فى حلقة استثنائية من برنامج "لازم نفهم" الذى يقدم على شاشة مركز تلفزيون العاصمة cbc، قدم الإعلامى والكاتب الصحفى مجدى الجلاد تحقيقا على قدر عال من المهنية حول تجارة المخدرات وتعاطيها، وبدأ حلقته قائلا "انتشار المخدرات وإن كانت قضية قديمة ولكنها مازالت تؤرق حياتنا إلى الآن وزادت مع حالة التراخى الأمنى التى ارفض أن أسميها انفلاتا، وأصبحت تجارة المخدرات شبه مشروعة فلو طلبت أن تشترى مخدرات ستجد من يبيع لك بمنتهى السهولة، وهذه التجارة أصبحت شبه معلنة فى مناطق متخصصة فى المخدرات ومشهورة ولا تحتاج أى مجهود للوصول إليها. وعرض الجلاد فيلما وثائقيا قام بتصويره فريق العمل، وذكر الفيلم أن حجم هذه التجارة 18 مليار جنيه أى ما يعادل 79% من دخل قناة السويس و41% من الاستثمار و82 من حجم حوالات المصريين بالخارج، وتعد مصر فى المركز الثانى إفريقيا فى تجارة وزراعة المخدرات وهى تحسب فى مصاف الدول المكتفية ذاتيا، كما أذاع الفيلم تصريحات لبعض مدمنى المخدرات قالوا فيها إنه لا يوجد منطقة فى مصر ليس بها تجارة حشيش وهروين وأن الحصول على المواد المخدرة لم يعد بالأمر الصعب، وأوضح الفيلم أن تجارة المخدرات تنتشر فى 9 محافظات هى القاهرةوالإسكندرية والشرقية والقليوبية والجيزة وأسيوط وسوهاج والإسماعيلية وسيناء التى تستأثر وحدها بنصف حجم التجارة تقريبا، وقام فريق البرنامج المعاون لمجدى الجلاد بتصوير عملية شراء حقيقية لمخدرات هيروين وحشيش وبانجو من تجار حقيقيين يظهرون بالفيلم، ومشاهد لشباب يتعاطون المخدرات. وذكر مجدى الجلاد عقب إذاعة الفيلم أن تصوير هذا الفيلم كان من خلال كاميرات سرية وكان التصوير مخاطرة كبيرة بكل المقاييس، حيث إن هذه المنطقة تعد من أصعب المناطق فى دخولها، كما أشار الجلاد إلى أن الحشيش أصبح الآن مثل السجائر يدخن فى الشوارع و12% من طلاب المدارس أصبحوا يتعاطون المخدرات. وفى الاستديو استضاف مجدى الجلاد اللواء سامح الكيلانى من الإدراة العامة لمكافحة المخدرات، الذى أشار فى البداية إلى أن المخدرات مشكلة عالمية ولا يوجد شىء اسمه القضاء على المخدرات بشكل نهائى حتى الولاياتالمتحدة بكل إمكانياتها لم تقض على المخدرات وبعد الثورة حدثت سيولة فى البلاد كلها، وهيئة الرقابة الدولية على المخدرات أرسلت جواب شكر إلى مصر على مجهوداتها فى مكافحة المخدرات، وأوضح الكيلانى أنه على الرغم من فترة الانفلات الأمنى التى مرت بها البلاد فى الفترة الأخيرة إلا أن إدارة المكافحة نجحت فى ضبط كميات كبيرة من المخدرات منها 18 طنا من الحشيش، 12 كيلو هيروين، وسأله الجلاد أن تقرير الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء قال إن ما يتم ضبطه هو 1% فقط من حجم التجارة، فأجاب الكيلانى "لا يوجد مناطق أقوى من الداخلية ولكننا نواجه هناك مشاكل أمنية نعمل فى ظلها لأننا جزء من المجتمع تأثرنا بالمشاكل الأمنية بعد الثورة وهنا نبحث عن دور المجتمع فى مكافحة حجم الطلب على المخدر، ومن واقع تجربة الفترة الماضية فى عز الانفلات الأمنى فى طريق الإسكندرية ضبطنا نص طن حشيش فى إحدى الضبطيات"، كما عرض أثناء الحديث بعض اللقطات لقوات مكافحة المخدرات وهى تضبط مزارع مخدرات وأفيون. وأوضح الكيلانى أن المشكلة فى منطقة مثلث الرعب فى القليوبية أن بيوت الأهالى متاخمة للمزارع، مما يصعب الهجوم عليها، ولكن بدأنا تكثيف المجهود والإحصائيات تثبت تراجع كميات الاتجار، كما أن ضباط المكافحة يواجهون الموت فالعام الماضى قمنا بضبط كمية كبيرة من المخدرات فى طريق السويس، وحدثت معركة وقتل 6 وأصيب 2. وفى نهاية حديثه قال الكيلانى إن أى شخص يستطيع أن يبلغ عن المخدرات على هذا الرقم 24820001. وفى فقرة أخرى استضاف مجدى الجلاد إحدى الحالات الذى رفض ذكر اسمه وهويته وعرف نفسه باسم محمد، والدكتور حسام إبراهيم أخصائى المخ والأعصاب بجامعة بنها، والذى بدأ بشرح مفهوم المواد المخدرة وهى نوعان المخدرات الطبيعية وهى مخدر طبيعى، والمخدرات المخلقة بالمعامل، وجميعها تسبب الإدمان، وأوضح حسام إبراهيم أن المخدر إما أن المخ يعتاد على تعاطيه، ونوع آخر تحل محل إنزيمات المخ فتقوم بتعطيل بعض المراكز بالمخ وتدمر الخلايا وتؤثر على الدورة الدموية، لذلك ننصح بالعلاج المبكر لأن خلايا المخ يصعب تعويضها، كما شرح حسام إبراهيم أن أعراض الإدمان العزلة واضطراب الشخصية والشعور باللامبالاة. أما إحدى الحالات التى أقلعت عن الإدمان والتى استضافها مجدى الجلاد تحت اسم محمد "اسم مستعار" فقال إنه كان يعانى من مشاكل فى بيته وأراد الهروب منها، وقال محمد "والدى كان يتعاطى" مخدرات فترات متباعدة ووجدت فى جيبه بالصدفة قطعة أفيون ورغبت أن أجرب، وبعد ذلك أخدت الهروين والحشيش وكان عمرى 15 سنة وظللت 10 سنوات مدمنا وحاولت العلاج عدة مرات وكنت أذهب إلى أماكن الاستشفاء ولا أجد مكانا فيها حتى تمكنت أخيرا من العلاج" وعن رحلة العلاج قال محمد "مكثت فى مكان الاستشفاء 15 يوما وهى فترة الانسحاب، أما الفترة الأصعب، فهى مرحلة إعادة التأهيل السلوكى"، كما شرح محمد أنه وجد مدمنين أحدهم باع زوجته من أجل الحصول على المخدرات. وعلى الهاتف قالت والدة محمد إنه وإن كان لم يكن يعتدى عليها بالضرب إلا أنه اعتاد سرقة الفلوس، كما أوضح الدكتور حسام إبراهيم أن أصعب مرحلة فى علاج الإدمان، هى عملية الخروج بالمريض من الواقع الافتراضى الذى يرسمه المخدر فى خياله فعندما يخرج من الواقع الافتراضى إلى الواقع يصاب بصدمة لأنه يجد أن خياله كان أفضل وهنا تكمن الصعوبة فى مرحلة إعادة التأهيل.