بعد ساعات من أحداث إمبابة خرج علينا المتحدث الرسمى مؤكدًا أن الحادث فردى، وليس ظاهرة، وأن مجموعة من البلطجية استغلت الأحداث لصالحها، ومبشرًا بأن إجراءات حاسمة جار اتخاذها خلال الأيام القادمة، لأن الموضوع من أولويات الحكومة..!! وعلامات التعجب من عندى لا من المسئول الحكومى. إذا كنت غير متابع للأحداث فى مصر أو تعيش بعيداً عنها ستظن لأول وهلة على خلفية التصريح الحكومى الهادئ أن أحداث إمبابة خاصة بتسرب غاز أو سحابة سوداء أو أزمة رغيف خبز وسوف تستولى عليك الحيرة وتستغرقك الدهشة وتصاب بحسرة على بلدك عندما تعرف أنها أحداث فتنة طائفية لامبرر لها هذه المرة على الإطلاق، هذا على الافتراض الجدلى أنه يجب أن تكون للفتنة الطائفية أية مبررات فى القرن الواحد والعشرين! نحو عشرة قتلى ومئات المصابين ودورعبادة تحترق من أجل عبير!! وهى لمن لا يعلم الطبعة الثالثة بعد وفاء قسطنطين وكاميليا شحاتة..! فهل يعقل أن تؤثر ثلاث سيدات غيرن ديانتهن فى عقائد ملايين آمنوا بديانات راسخة من آلاف السنين؟! ومن المفارقة أن هذا الحاث وقع عقب قرار مجلس الوزراء بتفويض وزارة الداخلية باستخدام القوة إذا لزم الأمر لردع البلطجية والعابثين باستقرار البلاد، وفيما يبدو أن موظف مجلس الوزراء أرسل القرار إلى جهة أخرى خلاف وزارة الداخلية فقتلت وحرقت وجرحت استناداً لقرار التفويض..! إن المقدمات تؤدى دائما إلى النتائج والتراخى والتهاون والتراجع عن بعض القرارات الحاسمة أو تأخير إصدارها يؤدى إلى فوضى لاحت بوادرها فى الأفق، وبات الأمر لا يحتمل أكثر من ذلك ولن تنجح الفضائيات أو حتى المقالات فى إخماد فتنة أوشكت أن تلتهمنا جميعاً بعد أن أتت على بعضنا. إن قوى الشر والإرهاب والبلطجة كانت فى فترة الريبة وجس النبض، فقطعت أذن مواطنا، وتظاهرت أمام دار عبادة لها قدسيتها بعد أن هدمت أخرى، وتطاولت على رموز دين سماوى نؤمن به جميعاً ونحترم معتنقيه، ثم حطمت منصة قضاء، ولما لم تجد من يردعها تمادت حتى قتلت وحرقت وجرحت، فماذا نحن فاعلون الآن؟! لا حل إلا سيادة القانون فورًا بكل حسم وشدة. عندما يخرج علينا المتحدث الرسمى لمجلس الوزارء ليقول إن هذا الأمر سيتم اتخاذ إجراءات بشأنه وسيكون من أولويات الحكومة فى الأيام القادمة فهو أمر أشبه بجريح ينزف بغزارة، فأتى الطبيب، وبعد أن شاهده تركه وجلس مع جيرانه ليحدثهم عن قرب التعاقد مع سيارات إسعاف جديدة خلال أيام مع توفير فصائل دم مختلفة لمواجهة حالات النزيف المفاجئ، وبينما تتعالى صيحات الجيران تهليلاً وتصفيقاً لتصريحات الطبيب الوردية يترامى إلى سمعك فى خلفية المشهد صوت أنين الجريح وهو يحتضر قبل أن تصعد روحه إلى السماء..!