كشف السفير الدكتور محمد نعمان جلال مساعد وزير الخارجية الأسبق والخبير فى الدراسات الإستراتيجية الدولية وحوار الحضارات بالبحرين وقضايا مجلس التعاون الخليجى والذى ضمت الموسوعة الدولية لأهم الشخصيات اسمه بين صفوفها عن أسرار جديدة تتعلق بالتداخلات الإيرانية ضد الخليج ودورها فى الأحداث الأخيرة وزعزعة الاستقرار فى مملكة البحرين . وقال الدكتور جلال لليوم السابع، إن طائفة أهل السنة والجماعة ظهرت كقوة سياسية فى المجتمع البحرينى عقب الأحداث الأخيرة، مضيفا أن مسجد الفاتح أكبر مساجد السنة فى البحرين شهد تجمع ما يقرب من"400" ألف شخص سنى وشيعى ومسيحى ويهودى من مختلف الطوائف لم يجمعهم الدين بل السياسة للوقوف ضد المخططات الإيرانية فى مملكة البحرين بعد دعوة من العالم والمفكر والأستاذ الجامعى خريج جامعة الأزهر الشريف الدكتور عبد اللطيف آل محمود الذى كان معارضا سابقا فى التسعينات من القرن الماضى ثم أصبح يقود التيار العقلانى داخل الأوساط السنية بعد أن فقد الشعب ثقته فى السلفيين والإخوان المسلمين ومواقفهم مما أدى إلى إخفاقهم فى انتخابات عام 2010 فى مجلس النواب بصورة مريعة. وأوضح السفير جلال أن هناك بعض الجمعيات السنية اليسارية مثل جمعية وعد ، والمنبر الديمقراطى قاموا بالتحالف مع الجمعيات الشيعية ضد النظام الحاكم فضلا عن تراجع الفكر اليسارى والقومى بوجه عام مما أدى بدوره إلى عقب إخفاقهم فى الانتخابات ولم يحصلوا على أى مقعد ولذلك وجدوا أنفسهم فى تحالف مصلحى مع جمعية الوفاق الشيعية وهذا من المفارقات السياسية التى تجعل جمعيات يسارية تتحالف مع جمعيات شيعية دينية ترتبط بمبدأ ولاية الفقيه الذى روجت له الثورة الإسلامية فى إيران التى قادها الأمام الخمينى والتى لا يتفق بشأنها كافة فصائل الشيعة وخاصة معظم الشيعة العرب. وأضاف أن السياسة تجعل رفقاء متناقضين ينامون فى سرير واحد كما يقول المثل، ومن هنا شاركت تلك الجمعيات اليسارية فى الاحتجاجات الأخيرة مما يدل على وجود أهداف سياسة وطائفية وصلت إلى رفع سقف المطالب للمطالبة بإسقاط النظام الملكى بعد 4 أيام من الاحتجاجات ويتردد فى البحرين خاصة الدوائر العقلانية أن المتطرفين خطفوا حركة الوفاق التى بدورها خطفت الطائفة الشيعية الكريمة وتابعهم جمعيات سياسية يسارية سعيا للحصول على مغانم سياسية لم يحققوها بالانتخابات الديمقراطية الحرة والتى شهد الجميع بنزاهتها بدليل أن أكبر الكتل السياسية فى مجلس النواب من طائفة الشيعة المنتمين لجمعية الوفاق، وليس كما حدث فى مصر من انتخابات مزورة فاز فيها الحزب الوطنى بمفرده وأشاد الدكتور جلال إلى أنه تم احتواء الحركة الاحتجاجية بإتباع أربعة وسائل وهى الاستجابة الذكية من الحكومة بسحب قوات الأمن والقوات العسكرية وإطلاق مبادرة ولى عهد البحرين بالدعوة للدخول فى حوار وطنى مع المعارضة وكافة القوى السياسية والمجتمعية ذات المصلحة فى استقرار البحرين والمحافظة على أمنها وسيادتها وبدون شروط مسبقة وبدون وضع سقف للنقاش والحوار. كما عملت الدبلوماسية البحرينية فى التحرك السريع لتوضيح الحقيقة للرأى العام العالمى وهى أن الحركة الاحتجاجية فى البحرين والخليج تختلف عن ثورتى مصر وتونس وذلك بشرح حقيقة التدخلات الإيرانية للدول الغربية وخاصة أمريكا وأوروبا، وكذلك شرح الموقف الإيرانى الذى يسعى إلى زعزعة الاستقرار بالخليج وخاصة إصراره على تسميته بالخليج الفارسى وعدم الاعتراف بسيادة دولة الإمارات العربية المتحدة على جذورها الثلاث التى احتلتها إيران منذ عام 1971 وأعلنت مؤخرا إنها جزر فارسية وتسعى لإنشاء محافظة باسم محافظة الخليج الفارسى وترفض أى مساعى سلمية لتسوية المشكلة فى أطار الفصل السادس من ميثاق الأممالمتحدة أو أية وسيلة سلمية أخرى. أوضح جلال أن دخول قوات درع الجزيرة جاء بعد أن شعرت دول الخليج أنه لو سقطت البحرين سوف تسقط دول أخرى لذلك قدمت 20 مليار دولار لدولتى البحرين وسلطنة عمان بواقع 10 مليارات دولار لكل دولة على مدى عشر سنوات لتعزيز برامج التنمية فى هاتين الدولتين. وأوضح أن دخول القوات جاء بناء على المادة الثانية لمعاهدة الدفاع المشترك لعام 2000 والخاصة بمجلس التعاون الخليجى والتى تنص على أن أى تهديد خارجى أو خطر داخلى لأية دولة من دول مجلس التعاون الخليجى يمثل تهديدا أو خطرا لها جميعا وارتباطا بذلك فان الدول الخليجية وجدت الأوضاع فى البحرين تمثل خطرا ومن المحتمل أن تؤدى الى تهديد خارجى فى ضوء التصريحات الإيرانية العديدة من كافة المسئولين فى تناغم عجيب، بالإضافة إلى المؤمنين بمبدأ ولاية الفقيه أمثال رئيس الوزراء العراقى نورى المالكى وزعيم حزب الله اللبنانى حسن نصرالله اللذين أدليا بعدة تصريحات تساند الشيعة فى البحرين تماشيا مع التصريحات التى أدلى بها القادة الإيرانيون وهذا يظهر بوضوح التناغم والارتباط بين هذه الأطراف والتى سبق أن أطلق عليها الملك عبد الله الثانى ملك الأردن بسعى إيران لإنشاء هلال شيعى فى منطقة الشرق الأوسط العربية. وأضاف السفير جلال، أن التصريحات الإيرانية والطائفية كان لها اثر فى تغيير الموقف الاستراتيجى لدول الخليج العربية وهى تصريحات غير ذكية وغير موقفة وكشفت حقيقة النوايا الإيرانية فى السيطرة على الخليج والإصرار على تسميته بالخليج الفارسى وهى التسمية التاريخية التى عفا عليها الزمن متناسية وجود سبع دول عربية على شاطئ الخليج. ونفى جلال أن يكون وجود قوات درع الجزيرة تدخلا فى الشئون الداخلية للبحرين بل لحماية أمن دول الخليج العربية وبناء على دعوة من عضو فى المجلس ضاربا المثل بما حدث من دخول القوات السورية لبنان فى السابق بناء على دعوة الحكومة اللبنانية ومباركة الجامعة العربية، وأوضح أن ثمة فارقا جوهريا هو أن قوات حفظ السلام العربية بقيادة سوريا فى لبنان تدخلت فى فض الاشتباكات بين الإطراف اللبنانية أما قوات درع الجزيرة فلم تتدخل بل اقتصرت مهمتها على أمرين حماية حدود البحرين من أى خطر أو تهديد محتمل وحماية المنشئات الحيوية فى داخل البحرين ولم تحتك بالمواطنين . وأن هذه القوات دخلت كعمل استباقى للتصريحات الإيرانية التى اعتبرت تهديدا للبحرين وحتى يتفرغ جيش البحرين للوضع الداخلى وتكون مهمة قوات درع الجزيرة حماية الحدود والمنشات وأضاف بان عدد هذه القوات محدود فهى ألف عسكرى و500 شرطى ولا تؤثر فى التوازن الاستراتيجى، ولكن لها قيمة معنوية إذ تعبر عن التضامن الخليجى وفقا لمبدأ الدفاع الشرعى المنصوص عليه فى المادة 51 من ميثاق الأممالمتحدة فى إطار مفهوم الاستعداد الاستباقى الذى لا ينتظر التدخل الأجنبى بل يستعد لاحتمالاته، ومن ثم فهى قوة ردع سلبية. وأشاد السفير جلال بموقف وزير الخارجية المصرى نبيل العربى وتصريحاته المؤيدة لأمن الخليج باعتباره مرتبطا بالأمن القومى المصرى وأن هذه التصريحات لقيت استحسانا كبيرا فى البحرين وتعبر عن استمرارية المبدأ الاستراتيجى الأمنى المصرى كما تعكس روح معاهدة الدفاع المشترك بين دول جامعة الدول العربية. وردا عن استفسار حول المرشح المصرى لمنصب أمين عام جامعة الدول العربية أوضح الدكتور جلال أنه يتمنى أن يكون الدكتور نبيل العربى فهو شخصية ذات رؤية إستراتيجية وخبرة قانونية وسياسية كبيرة وتولى أعلى المناصب الدولية المتسمة بالحيدة والعقلانية والنزاهة كقاض فى محكمة العدل الدولية وأن له علاقات دولية واسعة وله دور فى تسوية النزاعات الدولية وخاصة مشكلة طابا وفى الرأى الاستشارى لمحكمة العدل الدولية حول السور العنصرى العازل الذى إقامته إسرائيل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة إذن هو إنسان واسع الأفق غزير العلم والخبرة الدولية وهذا ما تحتاجه الجامعة العربية فى هذه المرحلة واستطرد قائلا إننى اعتقد أنها مسؤولية وطنية وقومية عليه أن يستجيب لها فهذا نداء الواجب ومسئوليته تجاه آمته العربية فى هذه الظروف الدقيقة التى تواجه تحديات بالغة الخطورة داخليا وإقليميا ودوليا.