حذرت صحيفة "شينخوا ديلى تليجراف" الصينية فى تعليق نشرته اليوم، الاثنين، مما أسمته "لعبة أمريكية محفوفة بالمخاطر فى الشرق الأوسط". وأشارت إلى أنه مع الضغط العصبى للاضطرابات التى حدثت ولا تزال فى بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بدت الولاياتالمتحدة تتوق إلى الظهور فى دائرة الضوء، وتقوم بدق طبول "الديمقراطية"، بيد أن التدخل الأمريكى الواضح للغاية فى شئون هذه المنطقة، يطرح سؤالاً مشروعاً عن القصد الحقيقى للولايات المتحدة حول ما تسميه "تعزيز الديمقراطية". وأوضحت الصحيفة أن مجرد متابعة لسجل المسار الأمريكى فى الماضى ينتهى بنا إلى نتيجة واضحة، مفادها أنه أياً كان القصد وراء حجة الولاياتالمتحدة من "مكافحة الإرهاب" أو"تعزيز الديمقراطية"، فإن ما تسعى الولاياتالمتحدة إلى تحقيقه هو هدفها الوحيد والأبدى والمتمثل فى تعظيم مصالحها الذاتية، خاصة وأن منطقتى الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لهما أهمية بالغة الحيوية بالنسبة لواشنطن. وتابعت: من الناحية السياسية والأمنية، فإنه بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 الإرهابية التى هزت العالم، أطلقت الولاياتالمتحدة حربين فى أفغانستان والعراق، فى محاولة للقضاء على شبكة القاعدة الإرهابية والشبكات التابعة لها، وإحباط أية محاولة مماثلة لشن هجمات إرهابية أخرى على الأراضى الأمريكية". وعلى مر السنين، تحاول أمريكا جاهدة بيع قيم الولاياتالمتحدة وأنظمتها السياسية لشعوب هذه المنطقة، بأمل تقويض القوى المناهضة للولايات المتحدة وتدعيم قيام أنظمة جديدة هناك. ومن الناحية الاقتصادية، يعد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مصادر حيوية للطاقة بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تشكل احتياطيات النفط الخام والغاز الطبيعى فى المنطقة 60% و45% من الإجمالى العالمى على التوالى، وتستورد الولاياتالمتحدة حاليا أكثر من 4 مليارات برميل من النفط سنويا يأتى 45% منها من الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ومن ثم، فإن حماية مصالح الولاياتالمتحدة من النفط فى المنطقة كان له دائما الأولوية فى سياساتها الخارجية، ولعل أقوى دليل على ذلك ما قاله رئيس بنك الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى السابق الآن جرينسبان من قبل بأن الحرب التى تقودها الولاياتالمتحدة فى العراق ترتبط إلى حد كبير بالنفط. وأوضحت صحيفة (شينخوا ديلى تليجراف) الصينية "واليوم تحث الولاياتالمتحدة الزعيم الليبى معمر القذافى بشدة على التنحى، وللجميع كل الحق بأن يتشككوا فى الدوافع الأمريكية، نظراً لأن ليبيا لديها أكبر احتياطى للنفط فى أفريقيا، ومن خلال نشر القيم والأنظمة السياسية على الطريقة الأمريكية تريد واشنطن استغلال الجانب الأخلاقى، من خلال ما يطلق عليه جهود بناء الديمقراطية، فيما تهدف إلى أخذ زمام المبادرة والحفاظ عليها وتعزيز مصالحها الخاصة هناك وتدعيمها". بيد أن الولاياتالمتحدة، كشأنها دائما، تتبع هذه المرة أيضا معياراً مزدوجاً فى الدعوة إلى "الديمقراطية" فى المنطقة، فهى تهاجم بشدة حكومات الدول التى ليست لها علاقات جيدة تقليدية مع واشنطن مثل إيران وليبيا، فيما لا تتحدث كثيراً عن الدول التى تحتفظ بعلاقات أوثق معها على مدى السنين. ولفتت الصحيفة الصينية إلى حقيقة يصعب تجاهلها، وهى أن تدخل الولاياتالمتحدة فى الشئون الداخلية للدول الأخرى بحجة الديمقراطية، يؤدى فقط إلى الاضطرابات فى المنطقة، ويعد العراق مثالاً حياً على ذلك، فقد شنت الولاياتالمتحدة حرب العراق عام 2003، وأسقطت نظام صدام حسين.. ولكن العراق دولة وشعب يعانى الكثير منذ نشوب تلك الحرب غير الشرعية. وخلصت (شينخوا ديلى تليجراف) إلى القول: "لاشك فى أن الاضطرابات فى بعض دول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أدت إلى تأثير سلبى بالفعل على الاستقرار السياسى والتنمية الاقتصادية فى هذه المنطقة وفى العالم أجمع، لكن دروس التاريخ تؤكد أن أى تدخل أجنبى يقوم على المصلحة الشخصية، مهما كانت بلاغة الوعود والتصريحات، لن يفيد فى نهاية المطاف وعلى أى نحو الاستقرار لا فى تلك المنطقة ولا فى غيرها من سائر مناطق العالم الأخرى.