منذ نعومة أظافرى وأنا بين صفوف جماعة الإخوان شاباً وطالباً ومحباً ومؤيداً ومنتسباً ومنتظماً وعاملاً، تربيت على حب أساتذتى وقادتى واحترامهم وعاهدت الله على ألا أخرج على رأى الشورى، وإن خالف رأيى، وبايعت على السمع والطاعة فى المنشط والمكره، وفى العسر واليسر، ما لم أؤمر بمعصية أو ترك معروف. وعشت بين الإخوان شاخصاً بصرى لقيادتهم وقائدهم، وذكريات بذلهم وتضحياتهم، وحاضر سجنهم وصبرهم على أذاهم فى المال والحرية. وكأن أستاذى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح من بين هذه القيادات التى كنت أراهم ومازالت رموزاً مشرفة وقامات عليا فى الدعوة والبذل والتضحية بما سمعته عنه وما عرفته من شأنه أحسبه كذلك ولا أذكية على الله وإن أنسى ما أنسى حواره مع قناة "الجزيرة" بعد أزمة أستاذنا الدكتور محمد حبيب وانتخاب مكتب الإرشاد السابقة... ذلك الحوار الذى سكب ماء على حرائق كانت متقدة فى قلوب ونفوس جموع الإخوان، وقتها حمدت الله أن فى الإخوان رجالاًَ مثل أستاذى الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح يجمع ولا فرق يخمد الفتنة ولا يوقظها. واليوم أقف حائراً وأنا أراه يرشح نفسه للرئاسة، مخالفاً رأى جماعته وخارجاً على الشورى التى يراها الإخوان واجباً حالاً ودينا متبعاً، واضعاً جماعته وقيادتها وأفرادها فى حرج بالغ بين اتهامات بخديعة تدبرها الإخوان للالتفاف حول قرارها بعدم الترشح، فتعلن عدم ترشيح واحد منها، ويخرج الدكتور ليرشح نفسه فتعترض الجماعة، ولكن أمام الصندوق يصوتون له.. هكذا نتهم بأننا مخادعون.. جماعتك يا دكتور إخوان وأبناؤك وتلامذتك يتهمون بالكذب والخديعة.. وأنت السبب وشبهات تهدد بشق صف جماعتك شقاً مريراً.. فأنت اختلفت مع الجماعة وهذا حقك وخرجت على رأى الشورى، وهذا ليس من حقك وأنت من الإخوان فهل تحب يا أستاذنا أن يخرج على رأى الشورى كل من خالف هذا الرأى رأيه؟ هل تحب لتلامذتك ألا ينزلوا على رأى الشورى ويخرجوا ليعلنوا ذلك على الملأ؟ هل سيكون هذا فى صالح الجماعة التى عشت عمرك وأفنيته بين شعبها وكتائبها وأسرها ومكتب إرشادها وعنبر سجنائها فى المزرعة؟ وها أنت ثانية يا أستاذنا تضع الجماعة فى حرج أحرج من الأول.. أخ كبير بايع على احترام قواعد ونظام ولائحة الجماعة ورأى شورها يخرج على رأى الشورى وينفرد برأيه عنها.. ماذا تفعل معه؟!! تبقيه بينها ليكون رمزاً لما لا تحبه هى ولا أنت أم تبعده عنها وتخرق قلباً نابضاً بحبها وقلوب نابضة بحبه، وتحزن آلافا من الإخوان لا يتصورون يوما - ولا يحبون أن يتصوروا - أن يتذيل أسم أستاذهم بعبارة "القيادى السابق" أو "المنشق". أسال الله ألا يرينى ذلك اليوم الذى أرى فيه أستاذى وحبيبى فى الله ينزع منى، وأنا وإخوانه ودعوته وتلامذته فى أمس الحاجة إلى قلبه وجهده وأفقه وقربه وقيادته ووجوده المطمئن لجموع أحبائه منا. وتذكر يا أستاذى حين أراد الفاروق أن يقود بنفسه جيش المسلمين، لكن الصحابة أجبروه على العدول عن رأيه وخوفاً منهم على الأمة وجيشها أن حدث له مكروه فى القتال، فنزل الفاروق على رأى الصحابة على حبه للشهادة وشوقه إليها وببركه نزوله على رأى الجماعة من الصحابة وبصدقه الذى علمه الله منه ساق إليه الشهادة وهو فى داره وبين الصحابة وهو يقف مكان رسول الله يؤمن المسلمين فى صلاة الفجر.. ولتعلم يا دكتور أننى كنت أنتوى مهاجمتك فى مقالتى ويبدو ذلك واضحاً فى عنوانها الذى كتبته قبلها.. لكن كلماتى لم تطاوعنى وحبى لك نحا بها منحاً آخر .. قرأته لتوك فحبك كبير فى قلبى وحب جماعتى كبير أيضاً. أرأيت الآن فيم وضعتنى!! "أبايعك بعهد الله وميثاقه على أن أكون جندياً مخلصاً فى جماعة الإخوان المسلمين، وعلى أن أسمع وأطيع فى العسر واليسر والمنشط والمكره إلا فى معصية الله وعلى أثرة على وعلى ألا أنازع الأمر أهله، وعلى أن أبذلك جهدى ومالى ودمى فى سبيل الله ما استطعت إلى ذلك سبيلاً والله على ما أقول وكيل".. هذه بيعتك وبيعتى .. والله أكبر ولله الحمد