نعم إنه الحدث التاريخى وأهم إنجازات الثورة المصرية العظيمة فلم يتصور أحد أن يرى مبارك الذى حكم مصر 30 عاماً ماثلاً أمام القضاء وفى قفص الاتهام هو والعادلى ومساعديه فالمشهد عميق وله أكثر من دلالة ودرس فهذا المشهد رادعاً لكل من تسول له نفسه فعل ما فعله الرئيس المخلوع وبطانته طيلة فترة حكمه فقد أجرموا فى حق الشعب المصرى سنوات عديدة من الظلم والقهر والاستعباد وإفقار الفقراء وإذلال الضعفاء وإفساد التعليم والصحة وتبييض الأموال وإستغلال النفوذ وممارسة كل أنواع الفساد وكان آخرها إصدار الأوامر بقتل المتظاهرين. ومبارك بذلك أول رئيس عربى يسقطه شعبه ويحاكمه محاكمةعلانية أمام العالم أجمع وهذه المحاكمة أثبتت لجموع المصريين نزاهة المجلس العسكرى والقضاء المصرى وأنهم بحق حماة الشعب والثورة. والمحاكمة لم تكن مثار اهتمام مصر أو المصريين وحدهم بل امتد الاهتمام عربيًا وعالمياً ليثبت الشعب المصرى للعالم أجمع أنه ما زال صانع التاريخ والأمجاد وكسر كل القيود من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية وسيتخطى كل الصعاب لأنه شعب صاحب إرادة قوية فى سبيل إعلاء الحق وكشف الفاسدين والقتلة وتقديمهم لمحاكمة عادلة. ولم ينافق رئيس وزراء إيطاليا المصريين حينما قال: (لا جديد.. فقد صنع المصريون التاريخ كالعادة). وتأتى هذه المحاكمة العلنية تتويجاً لثورة 25 يناير ونضال المصريين فى ميادين مصر طيلة الشهور الماضية إلى أن تتحقق مطالب ثورتهم. فتحية إجلال وتقدير لعموم شباب مصر من الثوار المناضلين وشهدائها الأبرار أولئك الذين بذلوا الغالى والنفيس بدمائهم وأرواحهم ودفعوا أغلى ما لديهم من أجل وطنهم وحريتنا جميعاً وجعلونا نرى هذا المشهد التاريخى لهؤلاء الفاسدين والقتلة، وليكونوا عبرة وعظة لكل حاكم ظالم وبشرى لكل المظلومين والمقهورين فى الأرض ورسالة لكل من يريد أن يحكم مصر يعرف أنه لا صوت يعلو فوق صوت الشعب عندما تتحد صفوفه تحت راية واحدة ضد من يقهره ويظلمه ويسرق قوته فسبحان الله المعز المذل. وسبحان من يغير ولا يتغير.