عمرها على كف عفريت ويتم تحويل المدنيين إلى محاكمات عسكرية بينما ينعم مبارك ورجاله بمحاكمات أمام قاضيهم الطبيعى والشرطة تعيش فى حالة من "الزعل والقمص" وتعتقد أنها لن تعمل إلا إذا عادت هيبتها فى توقيف الناس على هواها والقيام بعملهم على شاكلة: "اركن هنا ياض وانزل كلم الباشا فى القسم".. وإذا لم تدرك الشرطة قدرتها على القمع فهى لن تعمل أو بالأحرى ستعمل على قمع المتظاهرين بكل ما أوتيت من قوة، مستخدمة قنابل مسيلة للدموع و رصاصا مطاطيا، وكأننا فى مواجهة بين الفلسطينيين والاحتلال الإسرائيلى. مؤكد أن إسرائيل تصدر المشهد للعالم أنها فى حالة دفاع عن نفسها وأن الفلسطينى يعتدى عليها بكل قوة، بينما سلاحه "الحجارة". نفس الشىء يفعله التليفزيون المصرى الذى يصفق ويهلل لمن يحكمه فإذا كان اسمه مبارك فعاش المخلوع وإذا كان اسمه المجلس العسكرى فعاش حكم العسكر ولا عزاء للشعب ولا عزاء لمصابى الثورة الذين بدلا من أن نقدرهم ونجلهم ونضعهم فوق رأسنا افتخارا بدورهم الوطنى فى الثورة نقوم بالاعتداء عليهم لأنهم يعتصمون من أجل أخذ حقهم فى العلاج، بينما العدل يقول إن طلباتهم من المفترض أن تكون أوامر ولا تحتاج لتظاهر أو اعتصام ولا ينبغى أن يكون تكريمهم هو الضرب والسحل والإرسال جثة هامدة لمن سبقوهم من الشهداء. يقولون إن ضرب المتظاهرين وفض الاعتصامات يحدث فى أعتى الدول الديمقراطية، سواء فى أمريكا أو أوروبا وأقول لهم هل نطبق الديمقراطية والحريات التى تعيشها تلك الدول على بلادنا حتى بعد قيام الثورة؟ هل يحصل الكل على حقوقه بكرامة كتلك الدول التى نستشهد بها وقت القمع، بينما وقت العدالة نستخدم ثقافة الطناش؟ فى نهاية المطاف وصلنا بعد أيام وشهور من الثورة إلى سكة لا تسر أحباء الثورة، لكنها ترضى أعداء الثورة، وصلنا لحالة من العك فى تسيير الأمور.. صراع على الدستور والاستفتاء.. صراع على الإعلان الدستورى.. صراع على مبادئ حاكمة للدستور.. صراع من أجل الصراع ولا نظرة واحدة لأجل مصر. حالة من العك لا تنفعها إلا ثورة ثانية تعمل دون شعارات، و إذا قامت هذه الثورة من جديد فوقتها يجب أن نتعلم من أخطاء الثورة الأولى التى تركت الميدان دون أن تحكم بالعدالة والديمقراطية فكانت النتيجة هى الوصول لحالة من الضباب المميت للحياة المصرية. كل ما تم فعله هو الكلام و الكلام والكلام عبر الفضائيات واستعراض العضلات فى الحشد على كل المستويات بينما تناسينا أن الشعب هو مصدر السلطات. وعند كلمة الشعب يقف الجميع يتحدث باسمه وهو لم يفوض باسمه أحدا وإذا كانت الثورة تميزت بوحدة المصريين على مختلف أطيافهم فربما نحن فى حاجة لوحدة أكثر وقيادة واحدة اسمها: مصر. نحتاج لحالة من المصارحة والمكاشفة يحدد فيها المجلس العسكرى بشكل واضح الموعد الزمنى المحدد لتسليم السلطة للمدنيين ونحتاج لتوافق بين القوى السياسية نحو دستور يرضى كل فرد حى يرزق ويحمل بكل فخر الجنسية المصرية نحتاج لإعلام يتقى ربنا و يعمل تحت قسم: والله العظيم أقول الحق.. إعلام لا يقوم كما فعل التليفزيون المصرى باستحضار متهم للتعليق على ما يحدث فى البلاد وهو يحمل تهمة الاعتداء على المتظاهرين فى موقعة الجمل وحتى لو نؤمن بقاعدة المتهم برىء حتى تثبت إدانته فلا ينبغى أن نسير وراء الشبهات وإلا كان على القائمين فى ماسبيرو أن يستعينوا بالمخلوع مبارك لمعرفة رأيه كحاكم سابق فى إدارة الوضع القائم. فى نفس الوقت نحتاج دولة تكون سلطتها نزيهة ولا تضرب النار على إعلامها لأن من يخاف من شىء يقتله ومن لديه الحق لا يخفيه. إذا كنت تحب هذه الأرض المصرية فكن خادما لها لوجه الله ولا تقف عند مهاترات وعتاب مع أحد بأنك نزلت للميدان وهو لا ينزل لأن من يحبها لا ينتظر المنظرة بما قام به من أجلها وكل يخدمها بطريقته. عندى إيمان أن روح الثورة موجودة فى نفوسنا، لكننا نحتاج الرغبة والقدرة والإرادة حتى نطبق ما تدعو إليه ولمن يجلس وهو يظن أنه فى مأمن فعليه إدراك أن على الباغى تدور الدوائر.