تحسبه واحداً من الملائكة الخضر المحلقين على درجاتها، رأيته تظله من حر الشمس ومطر الشتاء و"مكرفونه" لا يفارق يده، هادئا، متواضعا، تسمع صوته بصعوبة أظنها رقة غير مصطنعة، اختار الطريق الثالث للتغيير، فصحته لا تعينه على أن يغير المنكر بيده، ويرى فى نفسه وإيمانه أنه أقوى من أن يغير بقلبه، فكان لسانه وقلمه هما بضاعته فى النضال، إنه القديس محمد عبد القدوس، مقرر لجنة الحريات بنقابة الصحفيين. الرجل الذى يحظى بحب جموع الصحفيين وكل من عرفوه، فجأة تجبر وسار على نهج سابقيه من أعضاء مجلس النقابة ورفض أكثر من مرة أن يذهب إلى المحكمة لحضور جلسات القضية التى رفعها عدد من الزملاء الراغبين فى الالتحاق بالنقابة،_ للأسف _ عن طريق القضاء، بعد أن أغلقت أمامهم الطرق الطبيعية، لأسباب كثيرة، فالنقابة التى من المفروض أن تسعى لمنح العضوية للعاملين بالمهنة وتقدم لهم الرعاية والحماية، تتنكر لأبنائها، وكأنهم لاجئون أفارقة على باب سفارة دولة أوربية يهرولون للحصول على تأشيرة دخولها، أعتقد أنه من العيب أن يتهرب أعضاء النقابة من حضور الجلسة فى المحكمة بحجج فارغة، يا سادة اعتبروا خدمة الزملاء وإنهاء أزمتهم جزء من حملاتكم ووعودكم الانتخابية، اخدموا أبناء المهنة قبل الانتخابات ولو لمرة واحدة. كان من الطبيعى أن يلجأ الزملاء لتقديم شكوى للمرشد العام لجماعة الإخوان التى ينتمى لها الأستاذ المهذب محمد عبد القدوس بعد فشل الوساطة والاتصالات الشخصية ومكالمات التودد والمجاملة التى لم تسفر عن شىء، فقد وصف عبد القدوس تقدم الزملاء بشكوى للمرشد على أنه جهل بلوائح النقابة، ومحاولة للالتفاف على القوانين، أقول له تذهب القوانين إلى الجحيم طالما من صاغها لم يراع المهنة وأبنائها، وأصبح شاغله إذلال الناس قبل تمكينهم من حقهم، الذى صار يمنحهم إياه أشخاص لا يحسون بأوجاعهم ولا يقدرون أحلامهم وطموحاتهم بل استعذبوا ركلها على سلالم نقابة الصحفيين، أم أنك ستعاقبهم بجريرة أنهم لا ينتمى لحزب أو جماعة أو جريدة من هؤلاء الذين تساندهم باستمرار.
