عقوبة الجلد من العقوبات التى اعتبرتها جمعيات حقوق الإنسان الدولية والعربية تقع تحت تصنيف التعذيب البدنى والنفسى لما تتركه على جسد الإنسان ونفسيته من آثار مدمرة. إلا أن المملكة العربية السعودية رغم وجود العقوبات البديلة الرادعة مازالت متمسكة بهذه العقوبة التى تعتبرها حدا من حدود الإسلام.. والتى تلوح به فقط فى بعض القضايا عن غيرها. الشيخ محمود عاشور - وكيل الأزهر سابقا - ينفى بشدة أن يصل حد الجلد فى نص دينى من النصوص إلى 1500 جلدة، ولم يرد فى أى تشريع من التشريعات السماوية.. حتى نظام التعزير الذين يدعون أنه يعطى الحق للقاضى أو الحاكم لزيادة عدد الجلدات لم يزد بأى حال من الأحوال عن عشرة جلدات.. وهذا يعنى أن هناك نية مبيتة للتنكيل بمن صدر ضدهم العقوبة لأسباب لا نعرفها، فليس لنا أى سابق معرفة بملابسات القضية وأطراف النزاع والتهم الموجهة. آما الدكتورة آمنة نصير أستاذ الفلسفة الإسلامية فتعتبر أن حكم الجلد الذى صدر فى حق الطبيبين المصريين هو جلد للمصريين جميعهم وجلد للسياسة المتهاونة فى حماية حقوق المصريين.. ومن المحزن حقا والكلام للدكتورة آمنة أننا ننظر للدول العربية أنهم أهلنا بكل الأسف رغم أن الواقع لا يدعم هذه العلاقة.. وترجع الدكتورة آمنة هذا لأمرين أولهما: لهفة المواطن المصرى ونعومته التى تفرط فى كثير من كرامته ظنا منه أن هذه هى الوسيلة الوحيدة لاستمرارية عمله ورزقه، وهذا أمر مهين، الأمر الثانى عدم متابعة الجاليات المصرية فى الدول العربية. لكن حمل هموم الإنسان المصرى آخر ما يفكرون فيه.. وقضيه الأطباء المصريين فيها لبس كبير فعقوبة الجلد أحسبها ليست من مستجدات العصر، ولا تناسبه وهناك من العقوبات الرادعة التى تقوم مقام الجلد وتحقق الهدف من معاقبة المخطئ بلا إهانة لآدميته وإنسانيته فعقوبة الجلد ليست من المقدسات فى الإسلام فهى ليس من الفروض الخمسة التى بنى عليها الاسلام.. وطالما وجد البديل الرادع لهذه العقوبة فيجب أن يتم إلغاؤها. وترى الدكتورة آمنة أن المبالغة التى وردت فى حكم الجلد أمر عجيب يدعو للتساؤل ويجب أن يكون هناك رد فعل حقيقى من خلال المحكمة الدولية، أو من خلال منظمة العربية لحقوق الانسان فالقضية تحتاج إلى وقفة قانونية وإلى رد الظلم والقضية برمتها لا تمت لتنفيذ الشريعة بصلة، فالإسلام لم يأت لإهانة الإنسان أو التقليل من آدميته. الشيخ منصور الرفاعى - وكيل وزارة الأوقاف للمساجد وشئون القرآن سابقا- يدعونا للتفريق بين الحد الشرعى والتعذير والحد الشرعى للجلد لا يزيد على مائة جلدة للزانى.. أما التعذير فهو تدخل بشرى للعقاب ومعنى أن يحدد القاضى أو الحاكم كل هذا العدد الضخم من العقاب البدنى لا عقوبة بدون نص، فمعنى هذا أمران، إما أن تكون الجرائم التى ارتكبها هذا الطبيب تفوق الخيال، أو أنه نوع من التنكيل بهذا الطبيب لأسباب لا نعرفها، وحتى الآن ومن واجبهم علينا كأشقاء عرب أن يتم فتح ملف القضية لمعرفة تفاصيل الحدث.. ولا مانع من السماح بسفر لجنة من نقابة المحامين أو وزارة العدل، للاطلاع على ملابسات القضية حتى نتحرى العدل، وهذا لا يخالف الأعراف والشرع والقوانين الدولية. ويرى الشيخ منصور أن هذا الحكم قد تجاوز الشرع إلى الحكم البشرى وأن هذه القضية فى حاجة إلى تدخل السياسة، سواء على المستوى الدبلوماسى كالخارجية، أو حتى على أعلى مستوى لتصل لتدخل رئيس الجمهورية. الدكتور محمد سعيد الدقاق أستاذ القانون الدولى بجامعة الإسكندرية - يقول لم أسمع فى حياتى عن حد الجلد يصل إلى 1500 جلدة أقصى عقوبة عرفها الدين الإسلامى هى مائة جلدة.. هذا إذا كانت السعودية تتمسك بتطبيق الشريعة الاسلامية بنصها.. وفى جميع الأحوال اعتبرت القوانين الوضعية والعاملون فى مجال حقوق الإنسان أن الجلد إحدى وسائل التعذيب البدنى والنفسى.. وطالما أن الدين الإسلامى هو دين الحفاظ على كرامة الانسان، إذن فإن الجلد هو أيضا ضد كرامة الانسان وآدميته. لمعلوماتك.. ◄القانون الدولى يؤكد أنه لا جريمة إلا بنص.. وجريمة الأطباء المصريين فى السعودية ليس لها نص.