أرسل (أ) إلى افتح قلبك يقول: أنا إنسان يتنفس ويأكل ويتحرك وحى فسيولوجيا، لكنى أشعر أن روحى قد ماتت منذ زمن، خشيت كثيرا التحدث عن مشكلتى لأنى أتوقع أن أقابل بالنقد والاستنكار بدلا من التفهم والعون والدعم، لكنى ألتمس ذلك الآن، فلعلى أجد لديكم بعض ما أفتقده فى هذه الحياة. أنا شاب تخطيت الثلاثين ببضعة أعوام، مصرى من أصول تركيه، تربيت تربية منغلقة جدا، لم يكن لنا أى اختلاط كعائلة، ولا كشخص حتى، أغلب أوقاتنا كانت بالبيت، ولم يكن لى أصدقاء حقيقيون على مدار حياتى إلا بعض الزملاء بالجامعة، أحببت جاره لى لمدة سنتين، احببتها بصدق و بقوه، لكنى صدمت صدمة كبيرة، عندما علمت أنها على علاقة بآخر، ومنذ ذلك اليوم أقسمت على ألا أقحم نفسى فى أى علاقة عاطفية بعد الآن. تعرضنا لأزمة مالية بعد وفاة والدى، سافرت بعدها للخليج لأوفر لأسرتنا بعض المال، وأنا أعيش هناك منذ ذلك الحين ومنذ 6 سنوات، سافرت لأعيش وحيدا غريبا، حبيس غرفة (ستوديو) ضيقه، لا أتحدث مع أحد ولا أختلط بأحد، لا أقوم بأى شىء سوى الذهاب إلى العمل والنوم، افتقدت لأن يكون لى صديق أو رفيق أو حتى زميل أشاركه بعض الوقت، ونظرا لوسامتى الواضحة، ونظرا لانتشار (الشذوذ) للأسف فى بعض دول الخليج، ومن ضمنها البلد التى أعيش فيها، فقد تودد إلى بالفعل بعض الرجال، ولكن ليس بدافع الصداقة أو الزمالة كما كنت أتمنى، ولكن بدافع آخر تماما، آخرهم كان مديرى فى العمل، مما جعلنى أبتعد تماما عن كل الناس، بل وأخافهم أيضا، وازددت وحدة وانغلاقا على نفسى. علاقتى بأهلى تضعف مع الأيام، فهى مقتصرة على التليفون كل بضعة أشهر، أجد نفسى أدخل فى أدوار اكتئاب متلاحقة، لدرجة أن قدرتى على الكلام مع الآخرين تأثرت، فقد أصبحت كمن لا يستطيع الكلام، كما تنتابنى نوبات من البكاء كالأطفال عند عودتى للبيت، يهاجمنى القلق بشدة، وأصبحت أتوقع حدوث المشاكل والمصائب لى باستمرار. أنا متوسط التدين، وليس لى أى تجارب إدمان أو شرب أو حتى تدخين، كما أنى مجتهد فى عملى وأتقنه إلى درجة كبيرة، لكن لاحياة لى خارجه تماما. كما أنى موهوب فى الرسم والغناء، وكنت أحب الذهاب إلى السينما، لكنى لا أجد نفسى أستمتع بأى شىء من هذا الآن، حتى الأكل أصبحت لا أستطيع إكمال وجبة واحدة، أكتفى بملعقة أو ملعقتين وألقى بالباقى إلى القمامة، أشعر وكأنى أموت ببطء، وربما أكون أصبت بالهوس أو بالجنون.. لا أعرف. والى (أ) أقول: حضرتك عزلت نفسك عن العالم كله، ومش عارف انت مكتئب ليه؟، مش معنى إنك اتربيت فى عزله إنك تفضل كده بقية حياتك، ومش معنى إنك حبيت مرة، وفشلت، يبقى عمرك ماهتحب تانى، ومش معنى إنك تعرضت لمحاولات صداقة غير سوية، إن كل الناس والأصدقاء الكويسين خلصوا، اضحك للدنيا تضحك لك يا أخى، لكن بالطريقة إلى أنت عاملها دى طبعا لازم تشوف كل حاجة وحشة. هاقولك على خطوات معينة عشان نكون عمليين: ( 1 استشير طبيب نفسى لأنى أعتقد إنك بتمر بحالة اكتئاب مرضيه فعلا، وقد تحتاج الى بعض الأدوية مؤقتا لرفع حالتك المعنوية. 2 )دور لك على أى مكان تمارس فيه هوايتك، نادى، مرسم، مكان لتعليم الموسيقى، أو حتى جيم تلعب فيه رياضة، الموضوع ده له أكتر من فايده، أولا هايخفف من عزلتك وبقائك لوحدك على طول، ثانيا هايحسسك بالسعادة، لأن الواحد بيسعد لما بيمارس حاجة بيحبها، ثالثا هايفتح لك باب صداقات جديدة، وكمان مع ناس لها نفس الاهتمامات والهوايات. (3 فكر جديا فى الزواج، أعتقد إنك قادر ماديا على ذلك بعد سنوات من الغربة، كمان سنك مناسب جدا، دور فى محيط معارفك، قرايبك، أخوات أصحابك أو زمايلك فى الشغل، ومش باقولك اتجوز على طول، لأ خد فرصتك فى التعرف والخطبة حتى تجد من تستريح لها. وجزء كبير من مشكلتك هايتحل لما يكون لك زوجه وبيت وأطفال، تتفاهموا تتخانقوا، تعيشوا مراحل الحياة كلها بحلوها وبمرها، هو ده الوضع الطبيعى إلى المفروض يكون فيه واحد فى سنك. ( 4أهم حاجة فى كل الى فات ده بقى، هى إنك تقرب من ربنا أوى اليومين دول، الحمد لله إنه عصمك من الإدمان والتدخين وغيره، وده معناه إنه بيحبك وعايز يحفظك، حاول تدعى كتير لربنا إنه يشرح صدرك ويوفقك للخير، ولو تقدر تروح تعمل عمره مثلا أعمل كده. الإنسان كائن اجتماعى، يعنى لا يمكن يقدر يعيش لوحده، عشان كده ماتحاولش تخالف الطبيعة، وتعزل نفسك كده على طول وبعدها ترجع تتعجب انت تعبان ليه؟.