فى جلسه ساخنة بينى وبين بعض الأشخاص المقربين – المفروض أنهم مقربون – دار الجدل حول الاستفتاء، هانقول نعم أم لا؟ قال أحدهم: أنا هاقول نعم أصل إحنا مش مؤهلين لسه للديمقراطية، شوفى البلد بيحصل فيها إيه؟ البلطجية فى كل مكان والسرقة والنهب والخراب. قلت له: مش مؤهلين يعنى أطفال وإيه علاقة البلطجة بالديمقراطية؟ ما كل انتخابات سابقة كانت مليانة بلطجية، ومين أصلاً اللى فتح للبلطجية دول؟ ردت زوجته: ده كيلو الطماطم بقى بخمسة جنيه والعيش مش عارفين نشتريه من الزحمة. قلت: وهو كليو الطماطم مش كان بيوصل لثمانية جنيه قبل كده والعيش ده كان بيجى لك فى جواب ولا كانت الناس بتقتل بعض فى طوابير العيش؟ قال الزوج إنتى عارفة موضوع خالد سعيد ده طلع فشنك ده اتضح أنه عايش ومفيش حد اتقتل ولا حاجة. قلت: إذا كانت والدته خرجت بنفسها وحكت عن حادثة قتله وصوره اللى انتشرت فى كل حه دى كانت فشنك برضه؟ قالت أخرى: شوفى المساجين اللى هربوا من مركز بلبيس ودخلوا على المدارس وقتلوا ظابط وسرقوا الناس فى عز الضهر. قلت: ومين اللى هرب المساجين دى أصلاً؟ وقالت أخرى: لا دول بيقولوا ان المساجين هما اللى كانوا بيدافعوا عن المركز لما البلطجيه كسروه عشان يهربوهم وهما رفضوا بعد ما طلعت إشاعة أن المساجين دى هاتترحل لوادى النطرون. قلت: الحمد لله إن فيه حد لسه بيفهم الأحداث. قال آخر: أنا هاقول نعم عشان البلطجية دى كلها تتلم والوضع يرجع زى الأول والبلد تستقر بدل ما الجيش يمسكها أكتر من كده وتحلو فى عينهم وما يرضوا يسيبوها. قلت: ومين اللى قال إن البلطجية هاتتلم لما نقول نعم؟ وبعدين ماحنا بقالنا اكتر من خمسين سنه مساكنا الجيش وعايشين زى الفل اهو. رد: ما هو أول ما الرئيس الجديد يتنخب البلد هاتستقر وهاترجع زى الأول. قلت: يعنى هو الرئيس الجديد هو اللى هايلم البلطجية؟ دى مش شغلته أصلا دى شغله البوليس ووزارة الداخلية وبعدين ما هى الثورة دى قامت أصلا عشان نغير الوضع اللى أنت عايزة يرجع زى الأول. قال آخر: ما هو هايكون فيه وزاره بقى تشتغل بجد. قلت: طب ما هو فيه وزارة حالياً برئاسة عصام شرف قالت الأولى: أنا مش هاروح انتخب ولا هاخرج خالص يعنى هى جت على صوتى أنا؟ قلت: ده حقك اللى الثورة بتطالب بيه ويمكن صوتك يرجح كفة الميزان، وبعدين ما انتى لما ترفضى تروحى صوتك ممكن يتزور، وبالتالى الرئيس الجديد يرفض تغيير الدستور ونرجع زى الأول رئيس مدى الحياة. قالت: لا ماهو ساعتها يبقوا يخرجوا ويتظاهروا تانى. استمر الجدل بيننا كثيراً جداً وفى الآخر لم يقتنع أحد منا بوجه نظر الآخر، خصوصاً مع ظهور منشور يوزعه شباب الإخوان المسلمين والذى يقول إن العلمانيين والليبراليين - وهى كلمات ترادف الكفرة – هم فقط من سيقولون لا وذلك حتى يتم تغيير الدستور وتغيير الماده الثانيه والتى تنص على أن مصر دوله إسلامية وأن ذلك من مصلحه الأقباط. بعد ساعات من الجدال ترحمت على أيام مبارك الذى كان واخد باله منا وموفر علينا وجع القلب وبيختار لنا الأصلح له ولأولاده. كيف ننتظر من شعب لم يأخذ قراراً حقيقياً فى حياته منذ سبعه آلاف سنة أن يتغير فى خلال عدة أسابيع ليعرف كيف يتنفس الحرية والديمقراطية؟ كيف ننتظر من شعب تعود على الفراعين أن ينتخب رئيساً كل أربع سنوات، فلا يجد من يقول له يا بابا؟ كيف ننتظر من شعب ريح دماغه من زمان وملاها حشيش وبانجو وعندما يشح الحشيش يعمل دماغ قراقيش أنه يشغلها ويفكر فيما هو أصلح له؟ هذه هى المرة الأولى التى سيتاح للشعب أن يقول رأيه بصراحة - باعتبار أن محدش هايزور ربنا كريم برضه – ولكن هل ستظل هناك فئات سلبية مثل الأيام السابقة وهل نحن فعلاً غير مؤهلين للديمقراطية؟