قال المفكر الكبير، السيد ياسين، أستاذ علم الاجتماع السياسى، إنه يرفض قانون الغدر لأنه تم صياغته بعبارات مطاطة وليس فيه نصوص قاطعة، ومن غير القانون أن نحاسب الناس بأثر رجعى، قائلا: دعوات التطهير دعوات مكارثية، فلابد من محاسبة المسئولين بالقانون، لافتا إلى أن إسقاط النظام لا يعنى إسقاط رموزه، وإنما يعنى مراجعة سياساته المنحرفة اقتصاديا واجتماعيًا وسياسية، لافتا إلى أن الناشط السياسى حلّ محل المثقف التقليدى بعد ثورة 25 يناير، التى ما كان يطوف بخيالنا أن تندلع ثورة بعمقها وتجبر على إسقاط وتنحية الرئيس السابق خلال 18 يوما فقط. جاء ذلك خلال الندوة التى أقامتها هيئة الكتاب، أمس الأول بعنوان المثقف والجماهير وشارك فيها عمرو حمزاوى، أستاذ العلوم السياسية، والدكتور سيف الدين عبد الفتاح أستاذ النظرية السياسية بجامعة القاهرة وأدارها السيد ياسين. وتابع ياسين: التلقائية لا تصلح لبناء نظام جديد، وإنما تصلح فقط للثورة. وتحدث عمرو حمزاوى لافتًا إلى مقارنته بين "مانشيتات" الصحف الرئيسية قبل الثورة وبعدها، ووجد أنها قبل الثورة كانت بنسبة 70% تتناول موادها الرئيس السابق وأخباره، وبعد الثورة بنفس القدر أيضًا تتناول الرئيس السابق وما يفعل معه. وحذر حمزاوى من أن النقاش العام لا يتحدث عن البناء الجديد، بقدر ما يتحدث عن البناء القديم، قائلا: يندر أن تجد طرحًا تفصيليًا عن آليات البناء الديمقراطى فى أى صحيفة، وفى أى برنامج حوارى، وهذه ليست مسئولية المجلس العسكرى أن يفرز لنا خريطة طريق عن آليات البناء الديمقراطى الجديد، وإعادة هيكلة المؤسسات التنفيذية والتشريعية، كما أنها ليست مسئولية الحكومة بقدر ما هى مسئولية النقاش العام. وقال حمزاوى: الثورة الآن حائرة لغياب النقاش العام، فنحن يجب أن نضفى شيئا من الرشادة والعقلانية على النقاش العام، ونتصدى للكثير من الغوغائية فى النقاش، فنحن حتى الآن لم نزل نناقش مسألة محاسبة رموز النظام القديم، وبلغت الغوغائية فى النقاش العام أن يتم التعجب من وجود محامين يدافعون عن الرئيس السابق، رغم أننا رضينا بمحاسبته أمام القاضى الطبيعى بكافة الضمانات الدستورية التى تكفلها القوانين الطبيعية المصرية. وتطرق حمزاوى للخطاب السائد حول دور القوات المسلحة، مشيرًا إلى رفضه إحالة المدنيين للقضاء العسكرى، مؤكدا أن المجلس العسكرى يقوم بدور منضبط ويحمى هذه الثورة قائلا: أنا اعترضت على مسيرة تخرج من ميدان التحرير إلى وزارة الدفاع فى العباسية، فما الغرض من هذه المسيرة، هل نحاصر وزارة الدفاع، هل نحتلها؟ هناك أولويات يجب أن ننشغل بها ونركز عليها وليس من الضرورة أن نصبح دولة ديمقراطية مالم نركز على الأولويات. ولفت حمزاوى إلى أن ما يحدث الآن هو اختزال للأولويات والتركيز على القضايا الخلافية التى تصنع استقطابات، وثنائيات مثل المدنى أمام الدينى أو الإسلامى، قائلا: هذا الاستقطاب متوهم، لأن الثورة المصرية لم تخرج بيافطة دولة إسلامية، أو يافطة تطبيق الشريعة، وإنما خرجت بيافطة حرية عدالة كرامة إنسانية، والدولة التى تضمن هذه المطالب هى الدولة المدنية التى تساوى بين كل المواطنين، وتحترم سيادة القانون، ونحن مجتمع إسلامى والدولة المدنية ستلتزم بالنص الوارد فى كل الدساتير المصرية المتعلق بالشريعة الإسلامية. وأكد الدكتور سيف الدين عبد الفتاح، فى مداخلة، على رفضه الشديد لعسكرة الثقافة، قائلا: الجيش أتى بعد الثورة فى صدر السلطة باعتباره مدنيًا، فمن الطبيعى أن يتقبل النقد، فلن يقول شيئا، ونقول "نعم ونسكت" وحينما يقول أى شخص مدنى رأيه لا ينبغى أن يتم تحويله للقضاء العسكرى، فكما يحاكم حسنى مبارك أمام القضاء الطبيعى، وهو من جرف الحياة السياسية لعقود، يجب أن أحاكم أنا أيضًا أمام القاضى الطبيعى.