اعترف الشاعر سعد عبد الرحمن رئيس الهيئة العامة لقصور الثقافة، بأن الهيئة كان بها كثير من الظواهر السلبية خلال السنوات الماضية، حيث كان بها نوع من "الشخصنة" فى إدارتها فكان كل من يأتى رئيسا لها فنان تشكيلى على سبيل المثال يوجه أنشطتها بشكل مكثف فى هذا المجال، بالإضافة إلى الإدارة العشوائية لكثير من إدارتها وفروعها. وأكد عبد الرحمن خلال أولى جلسات الملتقى الثقافى، الذى عقدت مساء أمس، بقصر ثقافة الجيزة على أن الهيئة هى الذراع الأول لوزارة الثقافة وقدر كبير من نجاحاتها كانت بفضل المثقفين الكبار، معتبرا أيها بأنها عبارة عن شركة بين الموظفين العاملين بها والمثقفين الذين أنجحوا قدر كبير من أنشطتها. وأوضح عبد الرحمن، أن الهيئة متمثلة فى الإدارة المركزية للبحوث والدراسات تجرى حاليا استطلاعات للرأى فى الشارع لمعرفة مدى تأثير ما تقدمه الهيئة على الشارع المصرى، لافتا إلى أن الهدف من هذا الملتقى والاستطلاع الذى تجريه الهيئة هو البحث عن دور يتلاءم مع المرحلة الحالية التى تمر بها مصر الآن ووضع آليات لتنفيذ ما سيخرج به هذا الملتقى من أطروحات، مؤكدا على أن ذلك لم يحدث ببساطة ويسر فقد تواجه الهيئة بعض الصعوبات والمعوقات وبعض أوجه الفساد المالى والإدارى ولكن لابد من التغلب عليها لمحاولة تقليلها وذلك لأن القضاء عليها مستحيل. وانتقد الشاعر شعبان يوسف التصريحات الأخيرة لوزير الثقافة التى قالها بأحد اللقاءات بحزب التجمع بأن المثقفين يخذلوه، متعجبا من ذلك التصريح وتسأل كيف نخذلكم وعندما أبلغتنا الهيئة بهذا الملتقى لبينا النداء مسرعين؟، موضحا أن وزراه الثقافة يوجد بها كثير من القيادات ورؤساء القطاعات رفض ذكر أسماءهم لم يتم اختيارهم بناءا على قرارات فنية أو علمية، ولكن بقرارات سياسية ومجاملات و"وسايط" على حد وصفه. من جانبه، قال الشاعر حلمى سالم على أن الهيئة يقع على عاتقها عبء كبير فى هذه المرحلة وهو ترسيخ فكرة الدولة المدنية، وذلك لإنقاذها مما وصفه "بهاجس الدولة الدينية"، مضيفا أن الهيئة تهدر الكثير من المال والجهد فى بعض الأنشطة النخبوية التى لا علاقة لها برجل الشارع العادى، مشيرا إلى ضرورة أن تعيد الهيئة النظر فى الفنون التى تقدمها بشكل عام لعزل ما هو نخبوى والتركيز على الأنشطة الحرفية والفنون الشعبية. وأكد الكاتب الصحفى والشاعر يسرى حسان رئيس تحرير جريدة مسرحنا على ضرورة أن تعود الهيئة للدخول للمدارس مرة أخرى وتفعيل الانشطة المسرحية والغنائية، مشيرا إلى أن الهيئة لو لم تصل لفئة الأطفال والشباب لم تسطع نشر فكرها الجماهيرى التى تسعى إليه. بينما اقترح الناقد الدكتور حسين حمودة، أن تضع الهيئة استراتيجية لجذب الجمهور أولا قبل كل شىء، وذلك لأنه لضمان التفاعل مع أنشطتها لبد من وجود جمهور، مؤكدا على أنه من خلال ذلك سوف تحقق الهيئة غرضها من نشر الثقافة الجماهيرية. واعترضت الكاتبة والناقدة الدكتورة هويدا صالح على عدم دعوتها أو دعوة أى عنصر نسائى بالملتقى، مؤكدة على فكرة أنها غير مهتمة بمجال الدب النسوى أو حتى مجال المرأة بشكل عام، مشيرة إلى أن الهيئة ذاخرة بالعنصر النسائى الفعال فى الوسط الثقافى. ودعا جميع الحضور فى ختام اللقاء إلى ضرورة الالتزام بورقة محددة لكل جلسة لمناقشة نقاط معينة، حتى نخرج فى كل جلسة بمجموعة من الاطروحات القابلة للتنفيذ ولا يذهب الجهد فى الفراغ وتتحول الجلسات لمكلمات لا مجال لها فى الوقت الحالى. وخلال اللقاء طالب عدد كبير من المثقفين بعودة المسمى القديم للهيئة العامة لقصور الثقافة وهو "الثقافة الجماهرية" أسما ومضمونا، منتقدين بذلك اهتمام الهيئة مؤخرا بمجالات بعيدة عن الثقافة الجماهيرية التى عهدها رجل الشارع والأطفال من هذه المؤسسة. واقترح الكثير منهم أن يتم إلغاء كافة الأنشطة التى لا علاقة لها بالجماهير والتى تتنافى مع المبادئ الأساسية لإنشاء المؤسسة، وذلك حتى يعود الجماهير للتفاعل معها، منتقدين فكرة وجود نشر بالهيئة أو سينما أو إنتاج أفلام تسجيلية، مذكرين بجملة سعد الدين وهبه "لو نزلت أحد الأقاليم وسألت أحد المارة عن قصر ثقافة وقال لا أعرفه سوف أعزل مديره فورا"، مطالبين بتفعيل هذه الجملة التى اعتبرها الكثير منهم بمثابة حكمة يجب أخذها فى الاعتبار. فيما اختلف أحد الحضور يدعى "محمود حامد" من موظفى الهيئة فى الرأى مع ما قاله رئيس الهيئة، حيث اعتبر أن فكرة وضع استراتيجية جديدة وتغيير كل ما هو قائم تماما بالهيئة بفكرة غير صحيحة ولا مجال لتحقيقها فى هذه المؤسسة التى مر على إنشائها ما يقرب من 60 عاما، لافتا إلى أنه من الأفضل البحث عن حلول للمشاكل الموجودة بها رافضا بذلك فكرة الهدم والبناء من جديد. بينما أعرب كثير من الحضور وكان أغلبهم من موظفى الهيئة والعاملين بفروعها عن خشيتهم فى أن يتحول كل هذا الحوار الذى استمر قرابة الأربع ساعات إلى مكلمة دون جدوى أو الوصول لنتائج حقيقية يلمسون تنفيذها على أرض الواقع، فتذكرت نانسى سمير مدير إدارة المهرجانات بالهيئة أنها منذ 9 سنوات عندما كانت موظفة صغيرة اجتمعت وعدد من زملائها بالهيئة فى ملتقى أشبه بالواقع حاليا وطرح الكثير أفكار بناءة ولكن لم يتم تنفيذها، متسألة عن الآلية الجديدة التى سيتم من خلالها تفعيل كل الأطروحات.